جوهر السعادة
الفشل في الإمساك بزمام الذات. هذا أكثر مشهد إنساني موجع. تظهر هذه المشاهد في حالة الإدمان المؤسف لأنواع المواد المخدرة. أو المسموعة أو المرئية، أو أية إدمان آخر. في لحظة الحب الجارف. في مرحلة متقدمة من أزمة الاكتئاب. في وسط الانغماس في الملذات المتتابعة.
كل هذه المشاهد وما يشبهها مؤلمة، فانفلات الإرادة، والفشل في السيطرة على السلوك يشعر صاحبه بقلة الحيلة أمام جبروت النوازع الداخلية، بل يحس أحياناً بأن جسده ينتمي لقلب آخر، ولروح لا يعرفها، وبأن أفعاله لا يمكن منعها من الحدوث، ويتحول تدريجياً لآلة صماء، لا تقبل التوجيه، ولا تنتفع بالإرشاد. والممض الممرض أن يكون الإنسان ليس عارفاً فقط، بل خبيراً بالضرر والخطر الذي يغطس فيه، ولكنه لايزال مكبّل اليدين، ومكتوف العزيمة. وغالب من يعيش في هذه الحالة التي وصفتها قدر ما يمكن، لا يمكنه الخروج منها بنفسه، لابد من تدخل الآخرين، أم، أب، أقارب، أصدقاء، طبيب، مستشار،…الخ.
هذه الحالة تجعلني أتخيّل أن السعادة تكمن في قوة الإرادة، وفي القدرة على التحكم بالنفس، وفي ضبط الشعور، وتنظيم النوازع. هذه السعادة في عمقها الجوهري. إذا كنت عالقاً هناك، فاسمح لي بأن أتعاطف معك، وأشدّ على يديك، وأربّت على كتفيك، لأنك تجلب الشفقة فعلاً، ولأني أشعر بما تعانيه. ودعني أقول لك، عليك أن تفتح النافذة، لا، بل عليك أن تخرج من الباب، فتغيير المكان، والزمان، وتدمير الروتين، وتعميق الروابط الاجتماعية والعاطفية بمن حولك، ربما يساعدك على رد الأمور إلى نصابها. أدرك أن القصة أكثر تعقيداً من ذلك، ولكن لابد أن أقول لك شيئاً كما تعرف. دعواتي لك، فالرب تعالى هو القادر الوحيد على إنقاذنا من أوحال الطين. لا تنس هذا.
مختارات