" نعمة اللسان "
" نعمة اللسان "
إن نعمة الحديث والكلام هي - أيضًا - ليست ببعيدة في عظمتها عن أخواتها من النعم.
فهل علمت أن الخرس مرض يُصيب اللسان فيُقعده عن وظيفته، ويعطله عن أداء مهمته؟!
أخي المؤمن: هل وقفت يومًا تُخاطب إنسانًا حرم نعمة الكلام، وكتب عليه الخرس؟! هل يمكن أن تفهم منه كل ما يريد؟!
إنها إشارات يوميء بها، وأنصاف أحرف تخرج لا يعرفها أحد إلا من كان معايشًا له، عليمًا بلغته.
كيف سيكون تعامل هذا المسكين داخل هذا المجتمع الضخم؟!
تصور نفسك - أخي المؤمن - لو صمت عن الكلام يومًا كاملاً لا تتكلم فيه ولا كلمة واحدة !!
هل يكون ذلك في استطاعتك؟
فكيف بمن كان عمره كله يقضيه لا يتكلم؟ الحمد لله الذي فضلنا على كثير ممن خلق.
وحقًا: إننا ننسى كثيرًا من نعم الله علينا، وإن كثيرًا من الناس - وللأسف الشديد - قد سخروا هذه النعمة في معصية الله فخرجت الغيبة والنميمة، والكلام الفاحش والكذب والافتراء مع علمهم بقول الله تعالى: ﴿ وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ﴾ [الحجرات: 12].
وقول الله تعالى: ﴿ هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ ﴾ [القلم: 11] وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يدخل الجنة قتات» (أخرجه البخاري ومسلم، والقتات: النمام).
وحديث عبد الله بن عباس – رضي الله عنه - قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على قبرين فقال: «أما إنهما ليُعذبان وما يُعذبان في كبير، ثم قال: بلى، أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة، وأما الآخر فكان لا يستتر من بوله» وفي رواية «لا يستبرئ».
والذي بسببه تتفكك الأسر، وتضطرب المجتمعات، ويتصدع البناء، ويحل مكان الحب الحسد والشحناء والتناحر، وأخص بالذكر هؤلاء الذين يلقون بالكلمة من سخط الله لايلقون لها بالاً فتهوى بهم في جهنم سبعين خريفًا كما جاء ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ولنعلم قول الله تعالى: ﴿وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا﴾ [الحجرات: 12].
فكيف بهذه النعمة تصرف في غير ما أراد الله !!
ولتستغل في نشر الخير والقرآن والسنة، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وفي التسبيح والتهليل، والتحميد، فكل تهليلة صدقة، وكل تحميدة صدقة، قبل أن تختم على هذه الألسن فلا تتكلم أبدًا إلا حين تُستشهد قال تعالى: ﴿ يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ ﴾ [النور: 24].
الحمد لله على نعمة اللسان الذاكر الشاكر
مختارات