تابع " الأعمال المثقلة للميزان : العمل السابع عشر : الأعمال الصالحة التي يعدل ثوابها الجهاد في سبيل الله "
تابع " الأعمال المثقلة للميزان: العمل السابع عشر: الأعمال الصالحة التي يعدل ثوابها الجهاد في سبيل الله "
[7] التكسب لإعفاف النفس ولإعالة العيال ولبر الوالدين:
روى كعب بن عجرة رضى الله عنه قال: مر على النبي صلى الله عليه وسلم رجل فرأى أصحابه من جلده ونشاطه ما أعجبهم فقالوا: يا رسول الله لو كان هذا في سبيل الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن كان خرج يسعى على ولده صغارًا فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى على أبوين شيخين كبيرين فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى على نفسه يعفها فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى رياء ومفاخرة فهو في سبيل الشيطان» (صححه السيوطي في الجامع الصغير ووافقه الألباني في صحيح الجامع).
فما أحوجنا إلى أن نستحضر نية صادقة حتى عند ذهابنا للعمل والوظيفة لنحولها إلى طاعة في سبيل الله نرجو برها.
[8] طلب العلم:
فعن انس بن مالك رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من خرج في طلب العلم، كان في سبيل الله حتى يرجع» (قال الألباني في صحيح الترغيب والترهيب: حسن لغيره).
ومن ذلك طلب العلم الشرعي في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم خاصة حيث روى أبو هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من جاء مسجدي هذا لم يأته إلا لخير يتعلمه أو يعلمه؛ فهو في منزلة المجاهد في سبيل الله، ومن جاءه لغير ذلك فهو بمنزلة الرجل ينظر إلى متاع غيره» (صححه الألباني في صحيح الجامع).
وروى حذيفة بن اليمانرضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «فضل العلم أحب إليَّ من فضل العبادة، وخير دينكم الورع» (صححه الألباني في صحيح الجامع).
فلنتنبه جميعا معشر الدعاة وطلبة العلم، ولنستحضر نية لعل الله أن ينفعنا بها.
ومن المعلوم بأنه لا يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون، فالعالم أفضل عند الله تعالى من العابد، ولذلك سيكون وزنه في الميزان ثقيلاً مقارنة بغيره من العباد، حيث روى أبو أمامة الباهلي رضى الله عنه قال: ذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم رجلان أحدهما عابد والآخر عالم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم...» (صححه الألباني في صحيح الجامع).
[9] الحج والعمرة:
روت أم معقل رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الحج والعمرة من سبيل الله، وإن عمرة في رمضان تعدل حجة» (قال الألباني في صحيح الترغيب والترهيب: حسن لغيره).
وروت الشفاء رضي الله عنها أنها قالت: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أريد الجهاد في سبيل الله، فقال: «ألا أدلك على جهاد لا شوكة فيه؟ حج البيت» (صححه الألباني في صحيح الجامع).
وروى الحسين بن علي رضي الله عنهما أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني جبان وإني ضعيف، فقال: «هلم إلى جهاد لا شوكة فيه: الحج» (صححه الألباني في صحيح الجامع).
فليحرص كل منا أن يعوض ما فاته من الجهاد ذي الشوكة بهذا الجهاد، وليحسن فيه ليكون حجًا مبرورًا.
[10] التمسك بالسُّنَّة زمن الفتن:
روى عبد الله بن مسعود رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن من ورائكم زمان صبر للمتمسك فيه أجر خمسين شهيدًا» (صححه الألباني في صحيح الجامع).
[11] قول الحق عند سلطان جائر:
روى جابر بن عبد الله رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب، ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه، فقتله» (حسن الألباني في صحيح الجامع).
[12] التسبيح والتحميد والتكبير دبر كل صلاة:
لقد أعلم النبي صلى الله عليه وسلم الفقراء بعض الأذكار التي تقال دبر كل صلاة ليسبقوا المتصدقين والمجاهدين من الأغنياء، حيث روى أبو هريرة رضى الله عنه قال: جاء الفقراء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: ذهب أهل الدثور من الأموال بالدرجات العلا والنعيم المقيم، يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ولهم فضل من أموال؛ يحجون بها ويعتمرون ويجاهدون ويتصدقون، قال: «ألا أحدثكم إن أخذتم أدركتم من سبقكم ولم يدرككم أحد بعدكم، وكنتم خير من أنتم بين ظهرانيه إلا من عمل مثله؟ تسبحون وتحمدون وتكبرون خلف كل صلاة ثلاثًا وثلاثين» فاختلفنا بيننا فقال بعضنا: نسبح ثلاثًا وثلاثين ونحمد ثلاثًا وثلاثين ونكبر أربعًا وثلاثين، فرجعت إليه فقال: «تقول: سبحان الله والحمد لله والله أكبر حتى يكون منهن كلهن ثلاثا وثلاثين» (البخاري واللفظ له ومسلم).
فما أحرانا أن نشغل وقت فراغنا بهذا الذكر الذي لا يكلفنا إلا اليسير، فلنجعل لحظات انتظارنا قربة إلى ربنا.
[13] حمد الله تعالى مائة مرة:
قال موسى بن خلف: حدثنا عاصم بن بهدلة عن أبي صالح عن أم هانئ بنت أبي طالب رضي الله عنهما قال: قالت: مر بي ذات يوم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله إني قد كبرت وضعفت، أو كما قالت، فمرني بعمل أعمله وأنا جالسة، قال: «سبحي الله مئة تسبيحة، فإنها تعدل لك مائة رقبة تعتقينها من ولد إسماعيل، واحمدي الله مائة تحميدة، تعدل لك مائة فرس مسرجة ملجمة تحملين عليها في سبيل الله، وكبري الله مائة تكبيرة، فإنها تعدل لك مائة بدنة مقلدة متقبلة، وهللي الله مائة تهليلة» قال ابن خلف: أحسبه قال: «تملأ ما بين السماء والأرض، ولا يرفع يومئذ لأحد عمل أفضل مما يرفع لك، إلا أن يأتي بمثل ما أتيت به» (حسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب).
[41] سؤال الله عز وجل الشهادة في سبيل الله:
روى سهل بن حنيف رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من سأل الله الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه» (مسلم).
فالأمر يسير جدًا ويحتاج إلى صدق في النية وإقدام لفعل الخير، ولو لم تستطع ذلك، فقد روى أنس بن مالك رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رجع من غزوة تبوك، فدنا من المدينة فقال: «إن بالمدينة أقواما ما سرتم مسيرًا، ولا قطعتم واديًا، إلا كانوا معكم» قالوا: يا رسول الله وهم بالمدينة؟ قال: «وهم بالمدينة؛ حبسهم العذر» (البخاري واللفظ له ومسلم).
ولذلك حينما عاد مكحول الشامي حكيم بن حزام في مرضه قال له: أتراك مرابطًا العام؟ قال: كيف تسألني وأنا على هذا الحال؟ قال: وما عليك أن تنوي ذلك؟ فإن شفاك الله مضيت لوجهتك، وإن حال بينك وبينه أجل كتب لك نيتك اهـ (حلية الأولياء).
المصائب التي يمنح أصحابها أجر الشهيد:
أخي الكريم ومن النعم التي امتن الله تعالى بها على عبادة المؤمنين أن جعل المصائب والأسقام التي تصيبهم كفارة لذنوبهم ورفعة لدرجاتهم إذا صبروا عليها، وجعل بعضها يمنح صاحبها ثواب الشهداء، ولا يعني هذا أن يتمناها المؤمن وإنما يسأل الله العافية، وأهم المصائب التي صح الخبر عنها بأنها تمنح أصحابها أجر الشهيد ما يلي:
1- الموت بالطاعون:
روى جابر بن عبد الله رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الفار من الطاعون كالفار من الزحف، ومن صبر فيه كان له أجر شهيد» (صححه الألباني في صحيح الجامع).
2- الموت دفاعًا عن المال:
روى عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من قتل دون ماله فهو شهيد» (البخاري ومسلم) وفي رواية له أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من أريد ماله بغير حق فقاتل فقتل فهو شهيد» (صححه الألباني في صحيح الجامع).
3- الموت دفاعًا عن (النفس والدين والأهل):
روى سعيد بن زيد رضى الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد» (صححه الأرناؤوط في تخريجه جامع الأصول لابن الأثير والألباني في صحيح الجامع).
4- الموت من ذات الجنب:
روى عقبة بن عامر رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الميت من ذات الجنب شهيد» (صححه الألباني في صحيح الجامع) وذات الجنب: دمل أو قرحة تعرض في جوف الإنسان، تنفجر إلى داخل فيموت صاحبها، وقد تنفجر إلى خارج (جامع الأصول لابن الأثير).
5- المائد في البحر والموت غرقًا:
روت أم حرام رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «المائد في البحر الذي يصيبه القيء له أجر شهيد، والغرق له أجر شهيدين» (صححه الألباني في صحيح الجامع) والمائد هو الذي يدور رأسه من ريح البحر واضطراب السفينة بالأمواج (مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح للملا علي القاري) قال علي القارئ رحمه الله تعالى: يعني من ركب البحر وأصابه دوران، فله أجر شهيد إن ركبه لطاعة كالغزو والحج وتحصيل العلم أو للتجارة، إن لم يكن له طريق سواه.اهـ (مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح للملا علي القاري).
وروى راشد بن حبيش رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «القتل في سبيل الله شهادة، والطاعون شهادة، والغرق شهادة، والبطن شهادة، والحرق شهادة، والسيل، والنفساء يجرها ولدها بسررها إلى الجنة» (حسنه السيوطي في الجامع الصغير ووافقه الألباني في صحيح الجامع) والسيل هو المطر الغزير الذي يسيل على الأرض ويجري، والمراد الذي يغرق في ماء السيل، كما قال الساعاتي في الفتح الرباني.
6- المبطون وصاحب الهدم:
روى أبو هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الشهداء خمسة: المطعون، والمبطون، والغرق، وصاحب الهدم، والشهيد في سبيل الله» (البخاري ومسلم).
7- المحروق والمرأة الحامل والنفساء:
روى جابر بن عتيك رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الشهادة سبع سوى القتل في سبيل الله: المقتول في سبيل الله شهيد، والمطعون شهيد، والغريق شهيد، وصاحب ذات الجنب شهيد، والمبطون شهيد، وصاحب الحريق شهيد، والذي يموت تحت الهدم شهيد، والمرأة تموت بجمع شهيد» (صححه الألباني في صحيح الجامع).
والمبطون هو الذي يشكو بطنه، والمرأة تموت بجمع أي تموت وولدها في بطنها وقيل هي المرأة البكر، وقد جاء حديث آخر بأن المرأة إذا ماتت بعد الولادة وأثناء النفاس فهي شهيدة بإذن الله تعالى، حيث روى عبد الله بن بسر رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «القتيل في سبيل الله شهيد، والمبطون شهيد، والمطعون شهيد، والغريق شهيد، والنفساء شهيدة» (صححه الألباني في صحيح الجامع).
8- الموت بمرض السِّل:
روى عبادة بن الصامت رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «السل شهادة» (صححه الألباني في صحيح الجامع ) والسل مرض يصيب الرئة.
مختارات