" معالم على طريق التوفيق : الثامن والعشرون : رحلة المشتاق "
" معالم على طريق التوفيق: الثامن والعشرون: رحلة المشتاق "
ومن معالم التوفيق أن يُوفق الله العبد إلى عمرة أو حج بيت الله الحرام، يسير في تلك البقاع الطاهرة، التي نزل فيه الوحي وسار فيها رسول الهدى محمد صلى الله عليه وسلم القائل: «صلاة في مسجدي أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام، وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة فيما سواه» [صحيح الجامع].
" فِيهِ آيَاتٌ بَيِّـنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ " [آل عمران: 97].
· هنا مكة المكرمة.
· هنا الكعبة المشرفة، قبلة المسلمين في الدنيا كلها.
· هنا الصفا والمروة.
· هنا المشاعر كلها، عرفات ومزدلفة ومنى.
· هنا ماء زمزم المبارك.
· هنا ولد أبر مولود بأمته محمد صلى الله عليه وسلم.
· هنا تسكب العبرات، وتقضى الحاجات، وتجاب الدعوات.
ولنعلم جميعًا:
وأن الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة، هكذا نطق الرسول الصادق المصدوق.
عن أبي هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس جزاء إلى الجنة» [رواه البخاري ومسلم].
الله أكبر، الله أكبر، ما أعظمه من أجر ! وما أجله من بلد ! وما أكرمه من مكان !
" ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ " [الحج: 32].
ولا عجب بعد ذلك أن يُوفق الله أُناسًا يأتون ملبين محرمين من أقصى الدنيا طولًا وعرضًا من كل فج عميق إلى بيت الله الحرام؛ إنه توفيق الله لهم، وكفى به شرفًا وفضلًا !
" وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ " [الحج: 27].
أما المحروم من الخيرات والبركات فقد قال صلى الله عليه وسلم: «إن الله يقول: إن عبدًا أصححت له جسمه، ووسعت عليه في المعيشة، تمضي عليه خمسة أعوام لا يفد إلي محروم» [السلسلة الصحيحة].
فتجده يسافر الأسفار البعيدة، وينفق عليها الأموال الطائلة، ويخطط وينظم لها، أما الحج أو العمرة وزيارة المدينة النبوية فهي في عالم النسيان والغفلة في حياته !
الموفق السعيد لا ينسى أيضًا الرحلة إلى المدينة النبوية، والصلاة في مسجد رسول الهدى صلى الله عليه وسلم، وأنت تسير بين أروقة المسجد النبوي، تأمل في تلك البقعة الطاهرة، وتذكر قول المصطفى صلى الله عليه وسلم: «ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة». [صحيح الجامع].
فماذا بعد هذا الفضل والتوفيق، فإذا خرجت من المسجد النبوي وأنت تسير في فجاج المدينة، تذكر الصلاة في مسجد قباء، أول مسجد أسس على التقوى.
" لاَ تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ " [التوبة: 108].
عن سهل بن حنيف رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من تطهر في بيته، ثم أتى مسجد قباء، فصلى فيه صلاة، كان له كأجر عمرة» [أخرجه النسائي، وابن ماجه].
ولا تنس – أيضًا أيها الموفق – زيارة مقبرة البقيع، ففيها أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم رضوان الله عليهم والسلام عليهم والدعاء لهم، الصحابة الذين قدموا أنفسهم وأموالهم في سبيل مرضاة الله جل وعلا، تعرف عليهم وعلم أولادك محبتهم والترضي عنهم.
ولا تنس في رحلتك الموفقة صحبة أهلك وأولادك، وإدخال السرور والبهجة على قلوبهم، وكل هذا من توفيق الله لك ولهم.
فهل عرفت أخي من هو الموفق ومن هو المحروم.
إضاءة على الطريق:
لا تفوتك رحلة الحج إلى بيت الله الحرام لهذا العام.
كن صادقا، وجهز نفسك ورتب حالك.
وأبشر بما يسرك.
مختارات