حزن بلا سبب
لايوجد حزن من غير سبب تقريباً. الفرق أن البعض يتأقلم تدريجياً على “تناسي” بعض مثيرات الحزن والكآبة والغم، وقد ينساها بالفعل، وقد يحتاج جهد ذهني لاستذكارها، إلا أن هذه البواعث على الهموم تؤدي دورها بكفاءة في إفساد المزاج، وضيق النفس، وبؤس الحياة. وقد يتسرع الانسان ويظن ان لايعرف سبب لهذا الحزن الذي يجتاحه كطوفان هائج.. غالباً كل ما في الأمر أنك تناسيت حتى نسيت لكن الذاكرة العميقة لا تنسى!.. ربما تكون هناك أحزان بلا أسباب خارجية جسدية ولا داخلية نفسية، وإنما لاضطراب عضوي بيولوجي بحت يمكن التدخل لعلاجه، لكن تبقى في حدود ضيقة.
ربما تكون بحاجة لاستعادة الأسباب الجالبة للغموم إلى الوعي من جديد، وإعادة فرزها إلى مسببات يمكن القفز عليها ومسببات لا يمكن القفز عليها. فمن يعاني/تعاني من عدم رضا عن مستوى مظهره الجسدي، ليس كمن يعاني من عدم رضاه عن مستوى مخبره الروحي. لابد أن تواجه أحزانك بصلابة، وأنتدفن التوافه، ولا تتظاهر بأنك لا تعرف مصدر حزنك. هذه الحياة الصعبة بحكم الصنع الإلهي لاتتيح لك خيارات كثيرة في معظم الأمور. كتبت مرةً عن المستقبل وكم هو محدود ولا يستحق كل هذا الاهتمام، وسيأتي عليك يوم وأنت في باطن الأرض ولم يبق من جسدك إلا ذلك الجزء الذي يعاد من بعثك لليومالأخير.
أنت تنتقل من عدم كامل (قبل تخلقك في الرحم) إلى عدم جزئي (في القبر)، وما بينهما لايستحق كل هذا الضيق. وأقسى الأحزان ما يقعد عن عمل الدين ويعيق عمل الدنيا، وما سوى ذلك فلا يخلو منه أحد.
مختارات