" العثرة الخامسة عشرة "
" العثرة الخامسة عشرة "
أولى الإسلام عناية فائقة بتربية وتنشئة الطفل المسلم.. فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «مُروا أبناءَكُم بالصَّلاةِ لسَبعِ سنينَ، واضرِبوهم عليهَا لعَشرِ سِنينَ...».
لو تأملنا الحديث الشريف لوجدنا حسن التربية والعناية بالوقت في تنشئة الطفل..
فالطفل يدعى إلى الصلاة ويؤمر بها وهو في سن السابعة.. وتستمر معه الدعوة بالترغيب والتشجيع لمدة ثلاث سنوات متتالية.
في كل يوم يقال له خمس مرات.. هيا يا بني إلى الصلاة.. أما سمعت الأذان؟!
انظري - أختي - كم عدد المرات التي يؤمر فيها بالصلاة قبل أن يعاقب.. وكم عدد المرات التي يشجع فيها قبل أن يؤنب؟! إنها تزيد عن خمسة آلاف دعوة للصلاة في هذه السنوات الثلاث المتتالية.. يكون الطفل فيها قد تعود على الصلاة والاستجابة للأذان.. ولاحظ المصلين وتعلم ما يقولون وعرف الطريق إلى المسجد..
إنه يأخذ في هذه السنوات الثلاث أكثر من خمسة آلاف درس عملي.. يتكرر كل يوم خمس مرات حتى لا ينساه.. ولا يضيع منه شيء.. وحتى يملأ عليه حياته ويكون جزءًا من وقته.. فما أن يصلي الظهر حتى يترقب أذان العصر.. وهكذا..
تأملي - أختي - لو أردنا أن نغرس صفات حميدة وسجايا طيبة في أطفالنا.. فلا عذر يبرر التقصير.. هناك متسع من الوقت.. خلال عشر سنوات من عمر الطفل يستطيع المنزل أن يخرج رجالاً تربوا التربية الإسلامية الصحيحة.. وتعلموا ما يهمهم من أمور دينهم.. بل وحفظوا الكثير من القرآن إن لم يكن جله أو كله..
وهناك الكثير ممن جعل لأبنائه نصيبًا في كل مكان وفي كل وقت.. ففي السيارة مثلاً تبدأ الأم والأب في مراجعة ما حفظ الأطفال من القرآن.. وتعليمهم ما يحتاجون إليه.. ويعرفهم الأب بالمناطق التي يرونها والأشياء التي يسألون عنها.. ويقص عليهم القصص ويؤانسهم بالكلام الطيب.. ويجعل من وقتهم معه وقت تعلم وتربية.. وإذا طال الطريق أخرجت الأم لهم شريطًا للأطفال تسمعهم إياه.. فيه قصص وطرائف وقراءة للقرآن بصوت أطفال مثلهم.. يستعذبون الصوت ويستمعون في هدوء..
والأم المسلمة تستقطع جزءًا من وقتها عند النوم لتقص عليهم قصص الأنبياء والصالحين ترويها لهم وتعطر أسماعهم الصغيرة بمواقفهم وجهادهم..
أختي المسلمة:
ترى معادن البيوت على وجوه الأطفال.. فالطفل عنوانك الخارجي في مظهره ومخبره.. في أدبه وسلوكه..
والأم المكتملة الوعي.. الناضجة التفكير.. المحتسبة لأجر التربية.. تحدث ابنها وكأنها تحدث إنسانًا مدركًا فاهمًا.. لا أن تطرده أو تسكته وتنهره إذا سأل.. وكأنه أتى بجريمة أو معصية.. فحق السؤال - أيتها الأم - مبذول له ولغيره..
أختي:
ألا تنتظرين أن يكون ابنك رجلاً تفتخرين به؟!
ألا ترجين من الله أن يجعله من عباده الصالحين؟!
لماذا تبخلين عليه بالمعلومة.. وتبخسين حقه وتعليمه؟!
إنها مسئولية الأم المسلمة.. وأية مسئولية؟!
إذا كانت المرأة - كما يقال - نصف المجتمع فإنها تخرج للمجتمع النصف الثاني !!
وانظري - أختي المسلمة - كيف سيكون النصف الثاني؟!
ما بعد العثرة:
رأى مالك بن دينار رجلاً يسيء صلاته فقال: ما أرحمني لعياله، فقيل له: يسيء هذا صلاته وترحم عياله..
قال: إنه كبيرهم ومنه يتعلمون !!.
مختارات