" حال السلف مع القرآن والذكر والصيام "
" حال السلف مع القرآن والذكر والصيام "
أولاً: حالهم مع القرآن:
- أخي الحبيب – إن القرآن هو كتاب الله تعالى، وفي قراءته الأجر والثواب العظيم وهاك طرفًا من هذا الفضل العظيم: أبشر قارئ القرآن بشفاعة القرآن يوم القيامة.
فعن أبي أمامة الباهلي – رضي الله عنه – قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعًا لأصحابه» (رواه مسلم).
وأبشر – قارئ القرآن – بالرفعة في الدنيا والآخرة إن أخلصت النية لله – عز وجل.
ففي الدنيا: عن عامر بن وائلة – رحمه الله – أن نافع بن عبد الله لقي بعُسفان، وكان عمر استعمله على أهل مكة، فقال: من استعملت على أهل الوادي؟ قال: ابن أبْزَى، قال: ومن ابن أبزى؟ قال: مولى من موالينا، قال: فاستخلفت عليهم مولى؟ قال: إنه قارئ لكتاب الله – عز وجل – وإنه عالم بالفرائض، قال عمر: أما إن نبيكم صلى الله عليه وسلم قد قال: «إن الله يرفع بهذا الكتاب أقوامًا ويضع به آخرين» (رواه مسلم).
أما في الآخرة: فعن عبد الله بن عمرو بن العاص – رضي الله عنهما – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يقال لصاحب القرآن اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في دار الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية تقرأ بها» (رواه أحمد والترمذي وأبو داود وإسناده صحيح صحيح أبي داود والمشكاة وهذا لفظ الترمذي).
وأبشر – يا من تقرأ القرآن – بمهارة – فأنت مع الملائكة -.
فعن – أمنا عائشة – رضي الله عنها – قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن ويتعتع فيه وهو عليه شاق، له أجران» (رواه البخاري ومسلم والترمذي وأبو داود وهذا لفظ مسلم).
وأبشر – قارئ القرآن – بهذه البشارة العظيمة.
فعن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يجيء القرآن يوم القيامة فيقول: يا رب حلَّه، فيلبس تاج الكرامة، ثم يقول: يا رب زده فيلبس حلة الكرامة، ثم يقول يا رب ارض عنه: فيرضى عنه، فيقال له: ارق واقرأ وارق وتزداد بكل آية حسنة» (رواه الترمذي وقال حسن صحيح، وقال الشيخ الألباني (صحيح الجامع) حسن).
وأبشر – قارئ القرآن – فإن الملائكة تجالسك وأنت تقرأ القرآن.
فعن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «... وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده، ومن بطَّأ به عمله لم يسرع به نسبه» (رواه مسلم).
بل انظر – يا قاريء القرآن – إلى هذا المثل العجيب الذي ضربه رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم عن أبي هريرة وأنس – رضي الله عنهما – أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أيحب أحدكم إذا رجع إلى أهله أن يجد ثلاث خلفات عظام سمان؟ قلنا: نعم، قال: فثلاث آيات يقرأ بهن أحدكم في صلاة خير له من ثلاث خلفات عظام سمان»(رواه مسلم).
خلفات: جمع خلفة وهي الناقة الحامل.
وبالجملة فقاريء القرآن خير الناس بشهادة النبي صلى الله عليه وسلم: «خيركم من تعلم القرآن وعلمه» (رواه البخاري والترمذي).
وإليك – أخي الحبيب – نماذج مضيئة في الاجتهاد مع كتاب الله تعالى.
1- عبد الله بن عمر – رضي الله عنهما – قال حبيب بن الشهيد: قيل لنافع: ما كان يصنع ابن عمر في منزله؟ قال: لا تطيقونه ! الوضوء لكل صلاة، والمصحف فيما بينهما (سير أعلام النبلاء).
2- الأسود بن يزيد (أبو عمرو وقيل أبو عبد الرحمن) روى له أصحاب الكتب الستة، وهو نظير مسروق في الجلالة والعلم والثقة والسَّنَّ يضرب بعبادتهما المثل.
عن إبراهيم قال: كان الأسود يختم القرآن في رمضان في كل ليلتين، وكان ينام بين المغرب والعشاء، وكان يختم القرآن في غير رمضان في كل ستَّ ليالٍ (سير أعلام النبلاء) (والمختار أن لا يختم في أقل من ثلاث، لأن خير الهدى هدي محمد صلى الله عليه وسلم فمن ختمه في أقل من ثلاث لم يفقهه).
3- علقمة: فقيه الكوفة وعالمها ومُقرئها، الإمام الحافظ المجوَّد. المجتهد الكبير (أبو شبل) روى له أصحاب الكتب الستة.
روى الأعمش، عن إبراهيم قال: كان علقمة يقرأ القرآن في خمس، والأسود في ست، وعبد الرحمن بن يزيد في سبع (سير أعلام النبلاء).
4 - أبو إسحاق السبيعي: قال ابن فضيل، عن أبيه قال: كان أبو إسحاق يقرأ القرآن في كل ثلاث(سير أعلام النبلاء).
وهذا قليل من كثير أحببت أن أذكر به إخواني في الله تعالى عن السلف وحالهم مع القرآن.
مختارات