أحسن عمله متى حان وقته
أبصر ما عليك الآن، وأحسن عمله متى حان وقته، فاستقبال ضيفك وإكرامه والإحسان إليه خيرٌ من عزلتك بوردك، وإقبالك على والديك طاعةً وبرًّا خيرٌ من إقامة نافلتك، وسعيك في حاجة مكروب، وتفريج همه خيرٌ من اعتكافك، وإحسانك إلى زوجك، وإيناس وحشتها خيرٌ من انفرادك بنافلة، ومذاكرة العلم وبعث الهمة بمدارسته خيرٌ من تهجدك بالأسحار..
ومتى تزاحمت تلك الأعمال قدم العبد ما كان مقتضى ذلك الوقت ووظيفته.
يقول أبو عبد الله رضي الله عنه في المدارج:
"والأفضل في وقت حضور الضيف مثلا القيام بحقه، والاشتغال به عن الورد المستحب، وكذلك في أداء حق الزوجة والأهل.
والأفضل في أوقات السحر الاشتغال بالصلاة والقرآن، والدعاء والذكر والاستغفار.
والأفضل في وقت استرشاد الطالب، وتعليم الجاهل: الإقبالُ على تعليمه والاشتغال به.
والأفضل في أوقات الأذان: ترك ما هو فيه من ورده، والاشتغال بإجابة المؤذن.
والأفضل في أوقات الصلوات الخمس الجدُّ والنصح في إيقاعها على أكمل الوجوه، والمبادرة إليها في أول الوقت، والخروج إلى الجامع، وإن بَعُد كان أفضل.
والأفضل في أوقات ضرورة المحتاج إلى المساعدة بالجاه، أو البدن، أو المال: الاشتغال بمساعدته، وإغاثة لهفته، وإيثار ذلك على أورادك وخلوتك.
والأفضل في وقت قراءة القرآن: جمعية القلب ( يعني جمع القلب وحضوره)، والهمة على تدبره وتفهمه، حتى كأن الله تعالى يخاطبك به، فتجمع قلبك على فهمه وتدبره، والعزم على تنفيذ أوامره أعظم من جمعية قلب من جاءه كتاب من السلطان على ذلك.
والأفضل في وقت الوقوف بعرفة الاجتهاد في التضرع والدعاء والذكر دون الصوم المضعف عن ذلك.
والأفضل في أيام عشر ذي الحجة: الإكثار من التعبد، لاسيما التكبير والتهليل والتحميد، فهو أفضل من الجهاد غير المتعين.
والأفضل في وقت مرض أخيك المسلم أو موته: عيادته، وحضور جنازته وتشييعه، وتقديم ذلك على خلوتك وجمعيتك"
انتهى من كلامه مختصرا وما بين قوسين مني.
وكذلك عند لقائك من تحب تأليف قلبه، وجذبه إلى أنوار القرب: التبسط معه، وإيناس قلبه، والرفق به، والتنزل له، ولو بمخالطة بعض المباح أو ما كان مرجوحا لديك، رجاءَ قطعِ وحشة قلبه ونفرة نفسه إن خاطبته بلسان العزم وعاملته بمعالي الأمور.
والله ربنا الرحمن الرحيم
مختارات