" الرحمن "
" الرحمن "
مُتَضَمِّنٌ للرَّحْمة الكاملة التي قال عنها النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «للهُ أرحمُ بعباده من هذه بولدها» مشيرًا لأمٍّ في السَّبْي وجدت صَبيَّها فَأَلْصَقَتْه ببطنها وأَرْضَعَتْه(مسلم) ومتضمِّنٌ أيضًا للرَّحْمة الشَّاملة التي قال الله تعالى عنها: " وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ " [الأعراف: 156].
وقال بعضُهم: إنَّه اسمُ الله الأعظم؛ لشرف ذكره مع اسم الله؛ " قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى " [الإسراء: 10].
أَثَرُ الإيمان بالاسم:
أَلْزَمَ اللهُ تعالى نفسَه الرحمةَ وهو الآمرُ النَّاهي، لا يُلْزمُه شيءٌ أمامَ عباده " كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ " [الأنعام: 54] اسْتَوَى اللهُ – تعالى - على العرش بهذا الاسم: " الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى " [طه: 5] وكَتَبَ على عَرْشه أنَّ رحمتَه سَبَقَتْ غَضَبَه (لبخاري (7422) مسلم (7146)).
عرشُه الذي وسع المخلوقات بصفة رحمته التي خلق منها مائة رحمة؛ الواحدةُ منها طباقُ ما بين السَّماء والأرض؛ أنزل منها واحدةً للأرض يتراحم بها خَلْقُه؛ بها تَعْطف الوالدةُ على ولدها، والطيرُ والبهائمُ فيما بينها.
وفي سورة الرحمن المرتبطة بمعاني هذا الاسم ختمها – تعالى – بقوله: " تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ " [الرحمن: 78]؛ فالاسمُ الذي تبارك قيل أنَّه الاسمُ الذي افْتَتَحَ به السورة (الرحمن) وسمَّاها به؛ إذ هو مصدرُ البركة؛ فكلُّ ما ذكر عليه هذا الاسم بورك فيه.
قَسَّمَ بعضُ أهل العلم رحمةَ الله إلى نَوْعَين؛ رحمة خاصَّة بالمؤمنين، ورحمةً عامَّةً للبَرِّ والفاجر؛ فمن رَحْمَته العامَّةَ إرسالُ الرُّسُل والكتب السَّماويَّة وآيات الكون ونظامه الدَّقيق؛ فالنِّعَمُ كلُّها من آثار رحمته التي وسعت كلَّ شيء وعَمَّتْ كلَّ مخلوق في أرزاقهم وأسباب معايشهم ومصالحهم، وبعضُ نعمه تَسَمَّتْ في القرآن بالرَّحْمة؛ كالمطر والرِّزق والجنَّة.
للمؤمنين رحمةٌ خاصَّةٌ يمكن اكتسابُها بأعمال جاء وَصْفُها بالتالي:
" وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآَيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ{ [الأعراف: 156]، " وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ " [آل عمران: 132]، " لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ " [النمل: 46].
وللمحسنين المتَّقين من رَحْمته النَّصيبُ الوافرُ والخيرُ المتكاثرُ ؛ " إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ " [الأعراف: 56] وإن حَصَلَ للمؤمن رحمةٌ في الدُّنْيا ورحمةٌ في الآخرة كانت هذه الرَّحمةُ الكاملةُ المطْلَقَةُ المتَّصلةُ بالسَّعادة الأَبديَّة، والمحرومُ منها هو مَنْ أَبَى وتَوَلَّى عن عبادة الله.
مختارات