" العثرة الثالثة عشرة "
" العثرة الثالثة عشرة "
وهي في المرحلة الدراسية الثانوية.. كفراشة متحركة تنبض بالحياة والحركة.. تشارك في النشاطات المدرسية والاجتماعية.. نالت محبة الجميع.. وكسبت ود مدرساتها وصداقة زميلاتها.. تحفظهن القرآن وتعلمهن التجويد.. صاحبة طاعة وعبادة.. تصوم الأيام البيض.. ويومي الاثنين والخميس من كل أسبوع..
لا تزال شابة لم تتجاوز السابعة عشرة من عمرها.. ولكنها الأقدار إذا أتت والأعمال إذا انتهت.. وهل الموت يعرف العمر.. أو ينظر في تاريخ الميلاد؟!
حادث لأفراد أسرتها.. لم يمت في حادث الطريق السريع إلا هي.. ماتت مباشرة.. وتلقى الجميع النبأ كالصاعقة !!
أمس فقط كانت تتحرك معنا ونسمع صوتها ونرى جسمها.. واليوم لا يزال كرسيها في الفصل وطاولتها.. بل وبعض من أوراقها.. بل جدولها اليوم لتقرأ القرآن مجودًا على بعض الطالبات..
ماتت ولن تعود !! سافرت ولن ترجع !!
نادت المدرسة إحدى الطالبات.. اجلسي على هذا الكرسي.. لن تعود أسماء إليه !!
ترددت الطالبة وكأنها تخشى أن تأتي لتسأل عن كرسيها وطاولتها.. ولكن المدرسة أصرت والدمعة تخفيها عن طالباتها.. هل تعتقدين انها ستعود وتبعث من جديد في هذه الدنيا؟! ماتت.. هذا قضاء الله وقدره.
ولكن ماذا نقدم لها إن كنا نحبها؟! خاصة أنها توفيت وهي شابة لا ميراث لها ولا أبناء ولا تملك من الدنيا شيئًا..
تحولت تلك الكلمات إلى حركة دائبة في المدرسة.. تسامعت بها المدرسات والطالبات ونادت مدرسة العلوم الدينية.. نبني لها مسجدًا..
بدأت خطوات بناء وقف باسمها..
شهورًا فإذا بالمسجد يرتفع والبناء يكتمل.. والأذان يصدع..
أختي:
هذه هي الرفقة الصالحة والمحبة الخالصة..
إن رحلت بجسمها فلم ترحل بمحبتها وذكر الخير عنها.. هذا مثال التعاون على الطاعة والخير في الدنيا.. دعاء وتصدق وترحم..
إن زللت قومناك وإن أخطأت صوبناك وإن ظللت ناديناك..
هؤلاء هن أهل الصلاة وحفظ القرآن..
إن دعون لك فالرحمة قريبة.. وإن احتجت عونًا فالمسارعة أكيدة..
هناك في الجانب الآخر.. ماذا ترين؟!
رفيقات السوء يسعين لانحرافك.. وإضاعة وقتك..
لا تستفيدين خيرًا ولا تتعلمين علمًا.. بل تمهد لك المزالق وتسوي لك دروب الضلال.. وتغرين بالانحراف والزلات..
حذار - أختي - أنت جوهرة ثمينة وزجاجة إذا انكسرت لا يبرأ جرحها ولا يعاد سبكها..
تجنبي - حفظك الله - مواطن الشبه وصديقات السوء.. وتجهزي لأمر أنت عنه غافلة !!
ما بعد العثرة:
كان محمد بن يوسف الأصفهاني يقول: وأين مثل الأخ الصالح؟ أهلك يقتسمون ميراثك ويتنعمون مما خلفت، وهو منفرد بحزنك، مهتم مما قدمت وما صرت إليه، يدعو لك في ظلمات الليل وأنت تحت أطباق الثرى [الإحياء].
مختارات