" العثرة الثانية عشرة "
" العثرة الثانية عشرة "
التفتت إلى والدتها بطرف العين وهي تولي مسرعة.. أنا مشغولة.. أسمع محاضرة..
تبعتها الأم بعينين زائغتين.. ووقع أقدامها يختفي.. قامت الأم بكل صعوبة.. ومشقة.. وأدت العمل وهي مرهقة مريضة.. ويصل إلى سمعها الضعيف صوت المسجل وحديث الشيخ ينبعث من غرفة ابنتها الشابة..
تعبت من الوقوف.. استراحت على الأرض قليلاً وأنفاسها تتلاحق.. ولكنها بعزيمة وإصرار أتمت العمل.. قالت في نفسها.. محاضرة مهمة تسمعينها.. وأنا أمك العجوز لا تلبين طلبي ولا تساعدينني في حاجتي !!
مسحت الحزن وجلست في المساء مع ابنتها تحدثها كأن شيئًا لم يكن.. وفي نهاية الحديث قالت الأم: تركت لك ما تبقى من العمل.. لا تنسين أن تقومي به..
قالت الابنة وهي تنهض مسرعة: يا أمي.. لدي إعداد محاضرة غدًا في الكلية..
تنهدت الوالدة.. وقالت بصوت فيه مرارة الألم: كل يوم محاضرة.. وكل يوم شريط.. أليس لوالدتك حق؟!
فرحت أنك بدأت تسمعين الأشرطة.. ولكن فرحي لم يتم.. وسروري لم يكتمل..
طاعة أمك أولى من سماع الأشرطة ومن الإعداد للمحاضرة..
فرحتي.. يا بنية.. لم تتم !!
هرولت الابنة مسرعة بعد أن سمعت حديث والدتها وصدى الآية يملأ جوانحها: " فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا " عادت وبيدها الأشرطة.. وقالت: هذه هنا في المطبخ، نسمعها سويًا.. ولن أتركك بعد اليوم..
طاعتك واجبة في غير معصية وبرك أتقرب به إلى الله..
أعذريني عن تقصيري وسامحيني على تفريطي.. هذا حماس الشباب.. يسير في طريق مهم ويترك الأهم.. بحسن نيته وقلة فهمه..
ومن الآن - يا والدتي - لن أتركك وحيدة أبدًا.. أبدًا..
لن تغضبي - إن شاء الله - مني بعد اليوم.. لن أدع الغير يتحدث أننا لا نبر والدينا.. سأكون الصورة الحسنة التي ترفع الرأس وتفرح الأم..
أختي المسلمة:
جعل الله لك مواطن الخير تحت نظرك.. لماذا تنظرين بعيدًا..؟!
ما بعد العثرة:
قال أبو الليث: كان بعض الصالحين لا يأمر ولده مخافة أن يعصيه في ذلك فيستوجب النار. [البركة في فضل السعي والحركة].
مختارات