اسم الله المقيت 2
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .
من أسماء الله الحسنى : ( المقيت ) :
أيها الأخوة الكرام ، لا زلنا في اسم " المقيت " .
المقيت هو الذي خلق القوت المادة الأساسية التي لا يستطيع الإنسان الاستغناء عنها :
" المقيت " هو الذي خلق القوت ، والقوت ما يمسك الرمق من الرزق ، الحد الأدنى ما يقوت الإنسان ، ما يقيم أوده ، ما يجعله يقف على قدميه ، أي هناك أنواع من الفواكه ليست قوتاً .
" فَوَاكِهُ وَهُمْ مُكْرَمُونَ " [الصافات:42] من نوع التكريم ، من باب الود ، لكن القمح ، والعدس ، والحمص ، والمحاصيل الأساسية هذه أقوات .
الآن يصنعون هذه الأقوات وقوداً للطائرات ، لذلك ترتفع الآن أسعار المواد الغذائية على الشعوب الفقيرة من أجل أن يركب الأغنياء الطائرات بوقود لا يسبب التلوث .
فالقوت المادة الأساسية بالتعبير المعاصر المحصول الاستراتيجي ، القمح ، هناك حرب قمح،هناك حرب مياه .
لذلك " المقيت " هو الذي خلق القوت ، والقوت ما يمسك به الرمق ، من الرزق ما يقيت الإنسان ، ما يقيم أوده ، ما يجعله يقف على قدميه ، ما يعينه على مزاودة نشاطه .
فالخبز من القوت ، والحليب من القوت ، كان عليه الصلاة والسلام إذا شرب اللبن قال : " اللَّهمَّ بارك لنا فيه وزِدْنَا منه " [ابن ماجة] .
العلاقة بين الغذاء والذكاء :
إخواننا الكرام ، هناك مصطلحات جديدة ، هناك جوع كمي ، وجوع نوعي ، الجوع النوعي لا يوجد مواد أساسية بالغذاء ، لا يوجد بروتينات كافية ، لا يوجد مواد مرممة ، لا يوجد مواد فيها فيتامينات ، لا يوجد مواد فيها معادن ، فهناك جوع نوعي ، أكل ، وملأ معدته ، وشبع لكن ما استوفى حاجته من الغذاء .
لذلك من أحدث البحوث العلمية ، أن هناك علاقة بين الغذاء والذكاء ، أية جهة في الأرض تقلل القيمة الشرائية للعملة بحيث لا يستطيع الموظف أن يؤمن لأهله الغذاء النوعي ، لا الغذاء الكمي ، هذا عمل يسيء للأمة .
لذلك من أحدث البحوث أن هناك علاقة بين الغذاء وبين الذكاء ، وقد تعاني الأمة من جوع نوعي ، لا من جوع كمي ، هذا الإنسان يحتاج إلى طعام ، والذي خلقه خلق له الطعام ، وجعل توافقاً بين هذا الطعام وبين بنية جسم الإنسان ، ثم هيأ في هذا الجسم أجهزة لتلقي هذا الطعام ، ولهضمه ، ولتحويله إلى طاقة ، وإلى نسج .
خلق طعام ، وتوافق مذهل بين خصائص هذا الطعام وبين خصائص جسم الإنسان ، وأجهزة بجسم الإنسان تستقبل هذا الطعام ، وتحوله إلى طاقة ، وإلى نسج .
الغدة الثديية في البقرة من آيات الله الدالة على عظمته :
إخواننا الكرام ، الأطفال الذين يشربون الحليب ليس من ثدي أمهم هذا الحليب فيه من المواد خمسة أضعاف ما يتحمله جهاز هضم الطفل ، فيه حموض أمينية خمسة أضعاف ما يتحمله جسم الطفل ، لذلك هناك آفات قلبية ووعائية في المستقبل ، تنشأ من عدم إرضاع الأطفال من ثدي أمهم .
لذلك معامل الحليب الآن ملزمة أن تكتب : لا شيء يعدل حليب الأم ، عملية خلق للطعام ، عملية توافق ، عملية خلق أجهزة بالجسم تستقبل هذا الطعام ، مثلاً : الغدة الثديية في البقرة ، في قبة ، يجول في أعلاها أوعية دموية كثيفة جداً ، وهذه الخلية الثديية تأخذ حاجتها من الدم الذي يجول على ظهرها .
" مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ " [النحل:66] بالدم يوجد حمض بول ، حمض البول فرث سائل ، وهناك فرث غازي الزفير ، وفرث كتلي ، الشيء الآخر .
إذاً هذه الخلية الثديية هي عاقلة ، تختار المواد ، السكريات ، الشحوم ، الدهون ، البروتينات ، المعادن ، أشباه المعادن ، الفيتامينات من الدم ، وتصنعها حليباً ، ويقطر من أسفل هذه الخلية قطرة حليب ، أما كيف تختار هذه الخلية حاجتها من الدم ؟ لا أحد يعلمه إلا الله .
إلا أن هذه الخلايا الثديية التي كالقباب تمنح الحليب من الطبقة السفلى إلى درع البقرة ، درع البقرة قد يستوعب إلى أربعين كيلو غرام ، لئلا يتمزق هذا الضرع مدعم بجدارين متعامدين ، يعني وفق علم الميكانيك ، وكل ربع من هذا الضرع ينتهي بحلمة ، لو أن أربعة أشخاص شركاء في بقرة واحدة ، كل واحد يأخذ ربع الحليب بالتمام والكمال ، من جعل هذه البقرة المعمل الصامت ، لا ضجيج ، لا دخان ، تأكل الحشيش وتعطيك أعلى غذاء تستخدمه ، مشتقات الألبان .
" وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ " [النحل:5] الآن كم لتر من الدم يجول في الأوعية الدموية المحيطة بالخلايا الثديية ؟ أربعمئة ضعف ، كل أربع لتر دم تجول في هذه الأوعية يصنع منها لتر حليب واحد .
من معاني المقيت :
1 ـ المقتدر على خلق الأقوات وخلق التوافق وخلق الأجهزة :
أيها الأخوة ، إذاً " المقيت " هو المقتدر على خلق الأقوات ، وخلق التوافق ، وخلق الأجهزة ، فالمقتدر له معنى علمي ، ومعنى قدرة ، المقتدر علماً ، وقوة .
2 ـ الحفيظ :
بعض العلماء يقول : " المقيت " هو الحفيظ ، ما الذي يحفظ لك صحتك ؟ " المقيت " حينما يسد شريان يغذي القلب ، ما الذي يحصل ؟ تنشأ شرينات قد تصل إلى عشرة شرينات مجموع أقطارها يساوي هذا الشريان المسدود ، قدرة من ؟ .
قدرة الله عز وجل على حفظ صحتك :
أيها الأخوة ، القلب مثلاً حينما نبرده يقف ، نبدل صمامه ، نبدل بعض حاجاته كالأوعية المغذية له ، ثم نعطيه صعقة كهربائية فيعمل ، لو أن القلب إذا بردناه وسكن ولا يستجيب للصعقة ، ألغيت عمليات القلب كلها ، ما الذي يجعل العمل الجراحي للقلب ناجح ؟ أن من خصائصه أنك إذا بردته فسكن ، إن أعطيته صعقة بعد أربع ساعات يعود فيعمل ، لولا هذه الخاصة ما في جراحي إطلاقاً .
أيها الأخوة ، الخلية العظمية حينما ينمو جسم الإنسان ويكتمل ، هذه الخلية تنام لكنه إذا حصل كسر بعد السبعين تعيد ترميم القسم المكسور .
هناك ميكانيكي ، أو من يعمل في السيارات ، حينما تكسر قطعة في السيارة يقول لك : دعها بعد حين تعود ملتصقة ، شيء مضحك ، أما في جسم الإنسان مهمة جراح العظام أن يضع طرف العظمة مع طرفها الآخر ، وعندئذٍ تستيقظ هذه الخلايا ، وتلتئم قطعتا العظم الذي كُسر .
خلية الكبد ، الكبد أحياناً يقوم من 500 وظيفة إلى 5000 وظيفة ، كل خلية من خلايا الكبد تقوم بكل الوظائف ، لذلك حينما يضطر الطبيب يستأصل القسم المتشمع من الكبد ، لو أنه استأصل أربعة أخماس الكبد، أسرع خلية بالنمو خلية الكبد ، يعيد الكبد بناء نفسه بأربعة أسابيع ، من أعطى هذه الأجهزة تلك الخصائص ؟ .
أحد أخوتنا الكرام يعمل جراح قلب في بيروت ، قال لي : استأصلت أربعة أخماس الكبد بالمشرط ، وبعد أربعة أسابيع أعاد الكبد بناء نفسه .
كليتا الإنسان فيها عشرون ضعفاً من حاجة الإنسان لتصفية الدم ، عشرون احتياطاً .
تكفل الله عز وجل برزق الإنسان بعد أن خلقه :
أيها الأخوة، من معاني " المقيت " الحفيظ ، يحفظ لك هذا الجسم ، هناك جهاز توازن معقد جداً ، قنوات ، وأشعار ، وسائل ، لما تميل قليلاً السائل يبقى مستوياً ، لما تميل يصل السائل إلى أشعار معينة ، أنت تغير ، لولا هذه الأشعار ، وهذا الجهاز ، لا يوجد راكب دراجة ، لا يوجد إنسان يمشي ، هل بالإمكان أن نجعل ميتاً يقف ؟ لا يقف ، بل حتى هذه التماثيل في محلات الألبسة النسائية ، انظر إلى القاعدة ، سبعين سنتيمتر ، حتى هذا الجسم يبقى منتصباً يحتاج إلى قاعدة استناد واسعة جداً ، أما أنت بقدمين لطيفتين تمشي ، تقف وتستقر بفضل جهاز التوازن في الأذن ، لولا هذا الجهاز الإنسان ما فيه يمشي .
من معاني " المقيت " يعني الحفيظ .
الآن كي يطمئنك ربك عز وجل قال لك : " اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ " [الروم:40] جعل الفعل بصيغة الماضي .
" اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ " [الروم:40] .
الله عز وجل مقيت يخلق قوت الأشباح ويرزق قوت الأرواح :
الآن هناك موضوع جديد ، الله عز وجل خلق قوت الأشباح ، هذا الجسم شبح ، لماذا هو شبح ؟ لأنه بعد الموت يفنى ، هذا اسمه عالم الأشباح ، هذا الجمع الغفير المبارك أعتقد بعد مئة عام لن يكون أحد منا فوق الأرض ، ولم يبقَ من جسمه إلا العظام .
أنا كنت في البحرين ودخلنا إلى متحف البحرين ، وجدنا عظاماً من ألفي عام قبل الميلاد ، هذا الذي بقي من هذا الإنسان ، قبر يعود تاريخه إلى ألفي عام قبل الميلاد .
هذا العالم عالم الأشباح .
" كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (26) وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ " [الرحمن:26-27] لذلك الله عز وجل مقيت يخلق قوت الأشباح ( الأجسام ) لكن ويرزق قوت الأرواح ، لذلك هناك مصطلح عند علماء القلوب اسمه قوت القلوب ، كما أن الجسم يحتاج إلى قوت ، والنفس تحتاج إلى قوت .
مثلاً : ابن بالبيت ، الأب أطعمه ، في طعام ، ثلاث وجبات ، طعام جيد ، في لباس ، في مرافق بالبيت جيدة جداً ، لكن هذا الأب لا يكلم هذا الابن ، يتحطم ، هذا الابن يحتاج إلى قوت آخر ، يحتاج إلى أن يضمه أبوه ، يحتاج إلى أن يداعبه ، إلى أن يبتسم في وجهه ، إلى أن يسأله عن أحواله ، هذا قوت آخر .
لذلك المربون يعلمون هذه الحقيقة ، لا يكتفي الأب المربي أن يقدم الطعام لأولاده ، يجلس معهم ، يؤانسهم ، يسألهم عن أحوالهم ، يداعبهم أحياناً ، يدخل على قلبهم الفرح هذا قوت آخر .
لو شخص دعاك إلى طعام ، وما رحب بك أبداً ، كُلْ ، هل تقبل ؟ تريد الطعام والترحيب في ود .
حاجة الإنسان الماسة إلى قوت الأرواح مع قوت الأشباح :
لذلك قالوا : هناك قوت الأشباح ، وقوت الأرواح ، قوت الأرواح ، العلم ، الخشوع بالصلاة ، البكاء أثناء تلاوة القرآن ، التقوى ، صار عندنا موضوع جديد عندنا قوت الأشباح ، وقوت الأرواح ، أي قوت الأجساد ، وقوت النفوس ، طعام وشراب ، وعلم وحكمة ، فواكه وسكينة ، ماء وتجلٍّ إلهي .
إذاً كما أننا بحاجة ماسة إلى قوت الأشباح نحن في أمس الحاجة إلى قوت الأرواح ، لذلك : " إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً " [مريم:96] هذا الود بين العبد المؤمن وربه لا يقدر بثمن ، يشعر بسعادة لا توصف أن خالق السماوات والأرض يحبه .
هناك معنى آخر من قوت الأرواح ، يقول عليه الصلاة والسلام :
" لا يَقْعُدُ قومٌ يذكرون الله عزَّ وجلَّ ـ وهذا مجلس ذكر إن شاء الله ـ إِلا حَفَّتْهُم الملائكةُ ، وغشيتهم الرحمةُ ونزلت عليهم السكينةُ ، وذكرهم الله فيمن عنده " [مسلم] .
إذاً أنت في مجلس الذكر تغذي نفسك بقوت الأرواح ، في البيت على المائدة تغذي جسمك بقوت الأشباح ، أما إذا جئت إلى المسجد ، وحضرت مجلس علم تغذي قلبك بغذاء خاص .
إلزام الله عز وجل نفسه برزق العباد :
هناك معنى جديد هو أن " المقيت " فضلاً عن أنه يخلق الأقوات ، ووفق بين الأقوات وبين الأجسام ، وخلق في الأجسام أجهزة لتلقي هذه الأقوات ، تكفل بهذا القوت ، وهذا المعنى نأخذه من أن الله عز وجل حينما تأتي كلمة على مع لفظ الجلالة ألزم نفسه ذاتياً برزق العباد الآية الكريمة : " وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا " [هود:6] كلمة على إذا جاءت قبل اسم الجلالة يعني ذلك أن الله ألزم نفسه برزق العباد .
افتقار الإنسان إلى نعم الله عز وجل إذا مُنعت عنه :
أيها الأخوة ، نحن قد لا نعرف قيمة الغذاء ، هناك قصة فرنسية مترجمة ، أن إنساناً كان على ناقته وعليها طعامه وشرابه ، ضلّ الطريق ، فنفذ طعامه وشرابه ، وصار على وشك الهلاك ، لمح عن بعد بركة ماء أشرق في نفسه الأمل ، صار أمل على أن يبقى حياً بعد أن أيقن بالموت ، هرع إلى هذه الواحة ، رأى بركة ماء شرب منها حتى ارتوى لكنه جائع جوعاً شديداً ، ثم تولى إلى الظل فحالت منه التفاتةٌ فرأى كيساً هو يحسب أن فيه خبزاً ، فتح الكيس فلم يجد فيه إلا لآلئ ، فصاح وا أسفاه هذه لآلئ .
أي لو أنت جائع ومعك مئة مليار ، لا تساوي شيئاً ، بالحرب العالمية الثانية بيع رغيف الخبز بليرة ذهبية ، رغيف الخبز ، فالقوت ، الله عز وجل يديم فضله علينا .
سُئل مرة أحد خلفاء بني العباس ، وقد طلب كأس ماء ، سأله وزيره : يا أمير المؤمنين بكم تشتري هذا الكأس لو منع منك ؟ قال : بنصف ملكي ، قال له : فإذا منع إخراجه ؟ قال : بنصف ملكي الآخر ، أنت مفتقر لكأس ماء .
الحجب عن الله عز وجل أكبر عقاب إلهي يصيب الإنسان :
قال بعض العلماء : " المقيت " من شهد النجوى فأجاب ، وعلم البلوى وكشف واستجاب .
وقالوا : قوت القلوب معرفة علام الغيوب ، الآن أكبر عقاب إلهي ، أكبر عقاب أن تحجب عن الله .
" كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ " [المطففين:15] .
لذلك النبي عليه الصلاة والسلام كان إذا أكل طعاماً له دعاء خاص يقول : " الحمد لله الذي أذاقني لذته " [البيهقي] .
هناك إنسان يأكل سيروم ، أنت تأكل ، تأكل طعاماً طيباً .
" أذاقني لذته وأبقى في منفعته " [البيهقي] .
في طعام ، في بروتينات ، والطعام يعطيك نشاطاً .
" وأذهب عني أذاه " [البيهقي] .
إذا أكل طعاماً ، ودخل إلى الخلاء يقول : " الحمد لله الذي أذاقني لذته ، وأبقى في منفعته ، وأذهب عني أذاه " [البيهقي] .
النبي عليه الصلاة والسلام يقول : " أذيبوا طعامكم بذكر الله والصلاة ولا تناموا عليه فتقسو قلوبكم " [الطبراني] .
على الإنسان أن يبتعد عن الوجبات الدسمة قبل النوم :
الإنسان إذا أكل ونام كحال بعض البلاد ونحن منهم ، يأكل عشاء دسماً ، وينام وصباحاً يعمل نفسه أكابر ، أنا صباحاً لا آكل ، أهم وجبة هي وجبة الصباح ، وجبة الطعام صباحاً بعدها في ثماني ساعات عمل ، ولكن بعض الشعوب ونحن منها مع الأسف الشديد الوجبة الدسمة قبل النوم .
لذلك لما الإنسان ينام القلب يضعف نبضه يصبح خمسة وخمسين ، يمشي الدم ببطء ، إذا مشى الدم ببطء ترسب في جدران الأوعية المواد الدهنية ، تضيق هذه الأوعية ، وتفقد مرونتها ، عندئذٍ : " ولا تناموا عليه فتقسو قلوبكم " [الطبراني] .
القلب يقسو ، لأن القلب مضخة ، فهذا الوعاء إذا مرن صار قلباً ثانياً ، يتلقى الوعاء يتوسع ، لأنه مرن يرجع ينقبض ، صار قلباً ثانياً ، الأوعية كلها قلوب ، امسك النبض هنا ، تجد في نبض ، هذا الوعاء مرن ، يعني يتوسع وينكمش ، ما دام يتوسع وينكمش معناها مرن ، معناها صار قلباً ثانياً ، لما الإنسان يأكل وينام ، تترسب المواد الدهنية بالأوعية الدموية يفقد مرونته ، فيتعب القلب .
" فتقسو قلوبكم "
الآداب مع اسم " المقيت " :
1 ـ أن تأكل الحلال الطيب لذاته ولغيره :
قال : الأدب مع اسم " المقيت " أول أدب ألا نقبل إلا الحلال الطيب ، عندنا طعام حرام لذاته ، وهناك حرام لغيره ، طبعاً لحم الخنزير حرام لذاته ، ولحم الضأن إن لم تدفع ثمنه حرام لغيره ، أيضاً حرام ، إذا شخص دخل إلى مطعم وغافل صاحب المطعم وما دفع وأكل طعاماً حلالاً مذبوحاً على الطريقة الإسلامية ، لكن هذا الأكل حرام ، ما دفع ثمنه ، أول حالة نقول حرام لذاته الخنزير ، والحالة الثانية حرام لغيره ، هناك حالة ثالثة ، إذا كسبه فيه غش ، فيه تدليس ، فيه كذب ، فيه احتيال ، فيه إيهام ، فيه احتكار ، دخله فيه شبهة ، صار الطعام الذي يأكله ليس طيباً .
" يا سعد أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة " [الطبراني] .
أي اعمل عملاً شريفاً ، ومتقناً ، واقبض المبلغ حلالاً زلالاً ، هذا المبلغ الحلال إذا اشتريت به طعاماً كان بمصطلح النبي الكريم طعاماً طيباً .
" أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة " .
زرت والد صديقي قال لي : يا عم أنا عمري 98 سنة أجريت البارحة تحليلات كاملة ، قال لي : كله طبيعي ، قال لي : ما أكلت قرشاً حراماً بحياتي ، من عاش تقياً عاش قوياً .
" يا سعد أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة " .
2 ـ أن تنتقل من النعمة إلى المنعم :
الأدب الثاني : أن تنتقل من النعمة إلى المنعم ، على الطاولة أنواع منوعة من الطعام ، يجب أن تذوب محبة لله ، على هذا الطعام الذي على المائدة .
3 ـ ألا تطلب حوائجك إلا من الله :
والأدب الثالث : ألا تطلب حوائجك إلا من الله .
" يا موسى سلني حتى ملح قدرك وشراك نعلك " .
أول أدب : أن تأكل الحلال الطيب ، لذاته ولغيره ، وأن يكون دخلك حلالاً حتى يكون طعامك طيباً بوصف النبي الكريم .
والأدب الثاني : أن تنتقل من النعمة إلى المنعم .
والأدب الثالث : ألا تطلب حوائجك إلا من الله .
والحمد لله رب العالمين
مختارات
-
" احترام الخصوصيات "
-
شرح دعاء " اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين، وأصلح لي شأني كله لا إله إلا أنت "
-
"أركان التوحيد وأقسامه "
-
" افتراق الأمة وبيان الفرقة الناجية "
-
" مقاصد سورة الفاتحة الخمسة "
-
" بر الوالدين وصلة الأرحام "
-
" المداهنة والمداراة "
-
خطورة عيد الحب
-
وصفة ثبات
-
" المطلب الثامن : إدارة الوقـت "