تدبر القرآن
من تدبَّر القرآن كله= لن يجد أحدًا لجأ إلى الله تبارك اسمه في ضرٍّ فردَّه قط، ولو كان السائل لئيمًا أو مُشركًا! والقرآن مليء بشواهد هذا، حتى إنه جاء كقاعدة كلية تدلك على جليل كرم الرب، ثم على خسة كثير من النفوس المعتمة بظلمات الجحود: " قل من ينجيكم من ظلمات البر والبحر تدعونه تضرعًا وخُفيةً لئن أنجانا من هذه لنكونن من الشاكرين! قل الله ينجيكم منها ومن كل كربٍ...ثم أنتم تشركون " !
وإنه ليكشف ضرَّ من لاذ به ولجأ إليه، وهو يعلم خَبْءَ قلبه ودنَسَ نفسِه الآسنة، وهي تتململ في المحنة تتلمس منافذ الفَرَج، فيمُنُّ تبارك اسمه بجميل جوده وعظيم إحسانه، ويكشف الكرب ويطوي بساط المحنة، فيخرج بعض الناس من وطأة المحنة بفضل ربه عليه، وأول ما ينساه هو فضل ربه عليه!
وفي القرآن بيان أليم عن هذه الخسة العاقر، فيقول ربنا تبارك اسمه في صفة ذلك الجحود الكنود: " وإذا مسَّ الإنسانَ الضرُّ دعانا لجنبه أو قاعدًا أو قائمًا فلما كشفنا عنه ضره مرَّ كأن لم يدعنا إلى ضُرٍّ مسَّه " !
وفي لفظة مرَّ هذه من الدلالات والمعاني ما فيها!
فليطمع العبد في كرم ربه بكشف الضر؛ فلا أعظم كرمًا منه!
وليُخَلِّص نفسه من شوائب الزيف والخسة؛ ليكون ممن يشكر ربه ويأوي إليه في السراء والضراء لا يفارق معنى العبودية والفقر، فإنه لا ملجأ من الله إلا إليه!
مختارات