" اللعن والسب "
" اللعن والسب "
أخي المسلم:
تظهر خطورة اللعن في أنَّ اللاعن يشهد بطرد من لعنه من رحمة الله تعالى وإبعاده ؛ لأنَّ اللعن هو الطرد من رحمة الله والإبعاد من كرامته، ولا ريب أنَّ ذلك حكمٌ على الله تعالى بأنه فعل ذلك، فإن كان اللاعن كاذبًا في قوله كان قائلاً على الله ما لا يعلم مفتريًا عليه الكذب، وهذا لا شكَّ أنه من الكبائر المهلكة، فلعنُ المسلم المصون حرامٌ بإجماع المسلمين.
وقد ورد في ذمِّ اللعن والنهي عنه وبيان قبحه أدلَّةٌ كثيرة منها قوله صلى الله عليه وسلم: «لعن المؤمن كقتله»(متفق عليه).
وقوله صلى الله عليه وسلم: «ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء» (الترمذي وحسنه).
وقوله صلى الله عليه وسلم: «لا يكون اللعانون شفعاء، ولا شهداء يوم القيامة» (رواه مسلم).
ونظرًا لخطورة اللعن، ولإرادة الشارع أن يكون لسان المسلم نظيفًا طاهرًا في كلِّ ما يصدر عنه من أقوال ؛ نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن لعن أيِّ شيءٍ لا يستحقُّ اللعن، وإن لم يكن من البشر، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن العبد إذا لعن شيئا صعدت اللعنة إلى السماء، فتُغلَق أبوب السماء دونها، ثم تهبط إلى الأرض فتغلق أبوابها دونها، ثم تأخذ يمينًا وشمالاً، فإذا لم تجد مساغًا رجعت إلى الذي لَعَن، فإن كان لذلك أهلاً وإلاَّ رجعت إلى قائلها» (رواه أبو داوود).
ولذلك نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن لعن الدَّواب، ونهى عن لعن الريح.
ولا يجوز لعن من اتَّصف بشيءٍ من المعاصي بعينه، طالما أنه لم يخرج بمعصيته عن الإسلام، ولم يمت على الكفر، لأنه ربما تاب من معصيته أو كفره قبل الموت، ومن تاب تاب الله عليه.
ويجوز لعن أصحاب الأوصاف المذمومة بغير تعيين كقولك: «لعن الله اليهود والنصارى»، «لعنة الله على الظالمين»، «لعن الله المصورين»، «لعن الله من عمل عمل قوم لوط»، «لعن الله من غير منار الأرض»، «لعن الله من ذبح لغير الله»، «لعن الله المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال»، وغير ذلك.
أخي المسلم الحبيب:
والسبب دليل على سرعة الغضب وخفة العقل والطيش والسفه، وذلك إذا كان بغير حق ولا داع، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «سباب المسلم فسوق وقتاله كفر» (متفق عليه).
قال الإمام النووي رحمه الله: ومن الألفاظ المذمومة المستعملة في العادة قول الشخص لمن يخاصمه: «يا حمار»، «يا تيس»، «يا كلب»، ونحو ذلك، فهذا قبيح من وجهين:
أحدهما - أنه كذب.. والآخر - أنه إيذاء.
وقد بالغ الشارع الحكيم في النهي عن السب، حتى نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن سبِّ الحيوان فقال عليه الصلاة والسلام: «لا تسبوا الدِّيك فإنه يوقظ للصلاة» (أبو داود وصححه الألباني).
ونهى كذلك عن سبِّ المرض فقال: «لا تسبُّوا الحمى، فإنها تُذهب خطايا بني آدم كما يذهب الكير خبث الحديد» (رواه مسلم).
ومن أقبح أنواع السب: سبُّ الله ورسوله صلى الله عليه وسلم والإسلام، وهو كُفرٌ مُخرِجٌ عن الملَّة، وسبُّ الدهر وسبُّ الصحابة رضوان الله عليهم، وسبُّ الوالدين أو التسببُّ في ذلك، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من الكبائر شتم الرجل والديه» قالوا: يا رسول الل ه، وهل يشتم الرجل والديه؟! قال: «نعم، يسبُّ أبا الرجل فيسبُّ أباه ويسبُّ أمَّه فيسبُّ أمّه» (متفق عليه).
أخي..
أما رأيت كيف استعظم الصحابة سبَّ الوالدين ولم يتصوروا وقوع ذلك من ولدهما؟.. فكيف لو كانوا معنا اليوم ورأوا من يضرب والديه ويطردهما من بيته أو يُودِعهما دور الرعاية والمسنين ثم ينساهما حتى الموت؟!.
مختارات