اسم الله القوي 1
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .
من أسماء الله الحسنى : ( القوي) :
أيها الأخوة الكرام ، مع اسم جديد من أسماء الله الحسنى ، والاسم اليوم " القوي " .
ورود اسم القوي في القرآن الكريم والسنة الشريفة :
سمًى الله جلّ جلاله ذاته العلية باسم " القوي " في كثير من النصوص القرآنية ، وقد ورد هذا الاسم في القرآن الكريم معرفاً بأل ، مقترناً باسم الله العزيز في موضعين ، الأول قال تعالى : " إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ " [هود:66] .
وفي موضع آخر في قوله تعالى : " اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ " [الشورى:19] .
وورد أيضاً منوناً في خمسة مواضع منها قوله تعالى : " مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ " [الحج:74] .
أما في السنة فقد ورد عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت عن يوم الخندق :
" وبعث الله عز وجل الريح على المشركين فكفى الله عز وجل المؤمنين القتال وكان الله قوياً عزيزاً " [رواه أحمد عن عائشة] .
تعريف القوي في اللغة :
أيها الأخوة " القوي " في اللغة صفة مشبهة للموصوف بالقوة ، وقد قوي ، وتقوى قوة فهو قوي ، يقال : قوى الله ضعفك أي أبدلك مكان الضعف قوة ، فالقوة نقيض الضعف ، والوهن ، والعجز ، وهي الاستعداد الذاتي ، والقدرة على الفعل ، وعدم العجز عن القيام به ، قال تعالى لسيدنا موسى ( عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام ) عن الألواح : " فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ " [الأعراف:145] .
أي خذها بقوة في دينك وحجتك ، وقال جلّ جلاله لسيدنا يحيى عليه السلام : " يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ " [مريم:12] أي بجد ، وعون من الله تعالى .
الحبّ في الله عين التوحيد والحبّ مع الله عين الشرك :
أيها الأخوة ، الله جلّ جلاله هو " القوي " بل هو " القوي " وحده ، ولا قوي سواه ، وكل قوة في الأرض مستمدة من قوة الله ، كل قوة في الأرض في الذوات والأشياء مستمدة من قوة الله تعالى ، تأييداً للمؤمنين ، أو استدراجاً لغير المؤمنين ، أو تسخيراً للجمادات ، لحكمة بالغةٍ بالغة عرفها من عرفها ، وجهلها من جهلها ، الآية الدقيقة أيها الأخوة ، يحتاجها كل واحد منا ، قال تعالى : " وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ " [البقرة:165] .
العلماء قالوا : هناك حب في الله ، وهناك حب مع الله ، الحبّ في الله عين التوحيد والحبّ مع الله عين الشرك ، والفرق كبير بينهم ، إنك تحب الله ، محبة الله هي الأصل ، من لوازم هذه المحبة أن تحبّ رسوله ، أن تحبّ أنبياءه ، أن تحبّ رسله ، أن تحبّ أصحاب النبي جميعاً ، أن تحبّ المؤمنين ، أن تحبّ أولياء الله الصالحين ، أن تحبّ زوجتك ، أن تحبّ أولادك ، أن تحبّ المساجد ، أن تحبّ كتاب الله ، أن تحبّ قراءته ، أن تحبّ تفسيره ، أن تحبّ فهمه ، هذا حبّ في الله ، هناك حبّ أصلي ، وهناك فروع لهذه المحبة ، أما الحب مع الله أن تحب جهة لا يرضى الله عنها ، لكن مصلحتك مرتبطة بها ، هذا حب مع الله ، الأول عين التوحيد ، والثاني عين الشرك ، الآن : " وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ " [البقرة:165] .
من أطاع إنساناً وعصى خالقاً أطاعه في معصية :
الإنسان لا يقول إنني أحب فلاناً كحب الله ، ليس في العالم الإسلامي من يجرؤ على أن يقول هذا ، لكن البطولة أن تكون في مستوى هذا الكلام ، الإنسان حينما يطيع إنساناً ويعصي خالقه ، إنه أحله محلّ العبادة ، أطاعه في معصية .
فالعبرة لا في الألفاظ ولكن في السلوك،لو سألت مليار وخمسمئة مليون مسلم ألا تؤمن باليوم الآخر ؟ أنا أؤكد لكم أن واحداً من بين الستة آلاف مليون،أو بين المليار والنصف بالدقة لا يقول لا،يقول نعم، لكن هل في عمل المسلمين ، أو في عمل بعض المسلمين ،أو في عمل معظم المسلمين ما يؤكد أنه مؤمن بالله واليوم الآخر؟ الذي يأكل المال الحرام جهاراً نهاراً لا يؤمن باليوم الآخر إيماناً حقيقياً ، يؤمن باليوم الآخر إيماناً شكلياً هذا التكذيب العملي خطير جداً،الذي يطيع زوجته ويعصي ربه،الذي يغش المسلمين من أجل مبالغ معينة،يراها أكبر من الله، فلذلك: " وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ " [البقرة:165] .
الله عز وجل أصل الجمال والكمال والنوال :
الآن النقطة الدقيقة : أن هذا الإنسان حينما عصى الله عز وجل لماذا ؟ من أجل بيت فخم ، من أجل امرأة جميلة ، من أجل سيارة فارهة ، من أجل منصب رفيع ، لماذا يعصي الله ؟ أُخذ بجمال هذه المرأة ، أُخذ بفخامة هذا البيت ، أُخذ بنعومة هذه المركبة ، إذاً هو الذي دفعه إلى أن يعصي الله الجمال ، وقد غاب عنه أن الجمال الحقيقي عند الله ، لأنه أصل الجمال ، وغاب عنه أن الكمال الحقيقي عند الله ، أن القوة الحقيقية عند الله ، وأنه أصل كل قوة ، والإنسان كما تعلمون مفطور على حبّ الكمال ، والجمال ، والنوال ، بين المؤمن وغير المؤمن ، المؤمن يعلم علم اليقين أن أصل الجمال ، وأصل الكمال ، وأصل النوال ، هو الله ، تعلق بالأصل وترك الفرع ، بينما غير المؤمن تعلق بالفروع ، تعلق بكائن قوي ، ونسي قوة الله ، تعلق بكائن جميل الصورة ، ونسي جمال الله ، وهكذا ، الآية " وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ " .
الله عزّ وجلّ منح الإنسان أشياء لا تعد ولا تحصى :
" وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ " [البقرة:165] .
كأن القوة هنا تعطي ملامح ثلاثة ، قوة في الجمال ، أو قوة في الكمال ، أو قوة في النوال ( العطاء ) الله المعطي ، منحك الوجود ، منحك نعمة الإيجاد .
" هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً " [الإنسان:1] .
منحك قوة الإمداد ، منحك نعمة الهدى والرشاد ، منحك عقلاً ، منحك سمعاً وبصراً ، منحك محاكمة ، منحك زوجة ، منحك أولاداً ، منحك حرفة تتكسب بها ، منحك أشياء لا تعد ولا تحصى " وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ " [البقرة:165] .
أسعد لحظات المؤمن عند لقاء ربه تعالى :
إذا أحببت ما سوى الله فالفراق حتمي
لذلك أيها الأخوة ، أرجحكم عقلاً أشدكم لله حباً ، أي شيء تحبه لابدّ من أن يفارقك ، أو أن تفارقه ، شخص يحب امرأته حباً لا حدود له ، لابدّ من أن يموت قبلها ، أو تموت قبله .
إذاً إذا أحببت ما سوى الله الفراق حتمي ، الله عز وجل حي باقٍ على الدوام لذلك الصحابة الكرام ، قرأت عنهم كثيراً ، وجدت ملمحاً خطيراً أنهم جميعاً بينهم قاسم مشترك واحد ، وهو أنهم كانوا في أسعد لحظات حياتهم عند لقاء ربهم ، والقياس هو الموت هل تستطيع أن ترى الموت تحفة ؟ أن ترى الموت عرساً ؟ .
والله الذي لا إله إلا هو واكربتاه يا أبتِ ، قال : لا كرب على أبيك بعد اليوم غداً نلقى الأحبة محمداً وصحبه .
هل يوجد حدث مستقبلي بحياتنا جميعاً أقوى من الموت ؟ هل يستطيع شخص من بني البشر بما فيهم الملوك والأنبياء أن ينجو من الموت ؟ أبداً ، أخطر حدث مستقبلي مغادرة الدنيا ، من هو العاقل ؟ من هو الذكي ؟ من هو الموفق ؟ من هو الفالح ؟ من هو الناجح ؟ الذي يتكيف مع هذه اللحظة .
الله جلّ جلاله سمًى ذاته العلية باسم " القوي " لأنه :
1 ـ موصوف بالقوة لا يغلبه غالب :
أيها الأخوة " القوي " سبحانه وتعالى هو الموصوف بالقوة ، والإنسان في أصل فطرته يعجب بالـ " القوي " أنت اجلس بمجلس ، هناك عشرة رجال ، أحدهم قوي جداً يتمتع بمنصب رفيع ، تجد الحاضرون كلهم تنعقد أبصارهم عليه ، ينظرون إليه هكذا ، يسألونه ، خطف الأبصار كلها لأنه قوي ، وهناك إنسان آخر خطف الأبصار كلها لأنه غني ، وهناك إنسان أنيق جداً ، وسيم الطلعة ، وجهه لطيف ، الناس كلهم ينظرون إليه ، الجمال ، والكمال ، والنوال يجلب الأنظار ،فكيف إذا علمت أن كل جمال في الكون مسحة من جمال الله ، وكل كمال في البشر مسحة من كمال الله ؟ شخص أعطاك مركبة ، لكن الله منحك زوجة ، منحك أولاداً ، منحك أجهزة دقيقة جداً .
لذلك الله سبحانه وتعالى موصوف بالقوة، وصاحب القدرة المطلقة، لا يغلبه غالب، وإن كان كلمة مؤلمة أحياناً : الإنسان يتعلق بالقوي ولو كان عدوه ، قوي ، أمره نافذ ، يتكلم ينفذ ، تجد حتى الدول التي تهزم من قبل الأقوياء القوي مع أنه عدو لكن ينتزع إعجاب الأفراد المهزومين ، فكيف بك إذا تعلقت بأقوى الأقوياء ، تعلقت بالـ" القوي " الحقيقي وقوته يمكن أن تنتفع بها ، أنت قوي إذا كنت مع القوي ، وأنت غني إذا كنت مع الغني وأنت عالم إذا كنت مع العالم ، وأنت حكيم إذا كنت مع الحكيم .
2 ـ قوي في فعله قادر على إتمامه :
قضية أسماء الله الحسنى أنا أرى أنها من أخطر الموضوعات في الدين ، الإنسان ضعيف ، يقوي ضعفه بالله ، يصبح قوياً ، والإنسان جاهل يلغي جهله بمعرفة الله ، الإنسان أحياناً ما عنده حكمة يكون حكيماً إذا اتصل بالله .
إذاً الله جلّ جلاله لا يغلبه غالب ، ولا يرد قضاؤه راد ، ولا يمنعه مانع ، ولا يدفعه دافع ، وهو " القوي " في فعله ، القادر على إتمام فعله ، أحياناً إنسان يبدأ لكن لا يتابع هناك عقبات كأداء حالت بينه وبين المتابعة .
3 ـ قوي في بطشه لا يعتريه ضعف أو قصور :
" القوي " في بطشه ، أحياناً إنسان طاغية يتفنن في إذلال العباد ، تأتي قدرة الله عز وجلّ فيبطش به ، ترتاح النفوس ، وسبحان من قهر عباده بالموت ، مطلق المشيئة والأمل في مملكته ، والله هو " القوي " سبحانه ، لا يعتريه ضعف أو قصور ، قيوم لا يتأثر بوهم أو فتور ، ينصر من نصره ، ويخذل من خذله .
" إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ " [محمد:7] .
هناك هدف للمسلمين الآن يفوق من أن ننتصر على أعدائنا وما أكثرهم ؟ أكبر هدف الراحة لنا أن ننتصر ، أن نستمع أننا أقوياء ، وانتصرنا ، النصر بيد الله ، وثمنه بيدنا الثمن أن ننصر الله ، أن ننصر دين الله " إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ " .
" إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ " [آل عمران:160] وإذا كان الله معك فمن عليك ، وإذا كان عليك فمن معك ، ويا رب ماذا فقد من وجدك وماذا وجد من فقدك ؟ .
4 ـ كتب الغلبة لنفسه فقط :
و " القوي " سبحانه ، الذي كتب الغلبة لنفسه فقط ، بالمناسبة : أحياناً تأتي كلمة كتب مقترنة بفعل الله ، الله عنده كتابة ؟ نحن بني البشر نكتب ، لماذا ؟ الشيء إذا موثق بالكتابة مريح ، يقول لك : معي سند ، معي موافقة خطية ، معي إيصال ، معي عقد ، الإنسان من ضعفه بحياته هناك اتفاقات شفهية ، واتفاقات كتابية ، أي اتفاق شفهي يُنكر ، أما الكتابة ثابتة ، فالله عز وجل مراعاة لعقليتنا يقول : " كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ " [الأنعام:54] اطمئن .
" كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي " [المجادلة:21] .
إذا جاءت كلمة كتب مقترنة بفعل الله عز وجل كي يطمئن عباده ، الآية : " كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي " .
هذه آيات زوال الكون أهون على الله من ألا تتحقق :
" إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ " [المجادلة:21] .
" إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا " [غافر:51] .
" إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ " [آل عمران:160] .
" وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ " [الصافات:173] .
" وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ " [الروم:47] .
والله أيها الأخوة ، هذه آيات زوال الكون أهون على الله من ألا تتحقق ، لكن الكرة في ملعبنا ، علينا أن ننصر الله حتى نستحق نصره ، أنا أعود وأقول دائماً : اللهم انصرنا على أنفسنا حتى ننتصر لك ، حتى نستحق أن تنصرنا على أعدائنا ، والحديث الشريف : " هَلْ تُنْصَرُونَ وَتُرْزَقُونَ إِلَّا بِضُعَفَائِكُمْ " [البخاري] .
إذا نصرنا الضعيف ، الفقير ، الجائع ، المظلوم ينصرنا الله عز وجل .
5 ـ موصوف بالقوة المطلقة :
" القوي " هو الكامل ، القدرة على كل شيء ، الذي لا يستولي عليه العجز في حال من الأحوال ، والموصوف بالقوة المطلقة ، قال تعالى : " مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ " [الحج:74] .
" قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَن يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَن يَطْغَىٰ (45) قَالَ لَا تَخَافَا ۖ إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَىٰ " [طه:45-46] .
أنت حينما تقول في الصلاة : سمع الله لمن حمده ، يعني أنا أسمعك يا عبدي .
" إِنَّ اللَّهَ يُمْهِلُ حَتَّى إِذَا ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ الْأَوَّلُ نَزَلَ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيَقُولُ : هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ ؟ هَلْ مِنْ تَائِبٍ ؟ هَلْ مِنْ سَائِلٍ ؟ هَلْ مِنْ دَاعٍ ؟ حَتَّى يَنْفَجِرَ الْفَجْرُ " [مسلم] .
" ولو علموا ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبواً " [البخاري] .
وأنا أبشركم : " من صلى الفجر في جماعة فهو في ذمة الله حتى يمسي ، ومن صلى العشاء في جماعة فهو في ذمة الله حتى يصبح " [أحمد] .
فإذا أدركت العشاء والفجر في المسجد في جماعة فقد أخذت ضمانة من الله في اليوم بأكمله .
6 ـ متناهٍ في القوة :
" القوي " المتناهي في القوة ، الذي تتصاغر كل قوة أمام قوته ، يعني زلزال تسونامي يساوي مليون قنبلة ذرية ، هناك جزر انزاحت ، هناك حديث طويل عن هذا الزلزال هذا مثل لقوة الله عز وجل .
يتضاءل كل عظيم عند ذكر عظمته ، الله تعالى أعطى الملائكة قوة كبيرة يستطيع الملك بها أن يقتلع الجبال ، وأن يقلب المدن ، يقول لك : سبعة رختر يعني دمر كل شيء مدينة بأكملها أصبحت : " قَاعاً صَفْصَفاً " [طه:106] .
زلزال وقع في إزميت بتركيا هناك صورة عُرضت في البي بي سي ، في الموقع بالانترنيت تلفت النظر كل شيء في المدينة أصبح ركاماً ، تفتت المدينة فتاتاً عجيباً إلا مسجداً ، ومعهداً شرعياً ، هذه الصورة تركت أثراً بالعالم ، إزميت بأكملها أصبحت ركاماً ، أحياناً يكون في قطع كبيرة ، كل هذه المدينة قطع صغيرة ، الارتفاع متر تقريباً ، إلا مسجداً معهداً شرعياً ، هذه رسالة من الله .
7 ـ له كمال القدرة والعظمة ولا يعجزه شيء :
" القوي " هو الذي له كمال القدرة والعظمة ، ولا يعجزه شيء ، قال العلماء : " القوي " غالب لا يُغلب ، يُجير ولا يُجار عليه ، فقوته فوق كل قوي ، ما قولك أن تكون مع هذا " القوي " ؟ هل تخشى أحداً ؟ هل ترتعد فرائصك ؟ إذا كنت مع " القوي " فأنت " القوي " .
من عرف الله زهد فيما سواه :
الإنسان أيها الأخوة ، يعجب بالقوة ، ويتأثر بالكمال ، وأحياناً يتطلع إلى الأقوياء ، والله سبحانه وتعالى من عظمته جلّ جلاله يجمع بين القوة وبين الكمال .
" تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ " [الرحمن:78] .
الرحيم ، الرحمن ، اللطيف ، المعطي ، الحنان ، المنان ، هذه أسماء الكمال ، القوي ، الجبار ، المنتقم من أسماء القوة ، أنت مع قوي ومع رحيم ، مع قوي ومع لطيف ، مع قوي ومع كريم .
والإنسان لا يعجب بقوي لئيم ، ولا بمحسن ضعيف ، يعجبه أن تجتمع القوة والكمال في جهة واحدة ، الله وحده في كمالاته ، وفي قوته ، ما يملأ طموح الإنسان ، لذلك من عرف الله زهد فيما سواه .
أيها الأخوة ، التدين حاجة فطرية ، حتى أتباع الديانات الأرضية ، الوضعية يلبون حاجة في نفوسهم ، الإنسان خلق ضعيفاً ليفتقر في ضعفه ، فيسعد بافتقاره ، ولو خلق قوياً لاستغنى بقوته فشقي باستغنائه ، حتى أتباع الديانات الباطلة ، الوضعية ، المختلقة ، هم يلبون حاجة لأن الإنسان خلق ضعيفاً ، لحكمة بالغةٍ بالغة أن المسلم عرف " القوي " الحقيقي ، طبعاً هناك آلهة كالشمس ، والقمر ، والحجر ، والمدر ، والبقر ، آلهة في بعض البلاد ، فالمسلم من عظمة هذا الدين أنه تعرف إلى الإله القوي الحقيقي ، الذي هو معه .
والحمد لله رب العالمين