" نعمة اليدين "
" نعمة اليدين "
يا لها من نعمة عظيمة، بها نأكل وبها نشرب، وبهانكتب، وبها نحمل، وبها نضع، وبها نميط الأذى عن أنفسنا، وبها نتجمل، وبها نستر عوراتنا، وبها نحمل فلذات أكبادنا، وبها نُكبر في صلواتنا، وبها نُصافح إخواننا، وبها نقود مراكبنا، وبها نتصدق من أموالنا.
وعليها نتكئ إذا زلت أقدامنا.
إخوة الإيمان، هذه بعض وظائف أيدينا، والتي نقوم بها ليلاً ونهارًا، ولم يقف أحدنا مع نفسه، ولو وقفة واحدة، ليشكر الله على هذه النعمة، والتي بغيرها يُصبح الإنسان فاقدًا جزءًا كبيراً من حياته.
وهذه قصة رجل قصها علينا أحد الإخوة ممن شهدوا تلك الحادثة ـ يقول: كنا في أحد المساجد في مجلس علم بعد صلاة المغرب؛ وإذ برجل ينظر إلينا من خلال زجاج النافذة من خارج المسجد، فرأيناه يرفع رأسه ويخفضه، ولانسمع كلامه، وكأنه ينادينا.
فقال الشيخ: اذهب يا فلان لهذا خارج المسجد، وانظر ما شأنه، قال: فذهبت إلى هذا الرجل، وفتحت باب المسجد وإذا به رجل فقد يديه الاثنتين من الكتف، فقلت له خيرًا – إن شاء الله - فقال لي: أين دورات المياه فدللته عليها. فقال لي: هل يمكن أن تذهب معي.
فقلت: لا مانع فذهبت معه حتى وصلنا إلى باب الخلاء، فقال لي: افتح لي الباب، ففتحت الباب، ثم دخل الخلاء وقال: انتظرني.
ثم انتظرته وإذا به رجع ونادى بصوته افتح الباب ففتحت الباب، فقال لي: انزع ملابسي عني، ولاتنظر إلي، ثم بلغ بي الحزن مبلغًا عظيمًا،فنزعت عنه ملابسه، ودخل الخلاء.
الله أكبر، كيف يا ترى سيستبرئ من بوله، ويميط الأذى عن نفسه؟
وبعد لحظات وإذا به يصيح، افتح الباب وألبسني ملابسي، وفتحت الباب وألبسته ملابسه.
وانصرف وهو يشكرني لأنه كان محصورًا وفرج الله عنه بي !!
الله أكبر أي نعمة هذه التي غفلنا عنها يا ترى !! كيف يأكل هذا الرجل؟ وكيف يتناول الإناء ليشرب؟ وكيف يدخل الخلاء؟ وكيف يتوضأ؟ وكيف يسجد؟ وكيف يرفع؟
الحمد لله، ثم الحمد لله، ثم الحمد لله، لك يا رب على نعمك، وما بقي- إخوة الإيمان- إلا أن تُسخروا هذه النعمة لطاعة الله، حتى تشهد لكم يوم القيامة بالخير، واحذروا من استعمالها في الشر، والبطش بها في الحرام، فإنها ستشهد عليكم يوم القيامة قال الله تعالى: ﴿ يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [النور: 24].
الحمد لله على نعمة اليدين
مختارات