" حال السلف في الصوم والذكر "
" حال السلف في الصوم والذكر "
1- عبد الله بن عمرو بن العاص – رضي الله عنهما – وكان يصوم يومًا ويفطر يومًا – رضي الله عنه وأرضاه – كما في الحديث في الصحيحين وغيرهما.
2- إبراهيم النخعي: قال حماد بن زيد: حدثنا شعيب بن الحبحاب، حدثتني هنيدة امرأة إبراهيم، أن إبراهيم كان يصوم يومًا ويفطر يومًا (سير أعلام النبلاء).
3- عبد الله بن عون: الإمام القدوة (أبو عون المزني) روى له أصحاب الكتب الستة.
قال عنه هشام بن حسان: لم تر عيناي مثل ابن عون (سير أعلام النبلاء).
وقال ابن المبارك: ما رأيت أحدًا أفضل من ابن عون (سير أعلام النبلاء).
وقال خارجة بن مصعب: صحبتُ ابن عون أربعًا وعشرين سنة، فما أعلم أن الملائكة كتبت عليه خطيئة (سير أعلام النبلاء)، قلت: لعله يقصد – رحمه الله – أنه ما رأى منه ذنبًا.
نادته أمه يومًا فأجابها، فعلا صوته صوتها، فأعتق رقبتين (سير أعلام النبلاء).
وعن حاله مع الصوم يحدثنا بكار بن محمد فيقول: كان ابن عون يصوم يومًا ويفطر يومًا.
4- أبو الدرداء – رضي الله عنه – قال ابن جابر: كان عمير بن هانئ يضحك ثم يقول: بلغني أن أبا الدرداء قال: إني لأستجم ليكون أنشط لي في الحق، فقلت: أراك لا تفتر عن الذكر فكم تسبح؟؟ قال: مئة ألف ! إلا أن تخطئ الأصابع (سير أعلام النبلاء).
أخي الحبيب – والله الذي لا إله غيره، لو علم المسلمون فضل الذكر ما كلَّت وما ملتَّ ألسنتهم من هذا الخير، ولسخروها لهذه التجارة الرابحة بدلاً من الوقوع في الغيبة للمسلمين أحياء وأمواتًا في الليل والنهار، فمن عود لسانه ذكر الله تعالى صان لسانه عن الباطل واللغو. وهاك شيئًا عن فضل ذكر الله تعالى:
1- قال تعالى: " أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ " [الرعد: 28] فكفى بالذكر فضلاً أنه من أسباب اطمئنان القلب.
2- ومن فضائل الذكر أيضًا أن يكون العبد في معية الله تعالى: فعن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قال الله تعالى أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه، وإن تقرب إلي شبرًا تقربت إليه ذراعًا، وإن تقرب إلي ذراعًا تقربت منه باعًا»(رواه البخاري ومسلم وابن ماجة واللفظ للبخاري).
3- ومن فضائل الذكر أنه حرز للعبد من الشيطان كما في حديث الحارث الأشعري الطويل وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «... و آمرُكم أن تذكروا اللهَ، فإنَّ مثلَ ذلك كمثلِ رجلٍ خرج العدوُّ في إثرِه سراعًا، حتى إذا أتى على حِصنٍ حصينٍ فأحرزَ نفسَه منهم، كذلك العبدُ، لا يُحرزُ نفسَه من الشيطانِ إلا بذكرِ اللهِ»( صحيح الترغيب).
والله لو لم يكن من فضائل الذكر إلا هذه الفضيلة لكان حريًا بالمسلم الصادق أن لا يفتر لسانه عن ذكر الله – عز وجل – ليحمي نفسه من الشيطان الرجيم ووسوسته.
4- ومن فضائل الذكر أن الله – عز وجل – يباهي بالذاكرين ملائكته فعن أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه – قال: خرج معاوية على حلقة في المسجد، فقال: ما أجلسكم؟ قالوا: جلسنا نذكر الله، قال: آلله ما أجلسكم إلا ذلك؟ قالوا آلله ما أجلسنا غيره، قال: أما إني لم أستحلفكم تهمة لكم، وما كان أحد بمنزلتي من رسول الله صلى الله عليه وسلم أقل عنه حديثًا مني، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على حلقة من أصحابه، فقال: «ما أجلسكم؟ قالوا: جلسنا نذكر الله ونحمده على ما هدانا للإسلام ومنَّ به علينا، قال: آلله ما أجلسكم إلا ذلك؟ قالوا: آلله ما أجلسنا إلا ذلك، قال: أما إني لم أستحلفكم تهمة لكم، ولكنه أتاني جبريل، فأخبرني أن الله عز وجل يباهي بكم الملائكة» (رواه مسلم والترمذي والنسائي).
الله جل وعلا في سمائه يباهي بالذاكرين الملائكة... والله الذي لا إله إلا هو إنها لنعمة عظيمة إذا ما وفقك الله لها.
5- ومن فضائل الذكر أنه يضع عن الإنسان الأثقال يوم القيامة، فعن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسير في طريق مكة، فمرَّ على جبل يقال له جُمْدان، فقال: «سيروا هذا جُمْدان، سبق المفَرِّدون، قالوا: وما المفردون يا رسول الله؟ قال: الذاكرون الله كثيرًا والذاكرات» وفي رواية الترمذي قالوا: يا رسول الله، وما المفردون؟ قال: «المستهترون (المستهترون: المستهتر بالشيء: المولع به، المواظب عليه من حب ورغبة فيه) بذكر الله، يضع الذكر عنهم أثقالهم فيأتون يوم القيامة خفافًا» (رواه مسلم والترمذي).
وبالجملة فإن الذاكر لله حي وإن ماتت منه الجوارح والأعضاء... والغافل عن الذكر ميت وإن تحرك بين الأحياء !!
فعن أبي موسى الأشعري – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه مثل الحي والميت» (رواه البخاري ومسلم).
فكن – أيها الحبيب – من الأحياء، ولا تكن من الأموات «جعلني الله وإياك من الذاكرين».
مختارات