" معالم على طريق التوفيق : تاسعًا : طال عمره وحسن عمله "
" معالم على طريق التوفيق: تاسعًا: طال عمره وحسن عمله "
ومن معالم التوفيق التي نراها يوميًّا في أقاربنا وأحبابنا وجيراننا وعلمائنا من كبار السن ممن بلغ السبعين بل ويسير إلى التسعين عامًا وهو ممتعٌ بعقله وإن ضعف بصره ورق عظمه فتراه محافظًا على الصلوات في المسجد ذاكرًا لله تعالى، يحب الصدقة ويحث عليها بل وبعضهم مهتم بالدعوة إلى الله تعالى إلى آخر أيام حياته.
" وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ " [الحجر: 99].
نعم، كل يوم يعيشه المؤمن غنيمة، فالأيام والشهور والسنين لا تزيد الموفق إلا قربًا من ربه وخالقه، بل كان من دعائه صلى الله عليه وسلم: «واجعل الحياة زيادة لي في كل خير، والموت راحة لي من كل شر».
وممن أدركنا من هؤلاء العلامة ابن باز، والعلامة ابن عثيمين، والعلامة ابن جبرين رحم الله الجميع؛ ففي حياتهم الدروس والعبر في طلب العلم والدعوة إلى الله ونفع الخلق وبذل المعروف.
عن جابر رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ألا أخبركم بخياركم؟ خياركم أطولكم أعماراً، وأحسنكم أعمالًا» [السلسلة الصحيحة].
وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: «خير الناس من طال عمره وحسن عمله، وشر الناس من طال عمره وساء عمله» [صحيح الجامع].
أيها الموفق: كن كالنخلة كلما طال عمرها ازداد خيرها ونفعها، وهكذا المؤمن الموفق إذا طال عمره ازداد خيره وبره وإحسانه على نفسه وعلى الآخرين.
أيها الموفق:
كلما تقدم بك العمر، وتقدمت بك السنين، فاعلم أنك قد اقترب أجلك، فيحسن بك إحسان العمل الصالح والحرص عليه، فمن طال عمره وهو مازال موفقًا مسددًا حريصًا على الأعمال الصالحة، يزدد كل يوم أجرًا وثوابًا؛ فهذا من توفيق الله له، خلاف المحروم والمخذول يطول عمره وهو مازال في عمله السيئ، وفساده بشتى صوره وأشكاله في هذا الزمن.
قف مع هذه الآية الكريمة، وأعد قراءتها أكثر من مرة:
" أًمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أّن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاء مَّحْيَاهُم وَمَمَاتُهُمْ سَاء مَا يَحْكُمُونَ " [الجاثية: 21].
والموفق من علم أن الحياة الدنيا قصيرة والآخرة خير وأبقى، واعلم علم اليقين أنها مهما طالت فهي قصيرة وحقيرة !
عن سهل بن سعد رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضةٍ ما سقى كافرًا منها شربة ماء» [رواه الترمذي، وقال: حديث حسن غريب].
وتأمل في حديث أبي هريرة رضى اله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلمقال: «أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين، وأقلُّهم من يجوز ذلك». [رواه الترمذي، وابن ماجه].
" فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا " [الكهف: 110].
مختارات