" حكاية عجيبة "
" حكاية عجيبة "
قال الشيخ أبو طلحة: حكى له شيخ كبير مرة حكاية لزميله الشاعر فقال:
كان لي زميل وصديق، وما رأيته قط في حياته يعمل عملا صالحا أو يصلي الصلاة، وكان يعترف أمامي بهذا الكسل والغفلة والبعد عن الأعمال الصالحة، فلما حضره الموت أنشد بيتين فقال في البيت الأول وهو يعرق جبينه من شدة الموت ويخاطب أهله: عرق الموت قد طلع على الجبين وناصيتي فأحضروا لي المرآة يا أهل بيتي كي أنظر إلى صورتي في اللحظات الأخيرة من الحياة.
ثم بعد ذلك لما رأى ما رأى أمام عينيه وتذكر حوادث الحياة تأوه وأنشد باللغة الأوردية فقال ما معناه والله أعلم: ويا أسفي على حياتي، والله ما رأيت وما سجلت في صحيفة أعمالي شيئا من الأعمال الصالحة في حياتي هذه، للأسف الآن انتهيت من النوم والغفلة وقد فتحت عين قلبي إذ تفارق الروح الجسد، فأتاه آت وذاق الموت بعد إقراره هذا كأنه يقول: الآن حينما تنفصل الروح من الجسد عرفت أن هذه الحياة كانت لغرض خاص ولأعمال خاصة، وقد كنت في غفلة من هذا وما أعددت للآخرة شيئا، وهذا كما قال تعالى: " لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ " (سورة ق: 22).
قيل: إنها تعرض على الإنسان في الدار الآخرة ساعات أيامه ولياليه في هيئة الخزائن كل يوم وليلة أربع وعشرون خزانة بعدد ساعاتها، فيرى الساعة التي عمل فيها بطاعة الله خزانة مملوءة نورا فيفرح بذلك فرحا شديدا والتي عمل فيها بمعصية الله مملوءة ظلمة، والتي لم يعمل فيها بطاعة الله ولا معصية يجدها فارغة لا شيء فيها.
فيعظم ندمه وحسرته إذا نظر إلى الفارغة، ويتمنى لو ملأها بذكر الله جل وعلا قال تعالى: " يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ " (سورة آل عمران: 30).
مختارات