" ضرورات تبيح المحظورات "
" ضرورات تبيح المحظورات "
ومن يسر الإسلام وسماحته أن جعل الضرورات تبيح المحظورات، وأنه يجوز للمسلم أن يرتكب أخف الضررين عندما يغلب على ظنه أنه لو ترك ذلك لوقع في الضرر الأكبر، مع الأخذ في الاعتبار أن كل ضرورة تقدر بقدرها، ولا يجوز التجاوز عن القدر اللازم الذي هو ضرورة فِعْلية يتوقف عليها حياة المرء أو موته:
قال تعالى: " فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ " [المائدة:3].
وقال: " فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ " [الأنعام: 145].
وقال: " فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ " [النحل: 115].
وقال: " مَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ " [البقرة: 173].
وقال: " وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ " [الأنعام: 119].
ويشمل هذا كل ضرورة في الطعام أو الشراب أو اللباس أو الغريزة أو المعاملات..الخ.
" حكمة وجود المحظور "
ووجود المحظور المحرم، أمر لا بد منه، ليتميز قوي الإيمان من ضعيفه، وقوي الإرادة من ضعيفها، وليقف المسلم أمام رغباته وشهواته ونزواته، وأمام أهواء نفسه الأمارة بالسوء، ووساوس الشيطان، وكأنه في اختبار لقوة الإيمان والإرادة والصمود، وتغلُّب مراد الله تعالى على مراد النفس وهواها؛ وقهر لفتنة الشيطان واتباع خطواته.
ولقد واجه آدم عليه السلام، هذا الاختبار بنهيه عن الأكل من الشجرة.
ومع أن هذه القضية مرادة من الله تعالى لعمارة الأرض وتمحيص الإنسان والجزاء الأخروي، فإنه سبحانه سجل لنا تجربة آدم وذكر أسبابها ونتائجها، في القرآن الكريم، كي ينتفع بها الإنسان، ويأخذ العبرة منها.
قال تعالى: " وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ * فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ " [البقرة: 35-36].
وفي مجال إغواء الشيطان، وتزيينه المعصية للإنسان ومنها أكل الحرام وبيان أول النتائج المترتبة على هذا العصيان، وهو كشف العورة، يقول تعالى: " وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ * فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ " [الأعراف: 21-22].
مختارات