" معالم على طريق التوفيق : عاشرًا : مزامير آل داود "
" معالم على طريق التوفيق: عاشرًا: مزامير آل داود "
ومن معالم التوفيق في الحياة الدنيا من رزقهم الكريم المنان بأصوات جميلة حسنة، فمنَّ عليهم ربهم بأن استعملوها وسخروها في طاعة ربهم، فقرؤوا القرآن الكريم، وعلموه ونشروه في الآفاق، في الإذاعات والفضائيات والمواقع الالكترونية.
عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يقال لصاحب القرآن: اقرأ وارتق ورتِّل كما كنت ترتل في الدنيا؛ فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها» [رواه أبو داود والترمذي، وقال: حديث صحيح].
وكذلك نشرهم لسُّنة نبيهم صلى الله عليه وسلم وتعليمهم لها قراءة ودراسة وشرحًا؛ وذلك لحسن وجمال أصواتهم، كل ذلك من توفيق الله لهم " وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا " [الفرقان: 74].
أيها الموفق:
يستمع النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة من الليالي لأبي موسى الأشعري رضى الله عنه وهو يتغنى ويرتل، ويتلذذ بقراءة القرآن الكريم، وكان حسن الصوت جميل الأداء، أعطاه الله هذه النعمة «جمال الصوت وعذوبته» فسخرها في طاعة ربه، فيشجعه صلوات ربي وسلامه عليه قائلًا: «لقد أُوتيت مزمارًا من مزامير آل داود» [صحيح البخاري].
إنه وسام فخر وشرف وعز وتقدير من الدرجة الأولى مع مرتبة الشرف والعز والسُؤدد.
فيرد أبو موسى قائلًا: لو كنت أعلم لحبرته لك تحبيرًا.
فهنيئًا لك أبا موسى بما حباك ربك وأعطاك، وهنيئًا لكل من سار على دربك من القراء الموفقين.
" إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ * لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ " [فاطر: 30].
قال صلى الله عليه وسلم: «إن من أحسن الناس صوتًا بالقرآن الذي إذا سمعته يقرأ، رأيت أنه يخشى الله» [صحيح الجامع].
بل إن بعضهم قد رحلوا من الدنيا، مرتهنون في قبورهم، لكن بقيت آثارهم الحميدة وأصواتهم بكتاب الله ندية عطرة، تُتلى آناء الليل وأطراف النهار، فهنيئًا لهم بالحسنات والثواب الكبير من ربهم بإذن الله تعالى.
" إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ " [يس: 12].
ألا، وإن من الحسرة والندامة ما يقطع القلب، من أُعطوا نعمة الصوت الحسن الجميل، فسخروها وخسروها في أوتار وأنغام وألحان وفنون !
ألم يقرؤوا في كتاب ربهم:
" وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ " [لقمان: 6].
ونقول لهم: عُودوا إلى ربكم، أين إيمانكم؟ حاسبوا أنفسكم، راجعوا أعمالكم، ماذا قدمتم لأمتكم، مادام في العمر بقية، وباب التوبة مفتوح؟
وتأملوا في رحمة ربكم: " إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا * وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا " [الفرقان: 71].
أخي الموفق:
هذا هو طريق التوفيق، والمحروم من حرم نفسه من الخيرات والفضائل.
" قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا " [الشمس: 10].
إضاءة على الطريق:
اللهم آت نفوسنا تقواها، وزكها أنت خير من زكاها.
أنت وليها ومولاها.
مختارات