تابع " الأعمال المثقلة للميزان : العمل السادس : الأعمال الصالحة التي ثوابها يعدل قيام الليل "
تابع " الأعمال المثقلة للميزان: العمل السادس: الأعمال الصالحة التي ثوابها يعدل قيام الليل "
(6) حسن الخلق:
عن عائشة رضي الله عنها قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجات قائم الليل صائم النهار» (صححه الألباني في صحيح الجامع).
قال أبو الطيب محمد شمس الدين آبادي رحمه الله تعالى: وإنما أعطى صاحب الخلق الحسن هذا الفضل العظيم؛ لأن الصائم والمصلي في الليل يجاهدان أنفسهما في مخالفة حظهما، وأما من يحسن خلقه مع الناس مع تباين طبائعهم وأخلاقهم فكأنه يجاهد نفوسًا كثيرة فأدرك ما أدركه الصائم القائم فاستويا في الدرجة بل ربما زاد.اهـ (عون المعبود شرح سنن أبي داود).
وحسن الخلق يكون بتحسين المعاملة مع الناس، وكف الأذى عنهم.
إن المرء لم يعط بعد الإيمان شيئًا خيرًا من خلق حسن، ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يسأل ربه عز وجل أحسن الأخلاق، حيث روى جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا استفتح الصلاة كبر ثم قال: «إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له، وبذلك أمرت وأنا من المسلمين، اللهم اهدني لأحسن الأعمال وأحسن الأخلاق، لا يهدي لأحسنها إلا أنت، وقني سيئ الأعمال وسيئ الأخلاق، لا يقي سيئها إلا أنت» (ومسلم والنسائي واللفظ).
وكذلك يفعل صلى الله عليه وسلم كلما نظر في المرآة، حيث روى ابن مسعود رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نظر في المرآة قال: «اللهم كما حسنت خَلْقِي فحسن خُلُقِي» (صححه الألباني في صحيح الجامع).
وصاحب الخلق الحسن من أحب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقربهم إليه مجلسًا يوم القيامة، روى لنا ذلك جابر رضي الله عنه أن رسول الله قال: «إن من أحبكم إلي، وأقربكم مني مجلسًا يوم القيامة، أحاسنكم أخلاقًا» (رواه الإمام أحمد – الفتح الرباني – والترمذي واللفظ له والطبراني في الكبير والبخاري في الأدب المفرد وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب).
وسيجعل الله عز وجل لصاحب الخلق الحسن قصرًا في أعلى الجنة لعظم ثوابه وتكريمًا له؛ لما رواه أبو أمامة الباهلي، رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أنا زعيم بيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقًا، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحًا، وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه» (حسنه الألباني في صحيح الجامع).
وينبغي أن لا يكون حسن خلقك مقتصرًا على الأباعد من الناس فقط وتنسى أقرب الناس إليك، وإنما أن يمتد أيضا إلى والديك وأفراد أسرتك، فبعض الناس تراه مرحًا، واسع الصدر، ودمث الأخلاق مع الناس ولكنه على خلاف ذلك مع أهله وأولاده.
(7) السعي في خدمة الأرملة والمسكين:
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «الساعي على الأرملة والمسكين؛ كالمجاهد في سبيل الله أو القائم الليل الصائم النهار» (البخاري واللفظ له ومسلم).
ويمكن أن تكسب هذا الثواب الجزيل لو سعيت في خدمة فقير فقدمت أوراقه لجمعية خيرية مثلاً ليدرسوا حالته ويعطوه حاجته.
كما يمكن أن تكسب هذا الثواب العظيم لو سعيت في خدمة أرملة، وهي التي مات عنها زوجها، فتقضي حوائجها، وهذا ليس بالأمر العسير، لأنك لو فتشت في أهل قرابتك ستجد البعض ممن مات عنها زوجها من عمة أو خالة أو جدة، فبخدمتها وشراء حاجاتها تكسب ثواب الجهاد أو قيام الليل.
(8) المحافظة على بعض آداب الجمعة:
فعن أوس بن أوس الثقفي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من غسل يوم الجمعة واغتسل، ثم بكر وابتكر، ومشى ولم يركب، ودنا من الإمام، فاستمع ولم يلغ، كان له بكل خطوة عمل سنة؛ أجر صيامها وقيامها» (صححه الألباني في صحيح الجامع).
فخطوة واحدة إلى الجمعة ممن أدى هذه الآداب لا يعدل ثوابها قيام ليلة أو أسبوع أو شهر، وإنما يعدل سنة كاملة، فتأمل في عظيم هذا الثواب.
وهذه الآداب تتمثل في الاغتسال ليوم الجمعة والتبكير والمشي إليها والدنو من الإمام وعدم الابتعاد إلى الصفوف الأخيرة، وحسن الاستماع للخطبة وعدم العبث واللغو.
ولنعلم أن أي عبث أثناء الخطبة يعد لغوًا، ومن لغا فلا جمعة له، فمن مس الحصى فقد لغا، ومن قال صه فقد لغا: أي من قال لصاحبه أو ابنه الصغير اسكت فقد لغا، ومن عبث بسبحته أو جواله أو بأي شيء أثناء الخطبة فقد لغا.
فلا ينبغي التفريط بآداب الجمعة البتة كي لا تخسر هذا الثواب العظيم الذي سيقلل ميزانك كثيرًا، ويمنحك ثواب قيام سنوات كثيرة.
(9) رباط يوم وليلة في سبيل الله عز وجل:
فقط روى سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه، وإن مات جرى عليه عمله الذي كان يعمله، وأجري عليه رزقه، وأمن الفتَّان» (البخاري ومسلم واللفظ له) والفتان هو فتنة القبر.
(10) أن تنوي قيام الليل قبل النوم:
فعن أبي الدرداء رضي الله عنه يرفعه إلى النبي قال: «من أتى فراشه وهو ينوي أن يقوم يصلي من الليل، فغلبته عيناه حتى أصبح؛ كتب له ما نوى وكان نومه صدقة عليه من ربه عز وجل» (حسنه الألباني في صحيح الجامع).
أرأيت أهمية النية وأنها تجري مجرى العمل؟ لذلك ندرك خطورة من ينام وهو لا ينوي أداء صلاة الفجر في وقتها وإنما تراه يضبط المنبه على وقت العمل أو المدرسة، فهذا إنسان مصر على ارتكاب كبيرة من الكبائر، فلو مات عليها ساءت خاتمته عياذًا بالله، أما من نوى قيام الفجر وبذل أسباب ذلك ثم لم يقم فلا لوم عليه؛ لأنه ليس في النوم تفريط، وإنما التفريط في اليقظة.
(11) أن تعلم غيرك الأعمال التي ثوابها كقيام الليل:
فإن تعليمك الناس للأعمال التي ثوابها كقيام الليل وسيلة أخرى تنال بها ثواب قيام الليل، فالدال على الخير كفاعله، فكن داعية خير وانشر هذه المعلومات تكسب ثوابًا بعدد من علم منك وعمل به.
مختارات