" العثرة الخامسة "
" العثرة الخامسة "
ترقب الفتاة فارس الأحلام بعين يرتسم الأمل فيها.. تحيط به غشاوة من المثاليات.. بعيدًا عن الواقع والمشاهد.. فتتخيل الخيالات وتتمنى الأمنيات.. وتبلغ بها الأحلام الوردية عنان السماء.. فتسير فوق غمامة بيضاء.
كلما تقدم لها خاطب تراجعت.. لم تكتمل الشروط!! هذا فيه كذا!! وهذا ينقصه كذا!!
ويتقدم لها من يرتضى في دينه وخلقه.. ولكنها تعيده كسير الخاطر.. مهموم النفس.. لقلة ذات اليد.. أو لنقص في تعليمه أو لزيادة سنتيمترات في طوله !!
وتستمر في الرفض.. ترد حاضرًا وتحلم بغائب!! ويسير بها قطار العمر يأخذ أيامها ويسري بلياليها..
تفيق فإذا بمن في سنها قد أنجبن.. وأصبحن ربات بيوت وأمهات أطفال.. وهي لا تزال عند رأيها.. باقية عند شروطها.. مصرة على مطالبها !!
سنوات تمر.. ويتحول الربيع إلى خريف.. والنضارة شحوب.. فإذا سيل من التنازلات يقبل.. فترضى بمن هو أقل دينًا وخلقًا وتعليمًا.. وسنوات أخر.. فإذا بها تتنازل عن أمور أكبر.
وسبرت حلم فتاة الأحلام.. فوجدت أن جميع الشباب في مرحلة الزواج أحوالهم المادية متقاربة ومراتبهم الوظيفية متدانية.
لم يتقدم شاب لا يتجاوز الخامسة والعشرين من عمره يملك ملايين الريالات أو بمرتبة وزير، بل غالب الشباب يقدم على الزواج وهو طالب لا يملك من حطام الدنيا شيئًا.. ولا ضير في ذلك.. ولم نسمع أن طالبًا تزوج ومات من الجوع هو وزوجته.. بل أنها ربما كانت مشجعة ومساعدة له في إتمام دراسته.
وأمثلة الواقع في هذا كثيرة مشاهدة.. والبعض يؤكد أن من أسعد سنوات زواجه هي سنوات التحصيل بجوار زوجته.. تعينه وتشد أزره.
بقي - أختي - أن يكون الأمر واقعًا في نظرك.. بعيدًا عن الأحلام.. فلا تبحثي عن المظاهر البراقة.. ولا تجري خلف سراب المادة..
إذا جاءك من ترضين دينه وخلقه.. فلا تترددي..
ستبنين معه طريق الحياة.. وتسيرين وإياه
لا تترددي لقلة ماله أو جاهه..
كثيرات جمعن المال.. ولبسن الذهب.. ولكنهن لم يرين السعادة.. ولم يلبسن المودة..
ألبسك الله لباس التقوى.. وبلغ نفسك ما ترضى..
ما بعد العثرة:
روي عن أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما أنها قالت: تزوجني الزبير وما له في الأرض من مال ولا مملوك ولا شيء غير فرسه وناضحه، فكنت أعلف فرسه، وأكفيه مؤنته وأسوسه، وأدق النوى لناضحه، وأعلفه وأستقي الماء وأخرز غربه وأعجن، وكنت أنقل النوى على رأسي من ثلثي فرسخ، حتى أرسل إليَّ أبو بكر بجارية فكفاني سياسة الفرس، فكأنما أعتقني !! [الإحياء].
مختارات