تابع " الاستعاذة : (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم) "
تابع " الاستعاذة: (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم) "
5- موضع الاستعاذة في الصلاة وخارجها: وتكون الاستعاذة في الركعة الأولى فقط قبل البسملة، أي: في افتتاح الصلاة فحسب، ويؤتى بها سرًا، سواء أكانت الصلاة سرية أم جهرية، ولا تشرع الاستعاذة في غير الركعة الأولى، أما خارج الصلاة فيسر بها حال كون القراءة سرًا، ويجهر بها حال الجهر بالقراءة، سواء أكان ذلك في بدء السورة أم في أوسطها، فإن كانت التلاوة من أول السورة خارج الصلاة فعلى القارئ أن يستعيذ ويبسمل، سواء أوقف على كل من الاستعاذة والبسملة أم وصلهما ببعضهما في نفس واحد، وسواء أوصلهما معًا بأول السورة أم قطعهما عنها.
والأولى الوقف على كل من الاستعاذة والبسملة، ثم البدء بأول السورة، فكل منهما آية، والوقوف على رؤوس الآي سنة، ولا يصح للقارئ في بدء السورة أن يستعيذ ولا يبسمل؛ لأن البسملة لابد من الإتيان بها في أول السورة، سواء أكان ذلك على اعتبار أنها آية من السورة أم على أنها للفصل بين السور أو للتيمن والتبرك فيؤتى بها على كل حال.
أما إذا كانت التلاوة في وسط السورة، فللقارئ أن يأتي بالبسملة بعد الاستعاذة، وله أن يستعيذ ولا يبسمل، وينبغي ألا يقتصر على الحالة الثانية حتى لا يظن الناشئة أن الإتيان بالبسملة بعد الاستعاذة في وسط السورة غير جائز، وهذا غير صحيح، وسواء أكان هذا في سورة التوبة أم في غيرها، إلا أنه لا يجوز له أن يبسمل في أول سورة براءة، وله البسملة وعدمها في أثنائها.
6- أحكام الاستعاذة:
وفيما يأتي بيان لتعريفها وحكمها وصيغتها، والإسرار بها أو الجهر، وأوجهها مع البسملة:
أ- التعريف: الاستعاذة هي: اللجوء إلى الله تعالى، والاعتصام بجنابه، والتحصن به سبحانه من الشيطان الرجيم.
ب- موضعها: وإذا أراد المسلم أن يشرع في القراءة، فإنه ينبغي له أن يبدأها بالاستعاذة، بدليل قوله تعالى: " فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ " [النحل: 98] أي: إذا أردت قراءة القرآن فاستعذ بالله، سواء أكانت القراءة من أول السورة أم في أثنائها.
جـ- صيغتها: واللفظ الوارد في سورة النحل: (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم) هو المختار عند الجمهور في الصلاة وغيرها، وإذا زاد المسلم عليه مثل: (أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم) كما قال تعالى: " وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ " [فصلت: 36] أو قال بعد الشيطان الرجيم: (من همزه ونفخه ونفثه) فهو جائز لحديث أبي سعيد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا قام إلى الصلاة استفتح، ثم يقول: «أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه» (قال الترمذي: هذا أشهر حديث في هذا الباب، وانظر: الألباني في «إرواء الغليل» والحديث في «صحيح سنن أبي داود» وفي سنن أبي داود والبيهقي).
قال تعالى: " وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ " [المؤمنون: 97].
وهي ليست آية من القرآن بالاتفاق.
د- حكمها: جمهور العلماء على حمل الأمر بالاستعاذة الوارد في آية سورة النحل على الندب والاستحباب، وحمله بعضهم على الوجوب بحيث لو تركها يكون آثمًا، وهو ظاهر الأمر بها ولا صارف عنه إلى الندب، سواء أكانت القراءة سرًا أم جهرًا، في الصلاة أم في غيرها، والجمهور على أن الاستعاذة سنة في الصلاة فلا تبطل بتركها.
هـ- الجهر بها: يُجهر بالاستعاذة إذا كانت قراءة القارئ جهرًا لنفسه، أو كان هناك من يستمع إليه؛ إشعارًا ببدء القراءة، وذلك في غير الصلاة، أما في الصلاة فيؤتى بها سرًا قبل البسملة في الركعة الأولى فقط سواء أكانت الصلاة سرية أم جهرية.
وإذا كانت هناك مقرأة، أو درس قرآني، فإن الذي يبدأ الحلقة أو الدرس يستعيذ جهرًا، ولا يلزم إعادتها من بقية من يقرؤون في الحلقة، ويرى ابن الجزري أن استعاذة كل واحد جهرًا أولى.
أقول: وكذا إن كان كل واحد منهم يقرأ من مكان مختلف، وليست القراءة متتابعة.
وإذا قُطعت القراءة لأمر يتعلق بها، أو لأمر خارج عن الإرادة، كالعُطَاس أو الكُحَة، فلا تُعاد الاستعاذة، أما إذا قُطعت لأمر لا يتعلق بالقراءة فإنها تعاد.
و- الإسرار بالتعوذ:ويسر القارئ بها إذا كانت القراءة سرًا، أو كانت في الصلاة، أو كان القارئ يقرأ مع جماعة ولم يكن هو البادئ بالتلاوة، بأن كانت القراءة موصولة في حلقة أو مجلس قرآن أو طلاب يقرءون، كل واحد يقرأ بعد الآخر، فإنه يكتفي بالاستعاذة جهرًا عند البدء بالقراءة، دون قراءتها من كل واحد فيهم.
ز- أوجه أول السورة:
1- قطع الجميع: أي قطع الاستعاذة عن البسملة عن أول السورة.
2- قطع الاستعاذة عن البسملة، ووصل البسملة بأول السورة.
3- وصل الأول بالثاني وقطع الثالث (الأول: الاستعاذة، والثاني: البسملة، والثالث: أول السورة).
4- وصل الجميع: أي وصل الاستعاذة بالبسملة بأول السورة.
حـ- أول براءة: أما الابتداء بأول سورة براءة، فليس فيها إلا وجهان:
- الوقف على الاستعاذة والبدء بأول السورة دون البسملة.
- وصل الاستعاذة بأول السورة من غير بسملة كذلك.
- أما إذا وصل القارئ آخر الأنفال بأول براءة، فهو مخير بين ثلاثة أوجه وهي: وصل السورتين ببعضهما دون الاستعاذة ولا بسملة، أو الوقف على آخر الأنفال مع التنفس ثم يبدأ أول براءة أو يسكت بين السورتين سكتة خفيفة دون تنفس ثم يبدأ أول براءة.
ط- أوجه الاستعاذة أثناء السورة: ولاقتران الاستعاذة بغير أول السورة وجهان:
- الوقف على الاستعاذة، والابتداء بأول الآية.
- وصل الاستعاذة بأول الآية.
ي- أما إذا استعاذ القارئ وبسمل، وقرأ من أثناء السورة فله الأوجه الأربعة السابقة.
ومن المعلوم أن القارئ مخير في وسط السورة بين الإتيان بالبسملة أو تركها، بما في ذلك (براءة) والإتيان بها أفضل، والقطع في كل الوجوه أفضل؛ لأن فيه الوقف على رؤوس الآي وهو سُنة.
الإتيان بالبسملة بعد الاستعاذة في أثناء السورة:
وإذا بدأ القارئ في أثناء السورة بآية تتعلق بالله تعالى، أو تتعلق برسوله صلى الله عليه وسلم، أو تتعلق بالمؤمنين، أو بالجنة ونعيمها، ونحو ذلك، فإن المقام يقضي أن يؤتى بالبسملة بعد الاستعاذة، حتى لا يعود الضمير على الشيطان في مثل " هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ " [غافر: 68]، ومثل " اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ " [البقرة: 255]، ومثل " هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ " [الأحزاب: 43]، ومثل " يَا نِسَاء النَّبِيِّ " [الأحزاب: 30، 32] وهكذا.
أما إذا بدأ القارئ بكلام عن النار أو عن الشيطان، أو عن غير المسلمين ونحو ذلك، جاز له أن يبسمل بعد الاستعاذة، أو يكتفي بالاستعاذة.
مختارات