" المدخل إلى الموضوع "
" المدخل إلى الموضوع "
هذا الموضوع أيها الإخوة لم يعد خافيًا أبدًا على ذي لب، ولن يظل خافيًا يومًا ما بإذن الله.
* فهو مهمة رسل الله الكرام، عليهم الصلاة والسلام.
* ومهمة أتباع الرسل، من لدن أن بزغ فجر الإسلام؛ وبدأ التكليف على البشرية إلى أن يرث الله ألأرض ومن عليها. وهو خير الوارثين.
نعم، إنه مهمة الرسل الذي أنزل الله به كتبه وأرسل به رسله، فوالله ما أنزلت الكتب ولا أرسلت الرسل إلا لهذا الأمر، وهو «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر».
* الأمر بالمعروف الذي رأسه وأصله توحيد الله الذي خلق الثقلان من أجله، قال تعالى: " وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ " [الذاريات: 56].
* والنهي عن المنكر، الذي أصله ورأسه الشرك بالله المضاد لتوحيد الله، الذي خلق الله – تعالى – الثقلين من أجله.
* الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، الذي رفعت به رايات الجهاد ونصر به دين الله، وارتفعت به كلمته، بل وسادت به دولته يوم أن كانت دولته.
يقول – جلا وعلا – في وصف رسالة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، والتي هي إتمام لرسالات الرسل، وختم لها: " الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ " [الأعراف: 157].
* وعن أبر هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بني بيتًا فأحسنه وأجمله، إلا موضع لبنةٍ من زاوية، فجعل الناس يطوفون به ويعجبون له ويقولون: هلاَّ وضعت هذه اللبنة؟ قال: فأنا اللبنة؛ وأنا خاتم النبيين» (أخرجه البخاري ومسلم) والمعنى أنه متمم ومكمل وخاتم لرسالات المرسلين، التي ترتكز على:
* الأمر بالمعروف، والذي في مقدمته توحيد الله.
* والنهي عن المنكر، الذي في مقدمته الشرك بالله.
وإن هذا الأمر العظيم والمهمة الكبرى التي هي في الأصل رسالة ومهمة وواجب صفوة وسادات وخيرة الأمم، رسل الله الكرام عليهم الصلاة والسلام، هذه المهمة التي هي في الأصل وظيفة أولئكم القوم، الذين أمرنا باتباعهم في مثل قول الله تعالى: " أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ " [الأنعام: 90].
* ولقد اختار الله تعالى أمة محمد صلى الله عليه وسلم، للقيام بحمل دعوته، اختارهم الله واصطفاهم واجتباهم بمثل قوله – جل وعلا -: " وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ " [الحج: 78].
وبمثل قوله تعالى: " وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ " [البقرة: 143].
نعم أقول: اختارهم واجتباهم للقيام بهذه المهمة الكبرى العظيمة، ووصفهم بأرقى وأعظم وأجل وصف، يؤهل بالقيام بمثل هذا العمل المهم، بالقيام بحمل أعظم دين وأكمل دين، وأيسر دين، وأجمع دين، أنزله الله تعالى على الأرض على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، ليدين به العباد جميعًا؛ إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها قال تعالى: " قُلْ يأَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا " [الأعراف: 158].
* ووصفهم سبحانه وتعالى بأوصاف راقية، تتلاءم مع المهمة العظيمة الكبرى، وتتناسب معها، يقول تعالى: " كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ " [آل عمران: 110].
ويقول تعالى: " وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ " [التوبة: 71].
* وإن الله الذي وصفهم بهذه الأوصاف أمرهم أمر إيجاب، أمرهم بتأصيل هذه الأمور، وبترسيخها، وتقويتها في النفوس، وبالعمل على استمراريتها، وبقائها قائمة في واقع الأمة، بقوله تعالى: " خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ " [الأعراف: 199].
وبقوله تعالى: " وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ " [آل عمران: 104].
وبقوله تعالى: " فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ " [الحجر: 94].
وقوله تعالى: " وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ " [الأنفال: 39].
وفي الحديث الذي رواه مسلم – رحمه الله تعالى – عن جابر بن سمرة رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لن يبرح هذا الدين قائمًا يُقاتل عليه عصابة من المسلمين حتى تقوم الساعة» (أخرجه مسلم).
وفي مسلم عن عقبة بن عامر رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لا تزال عصابة من أمتي يقاتلون على أمر الله قاهرين لعدوهم لا يضرهم من خالفهم حتى تأتيهم الساعة وهم على ذلك» (أخرجه مسلم).
ورضي الله عن حسان بن ثابت القائل:
دعا المصطفى دهرًا بمكة لم يجب وقد لان منه جانب وخطاب
فلما دعا والسيف صلت بكفه له أسلموا واستسلموا وأنابوا
فخيرية هذه الأمة، مرتبط بمحافظتها على ما وصفت به، وبقيامها بما كلفت به من الله، لا أن تدعي تلكم الأوصاف دعاوى وتقولها نظريات – مع الأسف – لا واقع لها في كثير من أعمالها.
يقول الشاعر (محمود غنيم):
لا درَّا درُّ امرئ يطري أوائله فخرًا ويطرق إن ساءلته ما هو؟
مختارات