اسم الله الأحد 1
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم، إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
من أسماء الله الحسنى: (الأَحَد):
أيها الإخوة الكرام، مع اسم جديد من أسماء الله الحسنى، والاسم اليوم (الأحد).
1 ـ ورود اسم (الأَحَد) في القرآن الكريم والسنة النبوية:
هذا الاسم ورد في القرآن الكريم في سورة الإخلاص:
" قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ " [الإخلاص:1-4].
وقد ورد أيضاً في السنة الشريفة الصحيحة، أخرج ابن ماجة عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً يقول: " اللَّهمَّ إِني أسألُكَ بأني أَشْهَدُ أنَّكَ أنْتَ اللهُ، لا إلهَ إلا أنتَ، الأحَدُ الصَّمَدُ، الذي لم يَلِدْ ولم يُولَدْ، ولم يكن له كُفُوا أحَدٌ، فقال عليه الصلاة والسلام: والذي نفسي بيده لقد سأل اللهَ باسمه الأَعظَمِ، الذي إِذا دُعِيَ به أجابَ، وإِذَا سُئِلَ بِهِ أعْطَى ".
(الأحَد) اسم من أسماء الله الحسنى، ورد في سورة الإخلاص في قوله تعالى: " قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ ".
وورد أيضاً في السنة الشريفة الصحيحة.
وقفة متأنية مع اسم الله الأعظم:
ولكن لا بد من وقفة عند اسم الله الأعظم: اختلف العلماء في اسم الله الأعظم، فبعضهم قال: الرحمن، وبعضهم قال: الله، هذا الاختلاف يحسم بحقيقة رائعة، وهي أن اسم الله الأعظم هو الاسم الذي أنت بحاجة إليه في ظرف معين، فإذا كنت فقيراً فاسم الله الأعظم بالنسبة إليك هو اسم الغني، وإذا كنت ضعيفاً فاسم الله الأعظم بالنسبة إليك هو اسم القادر، وإذا كنت تائهاً فاسم الله الأعظم هو اسم الهادي، وكل هذه الأسماء تدور مع الإنسان، فتارةً التواب، وتارةً المغني، تارةً الرحيم، تارةً القوي، تارةً الناصر، فكل حالة أنت فيها هناك اسم من أسماء الله الحسنى هو بالنسبة إليك اسم الله الأعظم.
والذي يلفت النظر أنه ورد في القرآن الكريم في آية هي أصل في هذه الدروس: " وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا " [الأعراف:180].
إذا كنت مظلوماً فادعُ الله باسمه الناصر، وإذا كنت مضطراً فادعُ الله باسمه المجيب، وفي كل حال أنت فيه هناك اسم من أسماء الله الحسنى شفاء لك، وحصن لك، وأساس في حلّ مشكلتك.
المؤمن الصادقُ خاضع لله، متواضع مع خَلق الله:
أيها الإخوة، المؤمن الصادق يتعامل مع الله تعاملا يوميا، يتعامل مع الله تعاملا ساعيًا، المؤمن الصادق يناجي ربه، يستعين به، يستغفره، يتوب إليه، يتوكل عليه، يعبر لربه عن محبته، يا رب، إني أحبك، وأحب من يحبك، فكيف أحببك إلى خلقي؟
ورد في بعض الآثار القدسية:
" ذكرهم بآلائي، ونعمائي، وبلائي " [ورد في الأثر].
المؤمن الصادق له مناجاة مع الله، المؤمن الصادق يمرغ جبهته في أعتاب الله، المؤمن الصادق عزيز عزة لا توصف، لكن أمام الله فهو في منتهى الذل، في منتهى الانكسار، في منتهى الخضوع.
وهناك حقيقة تلفت النظر: كلما مرغت وجهك في أعتاب الله عز وجل رفعك الله، وزادك عزاً وقوةً وحكمةً، فبقدر ما تخضع له فيما بينك وبينه يرفع شأنك.
أنا لا أتصور أن في الأرض من آدم إلى يوم القيامة إنسانًا رفع الله ذكره كرسول الله عليه الصلاة والسلام، وأتصور أيضاً أنه من إنسان خضع لله، وكان عبداً، وفي أعلى درجات القرب في سدرت المنتهى كرسول الله عليه الصلاة والسلام، قال تعالى: " فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى " [النجم:10].
الإنسان من شانه العبودية، والله من شأنه الربوبية، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: " الْكِبْرِيَاءُ رِدَائِي، وَالْعَظَمَةُ إِزَارِي، فَمَنْ نَازَعَنِي وَاحِدًا مِنْهُمَا قَذَفْتُهُ فِي النَّارِ " [أخرجه الترمذي وابن ماجه].
الله عز وجل يغفر لك آلاف الذنوب:
" يَا ابْنَ آدَمَ، لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ، ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ وَلَا أُبَالِي، يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الْأَرْضِ خَطَايَا، ثُمَّ لَقِيتَنِي لَا تُشْرِكُ بِي شَيْئًا لَأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً " [الترمذي عن أنس].
لكن ذرة واحدة من كبر تحجبك عن الله.
للتقريب: جاءك ضيوف كثر، وما عندك شيء تقدمه لهم، إلا كأس لبن أضفت خمسة أضعافه ماء، وجعلته شراباً سائغاً، الكأس من اللبن قبِل خمسة أضعافه ماء، لكن لا يقبل قطرة نفط واحدة، لأن هذه القطرة تفسده.
لذلك: " رُبَّ معصية أورثت ذلاً وانكساراً خير من طاعة أورثت عزاً واستكباراً ".
" لو لم تذنبوا، لخفت عليكم ما هو أكبر "
يا الله ! ما الذي هو أكبر من الذنب؟ قال: " العجب " [الجامع الصغير بإسناد حسن عن أنس].
فشأن العبد أن يتذلل لمولاه، لكن المشكلة أن الذين شردوا عن الله يستكبرون على الله، وهو يتذللون، وينبطحون أمام عبد لئيم، فإن لم تكن عبداً لله فأنت عبد لعبد لئيم، والعبد اللئيم لا يرحم، ولا يسترضى، ولا يؤمَن جانبه، فإن لم تكن عبداً لله فأنت عبد لعبد لئيم.
2 ـ بين اسم (الأَحَد) والواحد:
أيها الإخوة، (الأحد) من مشتقات الواحد، الواحد (الأحد) فالواحد مفتتح العدد، أول عدد واحد، أما (الأحد) فهذه للنفي، ما جاء من أحد، أما الواحد فللإثبات، جاء واحد من القوم، في الإثبات تستخدم لفظ (واحد) وفي النفي تستخدم لفظ (أحد) ما أطلّ علي أحد من الخلق، ودعوت قوماً فجاءني منهم واحد، الواحد لا شريك له، لكن (الأحد) لا مثل له، وهناك فرق بينهما، الواحد من حيث الكم، أما الأحد فمن حيث النوع، فالواحد لا شريك له، أما (الأحد) فلا مثل له.
لذلك قال تعالى: " هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً " [مريم:65].
السمِيّ المشابه، هل تعلم مشابها لله عز وجل؟ كل ما خطر ببالك فالله بخلاف ذلك.
أما الأحدية فقالوا: هي الانفراد ونفي المثلية، والانفراد لذاته، وصفاته، وأفعاله.
3 ـ من معاني (الأحد):
من معاني (الأحد) أنه يحتاجه كل شيء في كل شيء، وليس محتاجاً إلى شيء، يحتاجه كل شيء في الكون في كل شيء، وليس محتاجاً إلى شيء، أحد صمد، وجوده ذاتي، أما الإنسان فعبد لله، وجوده معتمد على إمداد الله له.
بين العبيد والعباد:
لذلك ورد في القرآن عبيد وعباد، والفرق بينهما كبير، العبيد جمع عبد القهر أما العباد جمع عبد الشكر، فأيّ إنسان ولو كان ملحداً، ولو كان كافراً، ولو كان فاجراً هو عبد لله، بمعنى أن حياته متوقفة على إمداد الله له، لو توقف القلب فأملاكه بالمليارات تنتقل إلى غيره، كان رجلاً فأصبح خبراً، قال تعالى: " وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ " [المؤمنون:44].
حتى العتاة، الطغاة، المستكبرون، الملحدون، الكافرون هم عبيد لله قهراً، وكل مكانتك الاجتماعية مبنية على ذاكرتك، وهناك حالات فقدِ الذاكرة، كل مكانتك الاجتماعية مبنية على حركتك، وأقل خثرة من الدم في أحد شرايين الدماغ تنتهي الحركة، كل مكانتك الاجتماعية، من عقلك، والعقل قد يذهب فجأة.
فلذلك أي إنسان مهما كان قوياً، ومهما كان متجبراً فهو عبد لله قهراً، هذه عبودية القهر، لكن المؤمن حينما عرف الله، وأحبه، وأقبل عليه، وأطاعه، وتقرب إليه فهذا عبد لله أيضاً من نوع آخر، هذا عبد الشكر، لذلك عبد القهر تجمع على عبيد.
" وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ " [فصلت:46].
بينما عبد الشكر تجمع على عباد.
" إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ " [الإسراء:65].
فرق كبير بين عبيد وعباد.
أيها الإخوة الكرام، (الأحد) الفرد، الذي يحتاجه كل شيء في كل شيء، وليس محتاجاً إلى شيء، ويستحيل أن تحيط به.
" وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ " [البقرة:255].
علم ما كان، وعلم ما يكون، وعلم ما سيكون، وعلم ما لم يكن لو كان كيف كان يكون.
النفي المجمَل والإثبات المفصَّل في أسماء الله وصفاته:
أيها الإخوة، من خصائص أسماء الله الحسنى أن الصفات الفضلى لله عز وجل أثبتتها النصوص الصحيحة من الكتاب والسنة، لكن هناك خصيصة دقيقة، النفي المجمل والإثبات المفصل.
يمكن أن تمدح إنسانا، وأن تقول: هذا ليس لئيماً، ولا بخيلاً، ولا مجرماً، أعوذ بالله، هذا مدح، من كمال الأدب مع الله عز وجل أن تنفي عنه النقص إجمالاً، ومن كمال الأدب مع الله عز وجل أن تثبت كماله تفصيلاً، هو رحيم، ودود، غني، لطيف، من كمال الأدب مع الله أن تنفي عنه النقص إجمالاً، ومن كمال الأدب مع الله أن تثبت صفاته الفضلى تفصيلاً، بعضهم قال في قوله تعالى: " وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً " [الأنعام:115].
" كَلِمَةُ رَبِّكَ " هي القرآن الكريم، والقرآن الكريم بين دفتيه كل ما في القرآن الكريم لا يزيد على شيئين، أمر وخبر، فالله أمرَك أو أخبرَك، فأمره عدل، وخبره صدق، ما بين دفتي كتاب الله أمرٌ وخبرٌ، أمره عدل، وإخباره صدق، هذا معنى قوله تعالى: " وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً ".
بعضهم قال: القرآن حمّال أوجه، يعني: يا عبادي منكم الصدق ومني العدل، تتفاوتون عندي بصدقكم، الصدق له معانٍ عميقة جداً، المعنى الساذج البسيط الذي يتبادر إلى ذهن كل الناس أن الإنسان إذا حدثك فهو صادق، هذا المعنى صحيح، لكن هناك صدق الأقوال، وهناك صدق الأفعال، أن تأتي أفعالك وفق أقولك.
مَن هم الأنبياء؟ الذين ما رأى الناس مسافة إطلاقاً بين أقوالهم وأفعالهم، مَن هم المنافقون؟ الذين رأى الناس بوناً شاسعاً بين أقالهم وأفعالهم.
فيا عبادي منكم الصدق، ومني العدل.
أو: " وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً "
هذا تمهيد، بعضهم قال: لا، ما بين دفتي القرآن وصف للواحد الديان، وأمر وخبر، فسورة الإخلاص تعريف بالله، فهي ثلث القرآن، هذه السورة تعدّ عند بعض العلماء ثلث القرآن الكريم.
معرفة الله والطريق إليها:
أيها الإخوة، السبب أن أصل الدين معرفة الله عز وجل، هذه كلمة للإمام علي رضي الله عنه: أصل الدين معرفته، وشرف العلم من شرف المعلوم، فمن الممكن أن تكتب دراسة مطولة على قصيدة الإلياذة لهوميروس، قصيدة قيلت في عصور قديمة جداً، وكلها ضلالات وآلهة وشرك، فإذا درس الإنسان هذه القصيدة دراسة مفصلة، وإنسان درس أسماء الله الحسنى، فشرف العلم من شرف المعلوم، وفضل العلم بالله على العلم بخلقه كفضل الله على خلقه، فكلما ارتفع مضمون العلم ارتفع المتعلم، وكلما ارتفع موضوع العلم ارتفع المتكلم.
لكن أيها الإخوة، طرقُ معرفة الله عز وجل ثلاث، يمكن أن نعرفه من آياته الكونية من الكون، خلقه، ويمكن أن نعرفه من آياته التكوينية أفعاله، ويمكن أن نعرفه من كلامه قرآنه، آياته الكونية عن طريق التفكر، وآياته التكوينية عن طريق النظر، وآياته القرآنية عن طريق التدبر.
آياته الكونية عن طريق التفكر:
" إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ " [آل عمران:190-191].
أما آياته التكوينية أفعاله:
" قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ " [الأنعام:11].
مستحيل وألف ألف مستحيل أن تطيعه وتخسر، مستحيل وألف ألف ألْف مستحيل أن تعصيه وتربح، مستحيل وألف أَلف ألف مستحيل أن تقبل عليه وتُذل، ومستحيل وألف ألف أَلف مستحيل أن تُعرض عنه وتعز، سبحانك، إنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت.
أما آياته القرآنية:
" أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا " [محمد:24].
إذاً: هناك طرق ثلاثة لمعرفة الله: خلقه عن طريق التفكر، وأفعاله عن طريق النظر، وقرآنه عن طريق التدبر.
العلمُ بخَلق الله والعلمُ بأمر الله والعلمُ بالله:
أما العلوم فتقسم إلى أقسام ثلاثة علم بخلقه، هذا اختصاص الجامعات في الأرض، علم الفلك، الفيزياء، الكيمياء، الرياضيات، علم الذرة، علم النفس، علم الاجتماع، علم النفس التربوي، الجغرافيا، التاريخ، علم بخلقه، والعلم بخلقه أصل في صلاح الدنيا.
والمسلمون إذا أهملوا اختصاصاً هم في أمس الحاجة إليه، وتفوق بالاختصاص عدوهم، أثموا جميعاً، وعلم بأمره، هذا اختصاصات كليات الشريعة في العالم الإسلامي افعل ولا تفعل، الحلال، والحرام، والقرض، والوكالة، والحوالة، والكفالة، أحكام الزواج، أحكام الطلاق هذا علم بأمره.
النقطة الدقيقة: أن العلم بخلقه، وأن العلم بأمره يحتاجان إلى مدارسة، كلمة مدارسة تعني أستاذا، طالبا، كتابا، محاضرة، مراجعة، حفظا، تلخيصا، امتحانا، شهادة، هذه مدارسة، فالعلم بخلقه يحتاج إلى مدارسة، والعلم بأمره يحتاج إلى مدارسة، لكن نتائج العلم بخلقه، ونتائج العلم بأمره هذه المعلومات تستقر في الدماغ، قد يكون الإنسان أمهر طبيب في الأرض، وهو لئيم لؤماً لا يوصف، قد يكون بأعلى اختصاص، ويسلك سلوكاً لا يرضي.
فالعلم بأمره وبخلقه معلومات دقيقة جداً تحتاج إلى ذاكرة، إلى متابعة، إلى دراسة، إلى انتباه... والنتيجة معلومات تستقر في الدماغ، ولا علاقة لها بالسلوك.
العلم بالله وثمراته في الإنسان:
إن العلم به يحتاج إلى مجاهدة، قال بعض علماء القلوب: جاهد تشاهد، العلم به يحتاج إلى ضبط الجوارح، ضبط اللسان، ضبط الدخل، ضبط الإنفاق، ضبط البيت، يحتاج إلى بذل، إلى عطاء، إلى خضوع لله عز وجل، إلى عمل صالح، إلى تضحية، إلى إنجاز للوعد، تحقيق للعهد، يحتاج إلى أخلاق، من ثمار العلم به أن الله يلقي في قلبك الأمن، والأمن أثمن نعمة على الإطلاق.
" فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (81) الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ " [الأنعام:81-82].
والله أيها الإخوة، في قلب المؤمن أمنٌ لو وُزِّع على أهل بلد لكفاهم.
ومن ثمار معرفة الله عز وجل الرضى، السكينة تسعد بها ولو فقدتَ كل شيء، وتشقى بفقدها، ولو ملكت كل شيء، الحكمة، السكينة، الرضى، الرحمة، النور يقذف في قلبك، ترى الحق حقاً والباطل باطلاً.
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآَمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ " [الحديد:28].
من ثمار العلم به: أن العقل يهتدي، وأن النفس لا تشقى.
" فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى " [طه:123].
لا يضل عقله، ولا تشقى نفسه، من ثمار معرفة الله عز وجل: أنه لا خوف على هذا المؤمن، ولا هو يحزن، هاتان الكلمتان غطتا الماضي، والحاضر، والمستقبل.
" فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ " [البقرة:38].
لا يضلك عقلك، ولا تشقى نفسك، ولا تندم على ما فات، ولا تخشى مما هو آت، كل الخير، كل السعادة، كل الرضى، كل السلامة، كل الذكاء في معرفة الله، وطاعته:
" وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا "
والحمد لله رب العالمين
مختارات