شرح دعاء الكرب
دُعَاءُ الكَرْبِ
(1) ((لَا إلَهَ إِلاَّ اللهُ العَظِيمُ الحَلِيمُ، لا إِلَهَ إلاَّ اللهُ رَبُّ العَرْشِ العَظِيمُ، لَا إلَهَ إلا اللهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ، وَرَبُّ الأرْضِ وَرَبُّ العَرْشِ الكَريْمِ))([1]).
- صحابي الحديث هو عبدالله بن عباس رضى الله عنهما وفي رواية لمسلم: أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر؛ أي: نزل به أمر مهم، أو أصابه غم.
قوله: ((العظيم)) صفة الرب سبحانه، ومعناه: الذي جل عن حدود العقول، حتى لا تتصور الإحاطة بكنهه وحقيقته.
قوله: ((الحليم)) هو الذي لا يستخفّه شيء من عصيان العباد، ولا يستفزه الغضب عليهم، ولكنه جعل لكل شيء مقداراً، فهو منته إليه.
قوله: ((رب العرش الكريم)) الكريم صفة للرب سبحانه وتعالى؛ ومعناه: الجواد المعطي، الذي لا ينفذ عطاؤه، وهو الكريم المطلق؛ والكريم: الجامع أنواع الخير والشرف والفضائل.
(2) ((اللَّهُمَّ رَحْمَتَكَ أرْجُو، فَلا تَكِلني إلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ، وَأَصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلَّهُ، لَا إِلَهَ إلاَّ أنْتَ))([2]).
- صحابي الحديث هو أبو بكرة، نفيع بن الحارث الثقفي رضى الله عنه قوله: ((رحمتك أرجو)) تأخير الفعل للاختصاص؛ أي: نخصك برجاء الرحمة، فغيرك لا يرحم.
قوله: ((فلا تكلني إلى نفسي)) أي: لا تسلمني ولا تتركني إلى نفسي، فأنصرف عن طاعتك باتباعها.
قوله: ((طرفة عين)) خارج مخرج المبالغة؛ يعني: لا تكلني إلى نفسي أصلاً في أي حالة من الأحوال.
قوله: ((شأني)) أي: أمري وحالي.
(3) ((لَا إِلَه إِلاَّ أنْتَ سُبْحَانَكَ، إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمينَ))([3]).
- صحابي الحديث هو سعد بن أبي وقاص رضى الله عنه.
والحديث بتمامه، هو قوله صلى الله عليه وسلم : ((دعوة ذي النون إذ دعا بها، وهو في بطن الحوت: ((لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين)) لم يدعُ بها رجل مسلم في شيء قط؛ إلا استُجيب له)).
قوله: ((دعوة ذي النون)) أي: دعاؤه، وذو النون اسم النبي يونس عليه السلام، ومن الأنبياء جماعة لهم اسمان، مثل عيسى والمسيح، وذي الكفل واليسع، وإبراهيم والخليل، ومحمد وأحمد...، والنون اسم الحوت، ومعنى ذي النون: صاحب النون.
قوله: ((إذ دعا بها)) أي: حين دعا بها ربه، ((وهو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين)) بمعنى: سبحانك إني تبت إليك، إني كنت من الظالمين لنفسي.
قوله: ((في شيء قط)) أي: في شيء من الأشياء، وكلمة ((قط)) للماضي المنفي، ويجوز فيه تسكين الطاء بالتشديد، والتخفيف، وضمها بهما.
(4) ((اللهُ اللهُ رَبِّي لَا أُشْرِكُ بهِ شَيْئاً))([4]).
- صحابية الحديث هي أسماء بنت عميس رضى الله عنها وجاء في بداية الحديث؛ قوله صلى الله عليه وسلم ((ألا أعلمك كلمات تقولينهن عند الكرب...)).
قوله: ((الله الله)) تأكيد لفظي؛ وهو مناداة حذف منه حرف النداء (يا) في اللفظين، وتقدير الكلام: يا الله، يا الله.
ولا دليل في هذا الحديث على جواز إفراد اسم الله تعالى في الذكر؛ كقولهم: الله الله الله الله... وهكذا، بدون طلب من المنادى.
وأما الحديث فإن سياقه يدلُّ على أنَّ الذي يدعو مصاب بكرب؛ فيكون تقديره: يا الله يا الله فرج عني ما بي من الكرب، فأنت ربي ولا أشرك بك شيئاً.
([1]) البخاري (7/154) [برقم (6346)]، ومسلم (4/2092) [برقم (2730)]. (ق).
([2]) أبو داود (4/324) [برقم (5090)]، وأحمد (5/42)، وحسنه الألباني في صحيح أبي داود (3/959). (ق).
([3]) الترمذي (5/529) [برقم (3505)]، والحاكم وصححه ووافقه الذهبي (1/505)، وانظر صحيح الترمذي (3/168). (ق).
([4]) أخرجه أبو داود (2/87) [برقم (1525)]، وانظر صحيح ابن ماجه (2/335). (ق).