: اسم الله القابض 1
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .
من أسماء الله الحسنى : ( القابض ) :
أيها الأخوة الكرام ، مع اسم جديد من أسماء الله الحسنى ، والاسم اليوم : " القابض " .
ورود اسم القابض في السنة النبوية الصحيحة وعدم وروده في القرآن الكريم :
أولاً لم يرد هذا الاسم في القرآن الكريم ، ولكن ورد في السنة الصحيحة ، يقول عليه الصلاة والسلام : " إنَّ الله هو المُسَعِّرُ ، القابضُ ، الباسط ، الرازق ، وإني لأرجو أن ألقى اللهَ وليس أحدٌ منكم يُطَالبني بِمَظْلَمَةٍ في دَمٍ ولا مَالٍ " [أبو داود] .
حينما يسعر ولي الأمر تسعيراً يظلم به البائع ، أو حينما يبيع التاجر بيعاً فيه غبن فاحش هناك ظلم ، مرة البائع يظلم ، ومرة المشتري يظلم .
لذلك يقول عليه الصلاة والسلام : " إنَّ الله هو المُسَعِّرُ ، القابضُ ، الباسط ، الرازق ، وإني لأرجو أن ألقى اللهَ وليس أحدٌ منكم يُطَالبني بِمَظْلَمَةٍ في دَمٍ ولا مَالٍ " .
القابض في اللغة :
أما في اللغة " القابض " اسم فاعل ، الفعل قبضه ، يقبضه ، قبضاً ، وقبضة ، والقبض خلاف البسط ، القابض الباسط ، وهو في حقنا جمع الكف على الشيء ، يعني في حق الإنسان ، وهو من أوصاف اليد وفعلها ، والقبضة ما أخذت بجمع يدك كله ، يمكن أن تملأ كفك بالقمح ، نسمي كمية القمح التي استوعبتها يدك قبضة ، هذه قبضة كفي ، أي ما تقبض عليه كفي ، ومنه فقبضت قبضة من أثر الرسول ، من التراب الذي تأثر بحافر فرس الرسول ، وقد ورد عند مسلم من حديث إياس بن سلمة عن أبيه : " غَزَوْنا مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم حُنَيْنا ، فلما وَاجَهْنَا العدوَّ تقدَّمْتُ فَأعْلُو ثَنِيَّة ، فاستقبلني رجل من العدوِّ ، فأرميه بسهم ، فتوارى عني ، فما دَرَيْتُ ما أصنعُ ؟ ونظرتُ إِلى القوم ، فإذا هم قد طلعوا من ثنيَّة أخرى ، فَالْتَقَوا هم وأصحابُ النبي صلى الله عليه وسلم ، فولّى أصحابُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم ، فأَرجعُ مُنْهَزِما وعليَّ بُردَتان ، مُتَّزِر بإِحداهما ، مُرْتَد بالأُخرى ، فاسْتَطْلَقَ إِزَاري ، فجمعتُهُمَا جميعاً ، ومَرَرْتُ على رسولِ الله صلى الله عليه وسلم مُنهزِما ، وهو على بغلته الشَّهباءِ ، فقال : لقد رأى ابن الأكوع فَزَعا ، فلما غَشُوا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم نزل عن بغلته ، ثم قبض قَبْضَة من ترابِ الأرض ، ثم استقبلَ به وجوهَهم ، وقال : شاهَتِ الوجوه ، فما خلق الله منهم إِنسانا إِلا مَلأ عينيه ترابا بتلك القبضة ، فَوَّلوْا مُدبرين ، فهزمهم الله عز وجل " [مسلم] .
لا زلنا في معنى قبض ، يقبض ، قبضاً ، وقبضة ، والقبض يأتي بمعنى تأخير اليد ، وعدم مدها ، قبض يده أي أخرها ، أبعدها ، فقد ورد : " أن امرأة مدت يدها إلى النبي صلى الله عليه وسلم بكتاب فقبض يده ، فقالت يا رسول الله مددت يدي إليك بكتاب فلم تأخذه ، فقال : إني لم أدرِ أيد امرأة هي أو رجل " [النسائي] .
تحريم مصافحة المرأة الأجنبية الشابة في الإسلام :
أيها الأخوة ، هذا المعنى الدقيق في قبض يد النبي عن أن تمس يده يد امرأة ينقلنا إلى حكم فقهي .
في موسوعة الفقه الإسلامي الكويتية ما نصها : أما مصافحة الرجل للمرأة الأجنبية الشابة فقد ذهب الحنفية ، والمالكية ، والشافعية ، والحنابلة ، في الرواية المختارة إلى تحريمها ، وقال الحنابلة : وسواء أكانت من وراء حائل كثوب أن نحوه أم لا ، واستدل الفقهاء على تحريم مصافحة المرأة الأجنبية الشابة بحديث عائشة رضي الله عنها قالت والله : " مَا مَسَّتْ يَدُ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يَدَ امْرَأَةٍ قَطُّ " [مسلم] يعني امرأة أجنبية ، الحقيقة مرة كنت أُلقي محاضرة في أمريكا في ديترويت وجاءني سؤال من أخت كريمة ، تسأل عن حكم المصافحة ، هي طبيبة تعمل في المستشفى ، قلت لها : الملكة إليزابيث لا يصافحها إلا سبعة رجال من رعاياها ، لعلو مقامها في مجتمعها بحكم القانون البريطاني ، والمرأة المسلمة ملكة أيضاً ، لا يصافحها إلا سبعة من محارمها لعلو مقامها في مجتمعها بحكم القانون القرآني ، فهذا الجواب أعجبها كثيراً وقبلته .
سمعت قصة في بلدٍ عربي استقبل وزيرة ، فكانت الوزير المثيل لها في المطار مع كبار موظفيه ، أحد هؤلاء الموظفين لم يصافحها ، يبدو أنه ملتزم ، متفوق جداً في اختصاصه ، لكنه ملتزم ، فضلاً عن أنه متفوق ملتزم ، فما صافحها ، فالوزير المضيف انزعج جداً منه ، وعنفه ، وأعفاه من حضور مأدبة الغداء ، هذه الوزيرة الضيفة سألت الوزير المُضيف ، هناك موظف كبير عندك لم يصافحني ، أين هو ؟ قال : والله لعله اعتذر هو صرفه من انزعاجه ، قالت : أريد أن أراه ، فأصرت على ذلك ، طلبت أن يحضر فحضر ، قالت له : لمَ لم تصافحني ؟ قال لها : أنا مسلم متمسك بمنهج الله ، ونحن في هذا المنهج لا نصافح امرأة أجنبية ، فسمعت شرحه ، وتأثرت تأثراً بالغاً ، وقالت للوزير المضيف : لو أن المسلمين أمثال هذا الموظف لكنا تحت حكمكم .
الآن عندما يسافر الإنسان إلى بلد بعيد ، يريد أن يأخذ وكالة يُمتحن امتحاناً بدينه فإن كان متمسكاً أعطوه الوكالة ، لأن الإنسان حينما يتمسك بمبدأ معنى ذلك أن هذا الإنسان ينطلق من قيم .
ما ورد في معاجم اللغة أيضاً عن القابض :
على كلٍ لا زلنا في اللغة ، قبضتُ الشيء قبضاً ، يعني أخذته ، والقبض قبولك المتاع ، يعني رأيت المتاع فاستلمته ، ولو لم تحوله إلى مكانه ، صار تقابضاً ، والقبض أيضاً تحول المتاع إلى حيزك ، أي إلى مستودعك ، فالقبض قد يكون بالعين ، رأى البضاعة تفحصها بعينه ، فقبضها ، وقد يكون القبض أن ينقلها إلى مستودعه ، وصار الشيء في قبضتي ، أي في ملكي ، وقُبض المريض إذا توفي أو أشرف على الموت .
" أَرسلتْ بنتُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم إِليه : إن ابنا لي قُبض ، فائتنا " [البخاري] أرادت أنه في حال القبض على وشك القبض ، ومعالجة النزاع ، وقال تعالى في وصف المنافقين : " وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ " [التوبة:67] أي يبخلون ، أي يقبضونها عن النفقة والصدقة ، فلا يؤتون الزكاة ، هذا ما ورد في معاجم اللغة عن " القابض " .
الله جلّ جلاله هو القابض الذي يمسك الأرزاق عن العباد بلطفه وحكمته :
أما الله جلّ جلاله هو " القابض " الذي يمسك الرزق وغيره من الأشياء عن العباد بلطفه وحكمته ، يمسك الأرزاق عن العباد بلطفه وحكمته .
يقبض الأرواح عند الممات بأمره وقدرته ، ويضيق الأسباب على قوم ، ويوسع على آخرين ابتلاءً وامتحاناً ، وقبضه تعالى وإمساكه وصف حقيقي ، لا نعلم كيفيته ، تجد بلاداً تنعم بأمطار غزيرة ، والنبات ينمو ، وفي بلاد أخرى أمطارها قليلة ، والنبات يموت .
يؤمن به على ظاهره وحقيقته ، لا نمثل ، ولا نكيف ، ولا نعطل ، ولا نحرف ، فالإيمان بصفات الله فرع من الإيمان بذاته ، والقول في صفاته كالقول في ذاته ، لأننا ما رأينا الله تعالى وما رأينا بذاته مثيلاً ، فهو أعلم بكيفية قبضه وبسطه ، وإمساكه وأخذه ، ولا داعي للتأويل الذي انتهجه المتكلمون بكل شيء ، فنؤمن أن هذا من العقيدة الصحيحة ، فنؤمن بما أخبر الله جلّ جلاله بلا تمثيل ولا تعطيل ، وهكذا كان اعتقاد الأمة في جميع الصفات والأفعال ، قال تعالى : " وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ " [الزمر:67] .
وقد ورد : " إنَّ الله تباركَ وتعالى خَلَقَ آدَمَ مِنْ قَبضَةٍ قَبضها مِنْ جَميع الأرضِ ، فجاءَ بَنو آدَمَ على قدر الأرض ، منهم الأحَمرُ ، والأبيَضُ ، والأسوَدُ ، وبين ذلك ، والسَّهلُ والحَزْنُ والخَبيث ، والطَّيِّبُ " [أبو داود] .
دائماً وأبداً بالأسماء الحسنى يوجد أسماء يجب أن تلفظ معاً :
إخواننا الكرام ، لا ينبغي أن يقول أحدنا إن الله قابض ، تصفه بالمنع والبخل ، ولكن ينبغي أن تقول إن الله قابض باسط، معنى ذلك أنك وصفته بالقدرة المطلقة وبالحكمة ، لا تقل ضار ، قل ضار نافع ، لا تقل مذل ، مذل معز ، لا تقل مانع ، مانع معطي ، لا تقل خافض ، خافض رافع ، يعني يخفض ليرفع ، يأخذ ليعطي ، يبتلي ليجزي ، يذل ليعز ، يضر لينفع ، هذه الأسماء الأولى أن تذكر مثنى مثنى ، قال تعالى : " مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ " [البقرة:245] .
إن أردت أن تعلل ، يقبض ليبسط ، يضر لينفع ، يمنع ليعطي ، يذل ليعز ، عندئذٍ أنت سائر في طريق الصواب .
موضوع الرزق من أنواع القبض والبسط :
أيها الأخوة ، الشيء الثاني في معنى القبض باللغة : هو الأخذ والتضييق ، والتوسيع هو البسط والنشر ، قبض وبسط ، هذان الشيئان يعمان جميع الأشياء ، فكل أمر ضيقه الله عز وجل فقد قبضه ، وكل أمر وسعه الله عز وجل فقد بسطه ، أحياناً تجد رزقاً واسعاً ، أحياناً رزقاً قليلاً ، أحياناً الأمور موسعة ، مريحة ، الأمور ضيقة متعبة .
من أنواع القبض والبسط، موضوع الرزق ، الله عز وجل :
" اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ " [العنكبوت:62] يبسط الرزق ويقبض ، يوسع ويضيق ، يعطي ويمنع .
الأرزاق تضيق وتتسع امتحاناً للعباد وحكمة من الله عز وجل :
أيها الأخوة الكرام ، ينبغي أن نؤمن وهذا من صلب العقيدة ، ولا تنسوا أن في الإسلام عقائد ، عبادات ، معاملات ، آداب ، أخطر شيء في الإسلام العقائد ، العقيدة إن صحت صحّ العمل ، وإن صحّ العمل سلم الإنسان وسعد ، والعقيدة إن لم تصح ساء العمل وإن ساء العمل شقي الإنسان وهلك .
لذلك الخطأ في العقيدة لابدّ من أن ينعكس خطأ في السلوك ، قبض الإنسان قبض عجز ، لكن الله سبحانه وتعالى إذا قبض الأرزاق والأمطار قبض تأديب ، والدليل : " وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ " [الشورى:27] .
إذاً الأرزاق تضيق وتتسع ، أولاً امتحاناً للعباد ، وابتلاء ، أو حكمة من الله عز وجل ، إن من عبادي من لا يصلح إلا بالغنى فإذا أفقرته أفسدت عليه دينه ، وهناك شريحة أخرى من عبادي لا يصلح له إلا الفقر ، فإذا أغنيته أفسدت عليه دينه ، يوجد إنسان على الدخل المحدود مستقيم ، لكن الله يعلم لو أن هذا الإنسان كان دخله غير محدود لتفلت من منهج الله .
بالمناسبة : في نهاية الأمر حينما يكشف الله للإنسان يوم القيامة ما ساق له من شدائد ينبغي أن يذوب كالشمعة محبة لله عز وجل .
من معاني اسم الله القابض :
1 ـ أن الله عز وجل يقبض الأرواح : من معاني اسم الله " القابض " أن الله عز وجل يقبض الأرواح ، فإذا قبض روح الإنسان يعني أماته ، وإذا بسط روحه يعني أحياه ، وكل إنسان أمامه بوابة خروج هي مرض الموت : " لكلِّ داء دواءًا " [أبو داود] .
من دون استثناء أو : " ما من داء إلا وله دواء " وهذا الحديث إذا سمعه المريض امتلأ قلبه تفاؤلاً بالشفاء .
" ما من داء إلا وله دواء " وإذا سمع هذا الحديث طبيب يشعر بالتقصير إن لم يكتشف الدواء لداء ما ، إذاً هو يحث الطبيب على اكتشاف الدواء ، ويملأ قلب المريض ثقة بالشفاء ، هذا من الأحاديث الرائعة التي تملأ نفس المريض ثقة بالشفاء ، وتدفع الطبيب إلى البحث عن الدواء .
2 ـ أن الله عز وجل يقبض الأرض :
أيضاً من معاني اسم " القابض " أنه يقبض الأرض ، قال تعالى : " وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ " [الزمر:67] .
إخواننا الكرام ، الأرض تدور حول الشمس في مسار بيضوي ( إهليلجي ) وهذا الشكل البيضوي مسار مغلق ، هذا الشكل له قطران : أصغر ، وأطول ، فإن كانت الأرض في القطر الأطول واتجهت نحو القطر الأصغر ، المسافة سوف تقل بينها وبين الشمس ، هناك احتمال أن تنجذب إلى الشمس ، وإذا انجذبت الأرض إلى الشمس تبخرت في ثانية واحدة يكون الهلاك .
لذلك الله عز وجل قابض وباسط، ترتفع سرعة الأرض ، وهي جماد غير عاقل يرفع الله سرعة الأرض لينشأ من سرعة الأرض قوة نابذة تكافئ القوة الجاذبة فتبقى على مسارها .
" إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا " [فاطر:41] .
بقاء الأرض على مسارها آية من آيات الله الدالة على عظمته :
بقاء الأرض على مسارها آية من آيات الله الدالة على عظمته ، لماذا بقيت مع أنها انتقلت من قطر أطول إلى قطر أصغر ، وقانون الجاذبية متعلق بالكتلة والمسافة ؟ المسافة قلت ، الانجذاب يزيد ، احتمال انجذاب الأرض إلى الشمس قائم ، وإذا انجذبت تبخرت في ثانية واحدة ، لأن مركز الشمس تزيد الحرارة فيه عن عشرين مليون درجة ، الآن إذا انتقلت من قطرها الأصغر إلى قطرها الأطول هناك احتمال التفلت من جاذبية الشمس لأن المسافة إذا زادت ضعفت الجاذبية .
لذلك يقبض الله الأرض أي يخفض سرعتها ، لينشأ من خفض سرعتها قوة نابذة أقل تكافئ القوة الجاذبة الأقل فتبقى في مكانها " إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا " بعضهم قال : لو أنها تفلتت ، وأردنا أن نعيدها إلى الشمس ، قال نحتاج إلى مليون مليون حبل فولاذي ، من الفولاذ المضفور ، وهذا أمتن عنصر في الأرض ، الحبل قطره خمسة أمتار ، والحبل الذي قطره خمسة أمتار يحمل مليوني طن ، بشكل أو بآخر قوة جذب الشمس للأرض تساوي مليون مليون ضرب مليوني ، يعني مليون مليون 12 صفر ضرب مليونين ضرب اثنين بستة أصفار ، شيء مذهل ، كل هذه القوة الكبيرة الجاذبة للأرض من أجل أن تحرفها ثلاثة ميلي كل ثانية حتى ينشأ مسار مغلق تسير عليه الأرض في دورتها حول الشمس ، التي تستغرق 365 يوماً .
معناها الله عز وجل قابض يقبض الأرض فيخفض سرعتها ، ويبسطها فيزيد سرعتها ، من أجل أن تبقى على مسارها من أجل ألا تنجذب إلى الشمس فتتبخر في ثانية واحدة ، ومن أجل ألا تتفلت من الشمس فتدخل في الصفر المطلق حيث تنتهي الحياة .
يد من تسير الأرض ؟ .
" وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ " .
أخوتنا الكرام ، هذه الآيات الدالة على عظمة الله ينبغي أن نتفكر فيها ، لأن الله عز وجل يقول : " اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا " [الرعد:2] معنى الآية أنه رفعها بعمد لا ترونها .
3 ـ أن الله عز وجل يقبض الصدقات بيده من عباده المؤمنين :
الآن من معاني " القابض " الله عز وجل قابض أنه يقبض الصدقات بيده ، من عباده المؤمنين ، يقول عليه الصلاة والسلام : " إن العبد إذا تصدق من طيب تقبلها الله منه ، وأخذها بيمينه فرباها كما يربي أحدكم مهره أو فصيله ، وإن الرجل ليتصدق باللقمة فتربو في يد الله ، أو في كف الله حتى تكون مثل الجبل ، فتصدقوا " [ابن خزيمة] .
الإنسان يضع لقمة في فم زوجته يراها يوم القيامة كجبل أُحد ، إذاً الله عز وجل قابض يقبض صدقة المؤمن الذي أنفقها من مال حلال بيمينه ، والله عز وجل قابض يقبض الأرض ويبسطها " وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " .
4 ـ أن الله عز وجل يقبض الرزق تأديباً لا ضعفاً :
الله عز وجل قابض يقبض أرواح البشر ، يعني يميتهم ، أو يبسطها ليحيهم ، والله عز وجل قابض يقبض الرزق تأديباً لا ضعفاً .
الله عز وجل قابض يربي الناس لسعادتهم وسلامتهم :
هذه كلها من معاني اسم " القابض " والله عز وجل قابض بمعنى المربي .
عفواً ، المركبة السيارة ، لماذا صنعت ؟ صنعت لتسير ، لكن فيها مكابح المكابح تتناقض مع علة صنعها ، هي صنعت من أجل أن تسير ، والمكبح يوقفها لكنه ضروري جداً لسلامتها ، وكما أن المكبح يتناقض مع علة صنع السيارة ، فيحول بينها وبين أن تسير كذلك " القابض " هو سلامة لسعادة الإنسان لأن الله سبحانه وتعالى يربيه فهو رب العالمين ، فالإنسان فهم المصائب بهذا الفهم يكون فقيهاً وعندئذٍ يرضى .
لذلك ربما أعطاك فمنعك ، المركبة انطلقت بأعلى سرعة ، فتدهورت فمات صاحبها ، ربما أعطاك فمنعك ، منع منك الحياة ، وربما منعك فأعطاك وإذا كشف لك حكمة المنع عاد المنع عين العطاء .
والحمد لله رب العالمين
مختارات
-
" فضائل العفاف "
-
مصعب بن عمير
-
ذكر سيفه - صلى الله عليه وسلم-
-
" ما هي أسباب النميمة؟ "
-
شرح دعاء" اللهم إني أسألك علما نافعا، وأعوذ بك من علم لا ينفع"
-
بين محبتين
-
تابع " أهمية العناية بالقلب تحلية وتخلية "
-
خصائص المصطفى (صلى الله عليه وسلم) دون جميع الأنبياء عليهم السلام في الحياة الآخرة
-
" اكتسب موهبة النسيان "
-
" ليس كل غَيْبَة جفوة، ولا كل لقاء مودة "