" العثرة السادسة "
" العثرة السادسة "
احتدم الأمر وارتفعت الأصوات وتبعها نحيب وبكاء.. ثم سكن كل شيء.. فإذا بها قد طلقت !!
أحداث متلاحقة.. وأصوات متداخلة.. ثم أعقبها صحوة العقل.. وسكون الندم..
أختي المسلمة:
لكل إنسان رجل أو امرأة عيب وفي كل مخلوق نقص.. والمرأة المسلمة العاقلة تعامل كل إنسان على هذا المبدأ.. وزوجها أول الناقصين.. فهي لم تتزوج رجلاً كاملاً - ولا يوجد أحد كذلك - بل الكمال لله وحده..
ولكنها بفطنتها وذكائها تتلمس مواضع الغضب والانفعال فتتجنبها.. وتبصر أرض المحبة والمودة فتسير إليها..
الزوج كالطفل الصغير.. يضحك ويبكي.. يصرخ ويغضب.. لكن النتيجة مختلفة.. فالطفل انفعالات لا يبقى لها أثر.. أما الزوج فربما كانت كلمته هدم للأسرة وتفريق للشمل..
أختي:
المرأة المسلمة تحتسب لوجه الله كل عمل تقوم به في منزلها سواء لزوجها أو لأطفالها.. وبتوفيق من الله وبهدوء أعصابها تستطيع أن تجعل من الرجل الذي أمامها يسير في اتجاه ترسمه بمحبتها.. وتجمله بابتسامتها..
الكلمة الحلوة تسبقها.. والمحبة الصادقة تتقدمها..
هناك الكثيرات.. بسبب فهم خاطئ أو تصور ناقص يأخذها العجب والكبرياء وتدعي أن لها كذا وكذا.. ويجب أن تكون كذا وكذا..
لا شك - أختي - بوجود حقوق لك وحقوق عليك.. ولكن لو نظرت قليلاً بعين امرأة مسلمة عاقلة.. أن الصبر له ثمن وثمنه الجنة.. لاحتسبت عند الله ما تكرهينه إذا كنت تطيقين ذلك.
ثم بطوعك واختيارك.. لو تنازلت عن بعض ما تحبين.. وتنازل هو كذلك عن بعض ما يحب.. لسارت سفينة الأسرة على بحور من الأمن والطمأنينة.
الرجل - أختي - له نفحات سعادة ولحظات استرخاء.. لك أن تختاري منها الوقت المناسب وتعرضين عليه ما تحبين وما تكرهين بأسلوب لبق وكلمة طيبة يسبقها إظهار للمحبة وتعداد للمحاسن وفرح بالسعادة.. فربما كان من كرام الرجال لكنه غافل عن الأمر.. وربما أخذت الدنيا من وقته فلم يتفرغ لما تحبين ولم يعثر على ما تطلبين؟
دعيه يسمع منك وأنت تعطرين الكلمة الحلوة بهمسة حانية.. وابتسامة مشرقة..
دعيه يسمع.. ولا تنتظري الجواب.. يكفي منك مجرد عرض الأمر عليه.
أختي: سيفاجئني صوتك وأنت ترددين.. هذا ضعف وتنازل.. بل هذا إهدار لكرامة المرأة.. بل هذا.. وهذا؟!!
اهدئي أخية.. إني سائلك.. لو كان هذا النقص فيك أنت -وكل فيه نصيب من ذلك- وطلب منك بصوت مرتفع وصراخ مرتفع.. فيه من القسوة والغلظة الشيء الكثير هل ترضين ذلك؟!
أم إذا أتتك كلمات طيبة وثناء على حسن خلقك وتفقدك لما يحب.. ثم أردف - جمعك الله وإياه في جنات عدن - ولكنك تنسين.. كذا.. وتغفلين عن كذا..
أختي المسلمة:
ما تحبين لنفسك انظريه في غيرك وقدميه لهم. ومن أولى من زوجك بهذا؟!
ما بعد العثرة:
روي أنه جاء رجل إلى عمر يشكو إليه خلق زوجته، فوقف ببابه ينتظره، فسمع امرأته تستطيل عليه بلسانها وهو ساكت لا يرد عليها، فانصرف الرجل قائلاً: إذا كان هذا حال أمير المؤمنين فكيف حالي؟!
فخرج عمر، فرآه موليًا، فناده: ما حاجتك؟
فقال: يا أمير المؤمنين، جئت أشكو إليك خلق زوجتي واستطالتها عليّ، فسمعت زوجتك كذلك، فرجعت وقلت: إذا كان هذا حال أمير المؤمنين مع زوجته فكيف حالي؟
فقال عمر: تحملتها لحقوق لها عليّ [أخبار عمر: علي وناجي الطنطاوي].
مختارات