" الستون عند أهل الأمم الأخرى "
" الستون عند أهل الأمم الأخرى "
اهتمت كل الأمم بكبار السن على تفاوت، لكن اهتمام الإسلام بهم كان أكبر، ورعايته بهم أظهر، وإن كان من قصور في هذا الأمر فهو من بعض المسلمين، وإلا فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قال: «إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم....» (رواه أبو داود، وحسنه الألباني في صحيح الجامع).
وقال صلى الله عليه وسلم: «ليس منا من لم يجل كبيرنا.......»
قوله صلى الله عليه وسلم «ليس منا من لم يرحم صغيرنا، ويعرف شرف كبيرنا».
وقال صلى الله عليه وسلم: «ليس منا من لم يرحم صغيرنا، ويوقر كبيرنا» (الأحاديث من صحيح الجامع).
وفي حديث قال عنه القرطبي: إنه ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما أكرم شاب شيخاً لسِّنه إلا قيض الله له عند سنِّه من يكرمه » أي لأجل سنه لأجل أمر آخر «إلا قيض الله»أي سبب وقدر يقال: هذا قيض لهذا «من يكرمه عند سنِّه»مجازة له على فعله بأن يقدر له عمراً يبلغ به إلى الشيخوخة ويقدر له من يكرمه، ذكره الطيبي، وأصله قول ابن العربي: قال العلماء: فيه دليل على طول العمر لمن أكرم المشيخة (تفسير القرطبي).
يقول المناوي: ترى الرجل يشتري عبداً فإذا أتت عليه ستون سنة فيقول: قد طالت صحبة هذا وعتق عندنا، فترفع عنه بعضُ العبودية وتخفف عنه في ضريبته، فإذا زادت مدة صحبته زيد رفقا وعطفاً، والعبد لا يخلو من تخليط وإساءة فمولاه لطول صحبته لا يمنعه رفقه ورفده ولا يتعبه فإذا شاخ أعتقه (فيض القدير).
ذكر ابن بطوطة عن بعض النصاري أنهم يبنون (المانستار) على مثل لفظ المارستان إلا أن نونه متقدمة وراءه متأخرة، وهو عندهم شبه الزاوية عند المسلمين... فمنها المانستار الذي عمره الملك جرجيس والد ملك القسطنطينية وهو بخارج استنبول، ومنها ما نستاران يطيف بهما بيوت وأحدهما يسكنه العميان، والثاني يكسنه الشيوخ الذين لا يستطيعون الخدمة ممن بلغ الستين أو نحوها، ولكل واحد منهم كسوته ونفقته من أوقافٍ معينة لذلك، وفي داخل كل مانستار منها دويرة لتعبُّد الملك الذي بناه، وأكثر هؤلاء الملوك إذا بلغ الستين أو السبعين بني مانستاراً ولبس المسوح وهي ثياب الشعر، وقلد ولده الملك واشتغل بالعبادة حتى يموت.
ويحكي ابن بطوطة أيضاً عن أهل الصين ومبالغتهم في رعاية من كبر سنه فقال: ومن بلغ ستين سنة عدوه كالصبي فلم تجر عليه الأحكام والشيوخ بالصين يعظمون تعظيما كثيرا ويسمى أحدهم آطا ومعناه الوالد والأمير الكبير قرطي) (رحلة ابن بطوطة ).
ولما (خرج موسى عليه السلام في ستمائة ألف وعشرين ألف مقاتل كانوا لا يعدون ابن العشرين لصغره ولا ابن الستين لكبره)، قال الإمام البغوي: (ولما دنا هلاك فرعون أمر الله تعالى موسى – عليه السلام – أن يسير ببني إسرئيل من مصر ليلاً، وخرج موسى عليه السلام في ستمائة ألف وعشرين ألف مقاتل لا يعدون ابن العشرين لصغره ولا ابن الستين لكبره) (تفسير الطبري).
مختارات