" أخي الحبيب "
" أخي الحبيب "
إن الخطايا ليست عذرًا للتحلل من الولاء للدين، ولا من العمل له، ولا من نصرته، ولا من الغيرة عليه، ولولا ذلك لما انتصر للدين منتصر، ولا قام به قائم.
نعم أيها الحبيب المحب إن الولاء للدين والغيرة عليه مسؤولية المسلم من حيث هو مسلم مهما كان فيه من تقصير ومهما قارف من إثم. ما دام له بهذا الدين سبب واصل، فما من مسلم يقف في صف المسلمين إلا ويتحمل مسؤولية في تأييد الدين ونصره: " فَالَّذِينَ آَمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ " [الأعراف: 157].
* هل تذكرت أخي أنك جزء من هذه الأمة التي يجب أن تكون في المقدمة في وقٍٍِت تتسابق فيه الأمم في صنع المستقبل؟!.
إننا في عصر ينبغي أن نقتحمه متحدين، فهل فكرت في إسهام حقيقي منك في ذلك؟!.
* هل تذكرت أخي أن دينك هذا الذي تدين الله به مستهدف بعداء مرير وكيد طويل؟!.
* واقرأ إن شئت «قادة الغرب يقولون: دمروا الإسلام أبيدوا أهله» لتقف على طرف من هذا العداء فهل فكرت وإياك في المواجهة؟!.
* هل آلمتك مجازر المسلمين ورخص دمائهم فإذا هي أرخص من ماء البحر واستهانة العالم بمدن المسلمين تباد ودولهم تبتلع في الوقت الذي تصاب فيه الدنيا بالأرق لرهينتين غربيتين؟!.
فهل تحركت فينا أخي روح الجسد الواحد؟!.
أيها الحبيب المحب..هل فتشت في نفسي وفتشت في نفسك وتساءلنا كم تبلغ مساحة الإسلام من خارطة اهتمامنا؟!.
كم نبذل للدين؟! كم نجهد للدين؟! كم نهتم للدين؟! هل هو قضية في حياتنا تتراءى لنا وتؤرقنا؟! أو قد رضينا بعبادات تحولت إلى عادات؟!.
إننا يا أخي إذا لم ننفر لهذا الدين بكليتنا فإنا – ورب البيت – نخشى أن ينالنا ذلك الوعيد الشديد الذي تكاد السموات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدّا، اسمعه في قول ربك – جل جلاله-: " إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ " [التوبة: 39].
لنعد السؤال على أنفسنا مرة أخرى:
كم يعيش الدين في حياتنا؟! كم يشغل من مساحة اهتمامنا؟!.
ثم ائذن لي يا حبيبي بكلام أكثر تفصيلاً:
* أخي.. هل أخذت يومًا كتاب الله فقرأته مستشعرًا أن الله – جل جلاله – بكبريائه وعظمته يخاطبك ويكلمك أنت العبد الصغير الذليل؟!.
أي تكريم لك ذلك التكريم العلوي؟! أي رفعة لك يرفعها هذا التنزيل؟! أي مقام يتفضل به عليك الرب الكريم؟! يوم جعلك أهلاً لتلقي خطابه.
* أخي.. هل جلست يومًا تربي نفسك بقراءة سيرة نبيك وحبيبك محمد صلى الله عليه وسلم، الذي تؤمن به وتعبد الله بشرعه، الذي تحبه والذي أحبك، واشتاق إلى لقائك.
نعم، نبيك اشتاق إلى لقائك فقال: «وددت أنا قد رأينا إخواننا قالوا: أولسنا إخوانك يا رسول الله؟! قال: أنتم أصحابي، وإخواننا الذين لم يأتوا بعد» (أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه).
فهل اشتقت إليه كما اشتاق إليك؟!.
* أخي.. هل نظرت وإياك إلى أخواننا الصالحين السابقين في الخيرات، الذين هم أكثر منا جدًا في الطاعة، ونشاطًا في الدعوة، وتوقيرًا للسنة؟! هل نظرت إليهم؟! فكيف كانت نظرتك؟! أما إني لا أتوقع منك أن تزدريهم ولا أن تخذلهم ولكن أحبهم تكن منهم «فالمرء مع من أحب» ومحبتهم تستلزم نصرتهم والذب عن أعراضهم والتعاون معهم.
* أخي.. هل بذلت جهدًا في الدعوة ولو كان قليلاً؟.
هل أهديت لقريب أو زميل شريطًا بعد أن سمعته أو كتيبًا بعد أن قرأته؟.
* أخير.. هذه المنكرات التي في مجتمعنا وقد غص بها لم تنتشر في يوم وليلة، ولكن انتشرت؛ لأن واحدًا فعل وواحد سكت وهما شريكان في انتشار ذلك المنكر.
فهل استشعرت وجوب مشاركتك في إزالة المنكر؟! وعلمت أنه لابد أن تكون مساهمًا في الإنكار.
* أخي.. إن في مجالسنا ومجتمعنا من يشوش على الناس مفاهيمهم ويلبس عليهم دينهم وينتقص أهل الصلاح منهم.
فهل وقفت منافحًا ومدافعًا بالتي هي أحسن؟!.
لأنك تعلم أن السكوت حينئذ خيانة للمبدأ، وجبن في الدفاع عن الحق الذي تعتقده.
* أخي.. لا تكتف بالتعاطف مع الأخيار الأبرار وترى ذلك فضلاً منك ولكنك تعلم أنه يجب عليك أن تكون متعاطفًا ومتعاونًا؛ لأنك تعلم أن ذلك من مسؤوليتك.
أخي وحبيبي..
تذكر رعاك الله أنك بإيمانك ذو نسب عريق ضارب في عمق الزمن، وأنك واحد من ذلك الموكب المبارك الذي يقوده ذلك الركب الطيب من أنبياء الله ورسله نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد، صلي الله عليهم وسلم: " إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ " [الأنبياء: 92] إنا نظن بك أخي أن تكون معتزًا بإيمانك، واثقًا من نفسك، باذلاً لدينك ما يمكنك بذله، داعيًا لمبدئك وقضيتك، متميزًا عن غيرك ممن لا يهتم بهذا كله، متميزًا عن السلبيين الذين نقول لهم: كفوا أذاكم عن الناس فهو صدقة منكم على أنفسكم.
* أخي.. لا أريد أن أهون الذنوب؛ فإنها إذا اجتمعت أهلكت.
لا أريد أن أهون الخطايا، فرب خطيئة كان عقابها طمس البصيرة.
ولكن أقول: ينبغي أن لا تكون الذنوب خندقًا يحاصرنا عن العمل لهذا الدين وأنت من هذا على ذكر.
أخي الحبيب..
هذا شجن من شجون، أهاتف به قلبك الطيب بنصح المحب ومحبة الناصح وإن في إيمانك ونقاء أعماقك ما يطمع فيك كل من يريد الخير لك.
مختارات