" نماذج فذة : لقاء مع المعلم والمربى صلى الله عليه وسلم "
" نماذج فذة: لقاء مع المعلم والمربى صلى الله عليه وسلم "
من هذه النماذج بلال بن رباح رضي الله تعالى عنه يعذب ويجلد وهو يقول: «أحد أحد» فيقولون له: غير هذه الكلمة فيقول: لا أحسن غيرها، فيصبر على هذا العذاب حتى اشتراه أبو بكر وأعتقه، فيسأل بعد ذلك كيف صبرت على هذا العذاب؟ فقال: خلطت حلاوة الإيمان مع مرارة العذاب، فطغت عليها حلاوة الإيمان فعدت لا أحس، من هنا بدأ وفي الجنة يلتقي بالحبيب النبي صلى الله عليه وسلم.
قال صلى الله عليه وسلم له: «حدثني بأرجى عمل عملته في الإسلام فإني سمعت دف نعليك بين يدي في الجنة» قال بلال: ما أحدثت إلا تطهرت، وما تطهرت طهورا إلا صليت بهذا الطهور ما كتب لي أن أصلي.
إن دخول الإيمان في القلب وتمكنه منه لهو البداية، وهو الحياة الحقيقية والميلاد الصحيح، عندما يذوق حلاوة الإيمان يهون عليه كل بلاء، ويكون همه الوحيد هو هذا الدين ورفعته والعمل على إعزازه ولسان حاله يقول: من هنا نبدأ وفي الجنة نلتقي.
في هذه الدنيا لا يهمه التفرق والبعد عن أحبابه وأقربائه لأنه يعلم علم اليقين ويؤمن تمام الإيمان أن هناك لقاء لا تفرق بعده، ونعيمًا لا ينتهي، وهناك ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، فمن الآن وليس غدا نبدأ العمل الجاد، نبدأ بتحقيق الإيمان، نبدأ بالتوبة النصوح ونحاسب أنفسنا قبل أن نحاسب ونعمل لهذا الدين «كخلية النحل» – إن صح التعبير – المزارع في مزرعته يعمل ويدعو إلى هذا الدين أولاده وأهله والعمال الذين تحت يده هو مسؤول عنهم جميعا، المسلم منهم يبصره بدينه، وغير المسلم يدعوه إلى الإسلام قال صلى الله عليه وسلم «لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم» وقال صلى الله عليه وسلم: «من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه دون أن ينقص من أجورهم شيء» وإن كان لا يستطيع، فعليه أن يدعو أحد العلماء أو المشايخ أو طلاب العلم بين فترة وأخرى لتعليم هؤلاء، فإنهم لا يقصرون في ذلك، بل يفرحون لأن في ذلك خيرا للجميع قال تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾.
وعلى هذا فقس: التاجر في متجره، والموظف في مكتبه، والصانع في مصنعه، وكذلك المعلم ومدير المدرسة ومدير المكتب وإمام المسجد، وكذلك الأم والأب والأولاد والحاكم والمحكمون عليهم جميعا أن يبدؤوا من هنا، مع من يعولون بالعلم النافع والعمل الصالح، فهي بداية ولها نهاية، ولقاء مع الأحبة في الجنة، يا لها من نهاية طيبة في الجنة ويا له من لقاء مع الأحباب، ويا لها من جائزة ثمينة ينتهي إليها كل مؤمن ومؤمنة بإذن الله تعالى ﴿فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ * عَنِ الْمُجْرِمِينَ * مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ * وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ * وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ * وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ * حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ﴾ هذه هي النهاية وهذا هو اللقاء، ومن قبل كانت البداية، ولا خير في بداية حياة طويلة عاقبتها سقر لا تبقى ولا تذر لواحة للبشر عليها تسعة عشر.
أخى المسلم:
قد هيؤوك لأمر لو فطنت له فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل
مختارات