لكل شيء علامة!! فما علامة اهتمامك بدعوتك؟ (3)
3- ذاتية الانطلاق والاستمرار:
صاحب الرسالة لا يحتاج إلى سماع صرخة استغاثة ضحية تحتضر بين يديه لينتفض، ولا يحتاج إلى من يذكِّره بدوره بل هو من يذكِّر غيره، فما نزل بالأمة يوقظ الأموات ويطرد السبات.
يا صاحب الرسالة..
إذا وجدت صفا معوجا فقوِّمه، وإن لم تجد صفا فكن أنت الصف، ولك -إن فعلت- أجر السبق وثواب الأوائل وحسنات كل من اصطف خلفك وحذى حذوك!!
يا صاحب الرسالة..
لا تحتاج مني أن أذكِّرك بأنك لست حامل رسالة بل صاحب رسالة، وفارق شاسع بين الاثنين.
• أنت الذي تخاف على دعوتك وتبذل في سبيلها فوق ما تستطيع.
• أنت الذي تستفرغ كل ذرة جهد لها لا تبخل أو تدَّخر.
• أنت الذي تنام وتستيقظ على هَمٍّ وحيد: أن تنتصر الدعوة وتسود.
• أنت الذي تستشعر أجَلَّ نعم الله عليك: أنك قمت ونام غيرك، وبذلت وبخل غيرك، وسهرت ونام غيرك، وتألمت فعملت وتبلدت مشاعرهم فاستراحوا.
أخي صاحب الرسالة..
لست موظفا حكوميا يؤدي عمله في أوقات العمل الرسمية ثم ينصرف، حاشاك.. بل أنت صاحب عمل تؤرِّقه خسارته فلا يهدأ حتى تشرق على دعوته شمس الأرباح، ويحتال لها ويصل الليل بالنهار من أجلها حتي يبلغ غايته ويحرز هدفه، ويظلُّ يُفكِّر ويسهر ويجرِّب ويتعب حتى يربح دينه ويُقبِل الناس على فكرته، أنت من قال فيه البحتري:
متقلقلَ الأحْشاءِ في طلب العُلا... حتَّى يكونَ على المعالي قيمِّا
خير الكلام ما قلَّ ودلَّ:
أنت صاحب هَمٍّ جليل وأمل نبيل لا يقطعه عنك سوى الموت.
يا ذاتي الانطلاق والحماس..
أنت ما كنت يوما إمعة ولن تكون..
وأنا واثق أنك لن تنجرف مع تيار الغفلة المحيط بك إحاطة السوار بالمعصم، ولن يكون أقصى طموحاتك ومنتهى آمالك أن لا تتأثَّر به بل أن تُزيله من الوجود.
أنت ضوء لا يسُبُّ الظلام بل يُبدِّده.. لذا لا تُلقي باللائمة على غيرك.. فقد تربَّيت على أن الشكوى علامة ضعف واعتراض على الخالق مما لا يليق بصاحب دعوة مثلك!!
يا حامل الأمانة..
لا يتحرَّك بمُحرِّك إلا خامل، وهذا لا يقوم إلا إذا سمع صيحة: قم يا فلان، ولست من هؤلاء، لذا لا تنتظر الخطط لتتحرك، ولا يعوزك التحفيز لتنطلق.
وأخيرا.. لا يفهم هذه المعاني إلا من يعاني، وصاحب الرسالة ما كان يوما على الدعوة عالة بل شامة، فأرنا التصدي للبذل؟! وأظهِر الشوق للتعب؟! وارتدِ ثوب العمل.
مختارات