اسم الله الشاكر 2
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم ، إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .
من أسماء الله الحسنى : ( الشاكر ) :
معان دقيقة مستنبطة من آيات وأحاديث تتعلق باسم ( الشاكر ) :
أيها الإخوة الكرام ، لازلنا في اسم ( الشاكر ) وهناك معان دقيقة تتصل بهذا الاسم يمكن أن نستشفها من بعض الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة الصحيحة .
1 – ذكرُ اللهِ للعبدِ إذا ذكره :
ففي قوله تعالى : " فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ " [البقرة:152] لأن الله سبحانه وتعالى هو الشاكر ، إن ذكرته ذكرك ، لكن ذكر الله لك غير ذكرك له ، ذكر الله لك أكبر من ذكرك له ، إنك إن ذكرته أديت واجب العبودية .
2 – ذكرُ العبدِ لربه سبب الأمن والطمأنينة :
لكنه إن ذكرك منحك نعمة الأمن ، قال تعالى : " فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (81) الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ " [الأنعام:81-82] .
لا يتمتع بنعمة الأمن الحقيقي إلا المؤمن، أما غير المؤمن فـ : " سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُواْ " [آل عمران:151] .يمتلأ قلب المشرك خوفاً وفرقاً ، بينما قلب المؤمن يمتلأ أمناً وطمأنينة ، وفي قلب المؤمن من الأمن ما لو وزع على أهل بلد لكفاهم ، إنها نعمة يختص بها المؤمنون ، إن ذكرته ذكرك ، لكن ذكرك له أداء واجب العبودية ، بينما ذكره لك أكبر بكثير من ذكرك له .
3 – ذكرُ العبدِ لربه سبب للرضى :
إن ذكرك منحك نعمة الرضى .
قد يملك الإنسان ملايين مملينة ، ومع ذلك هو ساخط ، بينما المؤمن راض عن الله عز وجل .
" رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ " [المجادلة:22] .
منحك نعمة الحكمة : " وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا " [البقرة:269] .
منحك نعمة الطمأنينة ، هذه النعم هي من ذكر الله لك .
4 – ذكرُ الله أكبر من كل شيء :
لذلك قال تعالى : " وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء َالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ " [العنكبوت:45] .
ذكر الله لك في الصلاة أكبر من ذكرك له ، لأن الله عز وجل من أسمائه الحسنى أنه الشاكر ، إن ذكرته ذكرك .
5 – الله رفع ذكر النبي ، ولكل مؤمن من هذا الرفع نصيبٌ :
بل قال تعالى : " وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ " [الشرح:4] .
ما من إنسان على وجه الأرض رفع الله ذكره كرسول الله ، ولكل مؤمن من هذه الآية نصيب ، بقدر استقامته وإخلاصه يرفع الله للمؤمن ذكره ، ويعلي قدره ، ويلقي في قلوب الخلق محبته ." وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ " [الشرح:4] .
6 – تقرّب المؤمن بذكره لربَّه سبب لتقرّب الله منه :
لمجرد أن تقترب من الله خطوة تجد أن الله عز وجل اقترب منك ، لأنه الشاكر يقترب منك ، مع بعض التفصيل في الأحاديث الصحيح :" فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ " [متفق عليه] .
قد تلقي كلمة في مجتمع معين ، في مجموعة إخوة كرام ، في عقد قران ، في سهرة ، في لقاء ، تتحدث عن الله عز وجل وتغفل نفسك ، وتغفل بطولاتك ، وتتحدث عن ربك ." وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ " [متفق عليه] .
هناك مستوى أرقى ؛ تذكر بخير ، لك سمعة طيبة ، لك ذكر عطر ، هذا من فضل الله عز وجل عليك ، ومن تحقيق اسم ( الشاكر ) ." وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ بِشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا " [متفق عليه] .
لمجرد أن تتحرك نحو الله بصلح ، بتوبة ، بإنابة ، بذكر ، بصدقة بتلاوة قرآن ، بفعل طيب مع مخلوق ما ، لمجرد أن تتقرب إلى الله شبراً يتقرب الله إليك ذراعاً ، ينتظر مبادرة منك ، ينتظر حركة منك ، ينتظر التفافة منك ، ينتظر إقبالاً منك ، وهذا الشيء واضح جداً ، لمجرد أن تتحرك نحو الله بعمل صالح ، بصيام نفل ، بصلاة نافلة ، بغض بصر، بضبط لسان ، بخدمة إنسان ، بإطعام جائع بهداية ضال يتقرب الله منك ." وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ بِشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً " [متفق عليه] .
فَلَيتَكَ تَحلو وَ الحَياةُ مَريـرَةٌ وَلَيتَكَ تَرضى وَالأَنامُ غِضابُ
وَلَيتَ الَّذي بَيني وَبَينَكَ عامِرٌ وَبَيني وَبَينَ العـالَمينَ خَرابُ
***
" فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ " [البقرة:152] .
" فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي ، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ ، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ بِشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا ، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا ، وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً " [متفق عليه] .
هذا ضمن اسم الله ( الشاكر ) .
7 – من شكر الله للعبد إلهام الأبناء برَّهم للآباء :
من معاني هذا الاسم أن النبي عليه الصلاة والسلام يقول : بروا آبائكم تبركم أبنائكم .
يشكر الله لك برك لأبيك بأن يلهم أولادك في المستقبل أن يكونوا بك بررة ، وهذا عطاء في الدنيا قبل الآخرة .
" وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ " [الرحمن:46] .
فالذي يبر أباه يهيئ الله له أولاداً بررة يطيعونه ، يعظمونه ، يحترمونه ، وهم في خدمته كظله .
8 – عفة الزوج سبب لعفة الزوجة :
وعفو تعف نسائكم والذي يتعفف عن الحرام يكافئه الله بزوجة عفيفة ، كما أنه عف عن الحرام فهي تعف عن الحرام ، لأن الله عز وجل هو ( الشاكر ) يشكر لك برك لأبيك بأن يزيدك من فضله عن طريق أولاد بررة هم في خدمتك ، ويشكر لك عفتك عن الحرام بأن يجعل زوجتك عفيفة مثلك عن الحرام ، وعفو تعف نسائكم .
9 – من شكر في صلة الرحم زيادة في العمر وسعة في الرزق :
ومن اسم الله ( الشاكر ) أنه إذا وصلت رحمك زاد في عمرك ونفى عنك الفقر ، لأن الضمان الاجتماعي في الإسلام أساسه النسب والجوار ، والأحاديث التي توصي بالجار كثيرة جداً ، والأحاديث التي توصي بصلة الرحم كثيرة جداً .
معنى صلة الرحم :
ما معنى صلة الرحم ؟ أقربائك مَن لهم غيرك ؟ الآخرون أنت لهم ، وغيرك لهم ، أما أقربائكم فمَن لهم غيرك ؟ لا تعني صلة الرحم أن تطل عليهم في كل عيد دقائق معدودة ، ومعك بطاقة ، وتتمنى أن لا تراهم في البيت لكي توفر الوقت ، ليست هذه صلة الرحم .
صلة الرحم أن تتصل بهم ، وأن تزورهم ، وأن تجلس معهم ، وأن تتفقد أحوالهم ، وأن تمد لهم يد المساعدة ، وأن تأخذ بيده إلى الله عز وجل ، هذه صلة الرحم التي أرادها الله عز وجل ، تبدأ بالاتصال ، ولعله باتصال هاتفي ، ثم بزيارة ، ثم بتفقد أحوال ، ثم مساعدة مادية أو معنوية ، ثم بأن تأخذ بيده إلى الله عز وجل ، هذه صلة الرحم التي تزيد في العمر ، وتزيد في الرزق .
معنى زيادة العمر بصلة الرحم :
معنى تزيد في العمر ، للعلماء وقفة عند هذا المعنى :
الحقيقة العمر لا يتقدم ولا يتأخر ، لكن قيمة العمر بمضمونه ، كإنسان فتح محلا تجاريا من الساعة التاسعة صباحا حتى التاسعة ليلا ، وقت محدود ، الفرق بين محلين ، محل قيمة غلته ألف ، ومحل غلته مليون ، فزيادة العمر تعني مضمون العمر ، قد يعني المضمون كثيف جداً .
الإمام الشافعي عاش أقل من خمسين سنة ، لكنه ترك خيرات لا يعلمها إلا الله ، والإمام النووي عاش أقل من خمسين سنة ، وهناك أناس عاشوا تسعين سنة ، ولم يفعلوا شيئاً .
فلذلك زيادة العمر في رأي بعض العلماء أن العمر قيمته بأعماله الصالحة ، العمر الحقيقي عمر العمل الصالح ، وأتفه أعمار الإنسان عمره الزمني ، لكن أجلّ أعماره عمره في العمل الصالح ، لذلك يقول عليه الصلاة والسلام : عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ أَوْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ " [متفق عليه] .
إن أردت أن ينسأ الله لك في أجلك ، ويزيد في رزقك فصل رحمك ، هذه من الطاعات التي حض عليها النبي عليه الصلاة والسلام ، لأن الله عز وجل شاكر .
لو تتبعنا أحوال الناس فإن الإنسان الذي يتفقد أهله ، ويعين أهله ، وينفق عليهم ، أهله بالمعنى الواسع ، أقربائه من طرف أبيه ، ومن طرف أمه ، ومعنى الرحم واسع جدا ، كل أقربائك من دون تفصيل ، من جهة أبيك ومن جهة أمك ، لأن الله عز وجل جعل صلة الرحم أحد أنواع الضمان الاجتماعي ، لذلك قال العلماء : لا تقبل زكاة إنسان وفي أقربائه محاويج ، والكلمة التي أقولها دائماً : هؤلاء أقربائك مَن لهم غيرك ، الآخرون أنت لهم وغيرك لهم ، أما أقربائك فمَن لهم غيرك ؟
أحياناً إنسان له أخت متزوجة في طرف المدينة ، ما عنده وقت لزيارتها ، لكن لو أنه زارها ما الذي يحصل ؟ تنتعش أمام زوجها ، أمام أولادها ، لا تنام الليل مِن فرحها ، لذلك هناك أناس يزورون أقرباءهم الأقوياء أو الأغنياء أو اللامعين في الحياة ، أما أقربائهم المساكين فيهملونهم ، ويزورونهم من عام إلى عام .
أيها الإخوة الكرام ، لو طبقنا صلة الرحم لكنا في حال غير هذا الحال ، لذلك النبي عليه الصلاة والسلام أشار إلى أنك إذا أعطيت أقربائك من مالك ، من مال زكاتك ، فهذه الزكاة لها أجران عند الله ، لك أجر الصدقة ، ولك أجر الصلة ، ألا تحب أن تنال ثواباً مضاعفاً ؟ تفقد في هذا المال الذي هو مال زكاتك ، تفقد أهلك ، بل إن بعض العلماء يؤكد أن الله سبحانه وتعالى لا يقبل زكاة من مسلم ، وفيه أقربائه محاويج ، والحقيقة في ظاهرة عجيبة عمله الصالح لكل الناس إلى أقربائه ، هؤلاء أقرب الناس إليك ، أنت بعملك الصالح مع هؤلاء تقربهم منك .
والله حدثني أخ زاره قريبه في بيت تحت الأرض ضعيف الشمس ، رطب ، والزائر منعم ، قال له : هذا المكان لا يليق بأولاده من أجل صحتهم ، قال لي : زيارة واحدة نقلني إلى بيت في طابق ثالث باتجاه القبلة ، قال : والله أنعشني ، القصد من الزيارة أن تمد يد العون ، الزيارة دائما أن تمد يد العون ، من القوي إلى الضعيف ، ومن الغني إلى الفقير ، ومن العالم إلى الجاهل ، والأقوى منك ليس بحاجة إليك ، يجب أن تزوره طبعاً ، وهو ليس بحاجة إليك ، مَن هو في حاجة إليك ؟ الذي يكون أضعف منك ، فإذا تراحم الناس يرحمهم الله جميعاً ، أما إذا تدابروا ، وتناكر الناس ، ولم يعبأ أحد بأحد سخط الله علينا جميعاً .
10 – مِن شكرِ الله العبدَ عند توقيره الكبير :
أيها الإخوة في بعض الأحاديث ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَا أَكْرَمَ شَابٌّ شَيْخًا لِسِنِّهِ إِلَّا قَيَّضَ اللَّهُ لَهُ مَنْ يُكْرِمُهُ عِنْدَ سِنِّهِ " [الترمذي] .
وهذا من اسم الله ( الشاكر ) .
11 – من شكر الله العبدَ عند إحسانه إلى المخلوقات :
لكن كما قلت البارحة : أيّ عمل صالح قدِّم لمخلوق كائنا من كان وكائناً ما كان ، كائناً من كان للبشر العقلاء ، وكائناً ما كان لغير البشر ، لمخلوق ، لقطة ، لجرو صغير ، أيّ عمل صالح قدِّم لأي مخلوق كائناً من كان ، أو كائناً ما كان فلابد من أن يجازي الله عليه مقدِّمَه ، مسلما كان أو كافرا ، في الدنيا أو في الآخرة ، ومستحيل أن تقدم شيئا صالحا دون أن تنال الجزاء ، فإن كنت مؤمناً بالله وباليوم الآخر كان الجزاء في الدنيا والآخرة ، وإن كان الإنسان بعيداً عن الله ، مؤمنا بالدنيا ، ولم يؤمن بالآخرة كان الجزاء في الدنيا .
ما أحسن مسلم عمله أو كافر إلا وقع أجره على الله في الدنيا أو في الآخرة والعمل الصالح لابد أن تنال جزاءه .
12 – من شكر الله العبدَ عند إنفاقه من وقته في طاعة الله :
الذي ينفق يوسّع الله عليه في ماله .
والذي يدعم الضعفاء والمساكين يقوي الله عز وجل مكانته في المجتمع .
والذي يبذل من وقته لخدمة الخلق يبارك الله في وقته ، لذلك الله عز وجل أمرنا أن نؤدي زكاة أموالنا ، ومن منا ينتبه إلى أن الوقت له زكاة ، لمجرد أن تؤدي الصلوات في أوقاتها فقد اقتطعت من وقتك الثمين وقتاً لطاعة الله ، فالمكافأة على ذلك أن الله يبارك لك في وقتك ، فتفعل في الوقت القليل الشيء الكثير .
أحيانا إذا ضن الإنسان بوقته الثمين أن يعبد الله فيه ، أو أن يحضر مجلس علم يتلف الله له وقته ، وقد يشعر الإنسان بعدم التوفيق ، عنده قائمة أعمال ، انتقل من مكان إلى مكان ، أغلق المحل ، يسافر من مكان إلى مكان فلا يتحقق له شيء ، فأراد الله عز وجل له أن يضيع الوقت مع الشعور بالألم ، وهو قادر أن يبارك لك في وقتك ، لذلك الوقت له زكاة ، إن أنفقت بعض الوقت في أداء العبادات ، وطلب العلم ، وطاعة الله يبارك الله لك في وقتك ، وإن أديت شيئاً من وقتك في خدمة الخلق يبارك الله عز وجل لك في جهدك .
حدثني أخ أنه دخل محل إنسان ، في إحدى المحافظات الشمالية ، قال : أنا أريد أن تعلمني صنع هذه الحلوى ، قال : حباً وكرامة ، صنع أمامه طبخة ، وقال له : اكتب عندك التفاصيل ، وكلفه أن يصنع أمامه طبخة ثانية ، والإنسان من محل بعيد من أقصى القطر ، أقسم لي بالله منذ ثلاثين عاماً ما مِن عام إلا ويأتي إليه بهدايا ثمينة ، يقول له : أنت فضلك علي كبير .
هذا الإنسان مؤمن ، وحينما تبذل الله عز وجل يكرمك ، لذلك :
" مَا أَكْرَمَ شَابٌّ شَيْخًا لِسِنِّهِ إِلَّا قَيَّضَ اللَّهُ لَهُ مَنْ يُكْرِمُهُ عِنْدَ سِنِّهِ " [الترمذي] لأن الله عز وجل هو ( الشاكر ) وإن قدّمت لإنسان عادي معروفاً يتفنن في شكرك ، ويبارك هذا العمل ، يقول لك : خجلتنا ، تفضلت علينا ، وخالق الأكوان صاحب الأسماء الحسنى والصفات الفضلى أيعقل أن تقدم معروفاً في الدنيا أم في الآخرة ولا يشكرك عليه .
13 – من شكر الله العبدَ عند إنفاقه من وقته في خدمة خلقه :
أيها الإخوة الكرام ، لو قدمت معروفا لكلب ، دققوا في هذا الحديث ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " بَيْنَا رَجُلٌ يَمْشِي فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ الْعَطَشُ ، فَنَزَلَ بِئْرًا ، فَشَرِبَ مِنْهَا ، ثُمَّ خَرَجَ ، فَإِذَا هُوَ بِكَلْبٍ يَلْهَثُ ، يَأْكُلُ الثَّرَى مِنْ الْعَطَشِ ، فَقَالَ : لَقَدْ بَلَغَ هَذَا مِثْلُ الَّذِي بَلَغَ بِي ، فَمَلَأَ خُفَّهُ ، ثُمَّ أَمْسَكَهُ بِفِيهِ ، ثُمَّ رَقِيَ ، فَسَقَى الْكَلْبَ ، فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ فَغَفَرَ لَهُ ، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَإِنَّ لَنَا فِي الْبَهَائِمِ أَجْرًا ؟ قَالَ : فِي كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ " [متفق عليه] .
والله لعل الله يرحمنا بخدمة مخلوق ضعيف ، بخدمة هرة مريضة ، وهناك أشخاص يأخذون هذه الحيوانات المريضة إلى مستوصفات بيطرية يعالجونها ، هناك أناس مغرمون بإطعام الحيوانات .لذلك أيها الاخوة ، حينما تعرف الله تتفنن في خدمة مخلوقاته ، والمؤمن إنسان عظيم ، إنسان اصطلح مع الله ، اصطلح مع خلقه جميعاً ، المؤمن يبني حياته على العطاء يعيش ليعطي : " قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَإِنَّ لَنَا فِي الْبَهَائِمِ أَجْرًا ؟ قَالَ : فِي كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ " أيّ عمل صالح موجّه لأيّ مخلوق ، هناك أشخاص مغرمون بإطعام الطيور ، يشترون الحب ويضعونه على سطح البيت ، والطيور تأتي تباعاً وتأكل .
فلذلك أيها الإخوة الكرام ، يا من جئت الحياة فأعطيت ولم تأخذ ، يا من قدست الوجود كله ، ورعيت قضية الإنسان ، يا من زكيت سيادة العقل ، و نهنهت غريزة القطيع ، يا من هيأك تفوقك لتكون واحداً فوق الجميع ، فعشت واحداً بين الجميع ، يا من كانت الرحمة مهجتك ، والعدل شريعتك ، والحب فطرتك ، والسمو حرفتك ، ومشكلات الناس عبادتك .
14 – من شكر الله العبدَ عند إماطته الأذى عن الطريق :
أيها الإخوة الكرام ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي بِطَرِيقٍ وَجَدَ غُصْنَ شَوْكٍ عَلَى الطَّرِيقِ فَأَخَذَهُ فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ فَغَفَرَ لَهُ " [متفق عليه] .
أحيانا شاحنة كبيرة تقف لإصلاح بعض العجلات ، وتضع حجرا كبيرا وراء العجلة ، ثم تنطلق والحجر قد يسبب دمار أسرة بأكملها ، وهناك إنسان يقف ، ويزيح هذا الحجر ، فيشكر الله لك .أيها الإخوة ، الله عز وجل هو ( الشاكر ) ومن أسمائه أيضا هو ( الشكور ) .
مختارات
-
أسباب استمالة قلوب الناس (1)
-
الازدواجية في الأخلاق
-
" كف الأذى وبذل الندى "
-
طرق عملية للتخلص من إدمان تصفح مواقع التواصل الاجتماعي
-
" المَعْلم الثامن : المكافأة على السلوك الحسن "
-
" الرقيب "
-
أثر معرفة القواعد على الأسلوب الأدبي
-
" آداب الدعاء "
-
" نزول البلايا بين المؤمن وغيره "
-
الاهْتِمام بالضُعَفاء في السيرةِ النبَويَّة