" العثرة الرابعة عشرة "
" العثرة الرابعة عشرة "
حدثني أحد الإخوة الذين سافروا للدعوة في مناطق أوزبكستان وهي مناطق أفغانية متاخمة لأراضي الاتحاد السوفيتي - سابقًا - أن من أجمل ما رأى في تلك البلاد لباس المرأة المحتشم فلا يرى منها وجهًا ولا شعرًا ولا يدًا ولا رجلاً.
بل والأعجب من ذلك أن الرجل إذا أقبل من أول الطريق تقوم المرأة إذا كانت جالسة.. تفسح له الطريق وتصرف وجهها نحو الجدار حتى يمر الرجل.
أما إذا كانت تسير فإنها تتوقف وتحول وجهها نحو الجدار حتى يتجاوزها الرجل وكل ذلك سترًا وحشمة..
أتم حديثه.. وهو يرى نساء تلك القرية.. ويحكي فرحه بهذا العفاف والستر..
تألمت لحال كثير من فتياتنا.. جزء من أوقاتهن في الأسواق بل إن الكثيرات لا يتركن الذهاب للأسواق كل أسبوع وبدون حاجة تذكر..
ثم أين الاحتشام والحجاب الذي أمر الله به؟! إحداهن عباءتها على كتفها.. والأخرى تلبس لباسًا ضيقًا.. والثالثة وضعت فتحة في أسفل ثوبها يبين عن مفاتنها..
أهذا هو الحجاب؟!
ثم.. هناك مخالطة الرجال ومزاحمتهم ولين القول لهم.. هناك تعرض الفتن على القلوب فالشيطان ينصب رايته في الأسواق..
أختي:
ما الحاجة الضرورية التي سمحت للمرأة بترك بيتها والذهاب للأسواق.. لو طرقت أبوابًا أخرى لأعانها الله.. فبإمكانها الذهاب للأسواق النسائية فتشتري ما تريد دون مضايقات ولا فتن.
وحتى وإن كان المعروض فيها أقل.. فيكفي أنها مقابل ذلك تحافظ على دينها..
كما أن هناك بعض الحاجات يستطيع الزوج أو الأخ شراءها دون الحاجة إلى ذهابك للأسواق..
بل العجب - ورأيت بأم عيني - امرأة تشتري الخبز من المخبز.
أختي المسلمة:
ليكن همك في هذه الدنيا المنافسة على الطاعة لا على الفساتين والحلي.. فأنت جوهرة يزينك الإيمان ويجملك العفاف..
وإن اضطررت للذهاب فعليك بالحشمة واللباس الساتر وعدم التعطر، وابتعدي عن لين القول مع البائعين..
والمرأة المسلمة إذا انتهت حاجتها خرجت مسرعة وكأنها تخرج من مكان تتخطفها السهام.. وترى أنها قد تصاب فيه بمقتل.
أختي المسلمة:
رأينا وسمعنا من لا تذهب إلى الأسواق إلا مرات معدودة في السنة ولا تلبس كل يوم جديدًا.. ولا تبحث عن الموضة والأزياء..
ولكنها في قلب زوجها تزداد حسنًا وجمالاً كل يوم.. فهي صافية النفس قريرة العين.. تبحث عن طاعة الله ثم طاعة زوجها وراحته..
بينما الأخرى تجري وتلهث غائبة عن زوجها.. ما سمعت بمحل جديد إلا هرعت له.. وما علمت بتخفيض إلا سارعت إليه.. تفكيرها منحصر طوال اليوم فيمن ألقى إليها كلمة في السوق.. أو في فستان رأته وحذاء لبسته..
أي حياة - أخية - وأنت تلهثين وخلف الموديلات تجرين.. ونسيت إلى أين تسيرين؟
ما بعد العثرة:
قال أبو عياش القطان: كانت امرأة بالبصرة متعبدة يقال لها منيبة، وكانت لها ابنة أشد عبادة منها، فكان الحسن ربما رآها وتعجب من عبادتها على حداثتها..
فبينا الحسن ذات يوم جالس إذ أتاه آت فقال: أما علمت أن الجارية قد نزل بها الموت..
فوثب الحسن فدخل عليها فلما نظرت الجارية إليه بكت، فقال لها: يا حبيبتي ما يبكيك؟
قالت له: يا أبا سعيد التراب يحثى على شبابي ولم أشبع من طاعة ربي، يا أبا سعيد أنظر إلى والدتي وهي تقول لوالدي: احفر لابنتي قبرًا واسعًا وكفنها بكفن حسن، والله لو كنت أجهز إلى مكة لطال بكائي، كيف وأنا أجهز إلى ظلمة القبور ووحشتها وبيت الظلمة والدود [صفة الصفوة].
مختارات