" عواقب السمع "
" عواقب السمع "
المرء - أخي المسلم - مبتلى، وكل مسلم لا يسلم من البلاء على مر السنين، وقد يسمع من الناس ما لا يرضيه في سمعته أو في سمعة أهل بيته أو ذويه، والواجب عليه في كل الأحوال الصبر وعدم الاكتراث لما يحصل؛ لأنه ليس كل ما يقال صح خبره، إضافة إلى أن غالب ما يسمعه المرء لا يخلو من المبالغات وربما التجني على الغير، ولذا فعلى المسلم مقابلة ذلك كله بقلب كبير وصبر وحلم لا ينفذان، وحزم وثبات راسخين، وأجره عند الله تعالى كبير ولا يضيع، قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ ﴾ [الحجرات: 6].
وقال صلى الله عليه وسلم: «المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أعظم أجرا من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم» [ابن ماجة وأحمد والبيهقي].
قصة في السمع:
يُروى أن شابا يافعا من طلبة العلم المثابرين الحريصين على تحصيل العلم الشرعي المحبين له- جلس يوما يستمع لشيخ من رؤوس الضلال والبدع، متعللا بأنه إنما يستمع له ليعرف مواضع الضلال منه فيتحرز منها ويرد عليه، ولم يكن لدى الشاب العلم الكافي الذي يُمكِّنه من معرفة الشبهات والقدرة على كشفها بعد.
وفي يوم من الأيام وبينما الشاب يسمع لشيخ الضلال ذلك إذ سمع منه مسألة في الاعتقاد، وشبهة حار عقله بها وتلبست عليه، فلم يعرف كيف يردها، ومنذ ذلك اليوم صار الشاب يتنقل بين العلماء والفقهاء، ينهل من علمهم، ويسألهم فيجيبوه، ويحاول أن يقنع نفسه بما يسمع منهم من الحق، ولكن قلب ذلك الشاب كان قد تشرب بتلك الشبهة، ولم يقتنع بجواب أي من أولئك العلماء، فما كان منه إلا أن ذهب لشيخ الضلال ذلك واعتنق مذهبه المنحرف، والذي أوصله ولا شك إلى الكفر، فمات على الضلال وهو يعتنق ذلك المذهب ويدين به والعياذ بالله تعالى.
فاحذر أخي المسلم من الاستماع لما لا ينفعك ولا فائدة منه، وكم من شخص مَقَتَه الله تعالى لسماعه شيء يغضبه سبحانه، فكتب الله تعالى عليه الشقاء إلى يوم يلقاه، واعلم أن العرب كانت تقول: (رب كلمة قالت لصاحبها دعني)، وكانت تقول: (فلان أذن) أي أنه سمّاع لكل ما يقال له بلا وعي ولا بصيرة.
مختارات