أحب العرب
أحب العربي المسلم. أحب العربية المسلمة. وأحب العرب، وأعتز بالانتماء لهم. أحب اللغة العربية، اللغة الشاعرة، الفاخرة. أحب الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو عربي، ولا يمكنني تجاهل المغزى والعلة التي خصّ الله من أجلها العرب ولغتهم ليحملوا شعلة النور الأخيرة إلى هذا العالم الحالك. لا أدّعي فيهم ملائكية، ولا أخلط قولي بعنصرية جاهلية. أدرك أن العرب ليسوا على ما يسر، في هذا الوقت من تاريخ العالم. اجتمع على قطاع كبير منهم جيوش الفقر، والجهل، ورزحوا عقوداً طوالاً تحت نير الاحتلال، ثم الاستبداد والقمع، فكثر فيهم الأقزام، وساد المشوهون. على أن في العرب من الدين والشرف والفضائل ما تتطامن له أعناق أكثر منيمشي على هذه الأرض.
أمقت الشعوبية الجديدة، التي تصدر أحكاما مقولبة، وتصم العرب بشتى النقائص، بل تعزو واقعهم الحالي المرير لعوامل جينية سحيقة. تنظر إليهم كمتخلفين أبديين، وبرابرة مقززين، ومجموعة من الكائنات المعاصرة، معاصرة شكلاً لا مضموناً. تقدمهم بقناعة كهمج، كجماعات فوضوية، كحفنة من الشبقين والعاهرات.كنت تقرأ هذه الأوصاف الجائرة المجنونة من قلم مستشرق إفرنجي أقلف، يحمل فوق ظهره ثارات القرون القديمة، وغطرسة الحداثة، وعجرفة الرجل الأبيض، والآن تسمعها من أفواه بعض من حولك، ولو بتنويعات مخففة. وأصبح الحديث عن ثلب العرب، وتنقصهم أمراً معتاداً. تقرأه في الصحافة المهترئة، ويتحدث بهمحلل سياسي مترهل الوجه، وخبير عسكري فاسد، وتسمعه هنا وهناك، مع كل إخفاق جديد، لنا نحن العرب.
العرب الذين سأظل أحب فاضلهم، وسأظل أعتقد أن الشر الذي فيهم ليس أكثر من الشر الذي عند غيرهم، وأن الخير الذي فيهم ربما يكون أكثر أصالة من الخير الذي عند غيرهم.
مختارات