" عواقب النظر "
" عواقب النظر "
والمرء أخي المسلم مبتلى في كل حياته، وقد يقدر الله تعالى عليه أن يقع بصره على ما لا يرضيه سبحانه كعورات الناس، والواجب هنا هو صرف المسلم بصره عما شاهد من تلك الأمور، لأن فيها هتك أستار وكشف عورات لا ينبغي التطلع عليها، عن جرير بن عبد الله قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن: نظر الفجاءة، فأمرني أن أصرف بصري [مسلم]، وقال صلى الله عليه وسلم: «من رأى عورة فسترها كان كمن أحيا موؤدة» [أبو داود، والنسائي في الكبرى، وأحمد والحاكم]، وقال صلى الله عليه وسلم: «من ستر عورة أخيه المسلم ستر الله عورته يوم القيامة، ومن كشف عورة أخيه المسلم كشف الله عورته حتى يفضحه بها في بيته» [ابن ماجة وأحمد والحاكم].
ولذلك فلا ينبغي على المسلم أن يُتْبِع النظرة النظرة لما فيها من تجنٍ وإصرار يعود على الفرد بالمعصية والخسران والوبال، وكم من شخص أصر على النظر للحرام فعاقبه الله تعالى بالحرمان من الخير وإدمان الحرام، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلى: «يا علي، لا تتبع النظرة النظرة؛ فإن لك الأولى وليست لك الآخرة» [أبو داود والترمذي وأحمد والدارمي]، فالنظرة الأولى لك لأنك لم تقصدها، أما النظرة الثانية فليست لك لأنك تقصدها، فلا تحدق البصر ولا تمعن النظر ولا تنظر وتنظر وكأنك نهمان، قال الشاعر:
لا تتبع النفس الهوى ودع التعرض للمحن
إبليس حي لم يمت والعين باب للفتن
وذلك صحيح، فالعين باب الفتن الذي من خلاله تمر الضلالات والشهوات وعوالق القلب إلى القلب، فقد تستقر فيه وتتشربه فيصبح القلب عبدا لها.
قصة في النظر:
يُروى عن السلف أن شابا في مقتبل العمر كانت تظهر عليه آثار التدين والصلاح وكان مؤذنا في مسجد، وكان الإمام قد أوصاه ألا يلتفت يمينا وشمالا أثناء الأذان، وكان للشيخ مغزى من ذلك القول، ولكن الفتى لم يستمع لكلامه ولم يفطن لما قيل له، وبينما الشاب يؤذن في يوم من الأيام إذ التفت عند قوله (حي على الصلاة) فرأى بنتا من أجمل البنات على سطح البيت المجاور للمسجد، ففتن بها وتعلق قلبه بها، فقطع الأذان مباشرة ونزل إلى ذلك البيت وطرق الباب، وبلا وعي ولا إدراك وبدون أي مقدمات طلب من الفتاة الزواج، فقالت: أطلب ذلك من أبي، فلما جاء الأب طلب الشاب منه الزواج من ابنته فقال الأب: أنت مسلم ونحن قوم نصارى، فإن تنصرت زوجناك، فما كان من الشاب وبدون وعي ولا أدنى تفكير إلا أن كفر وتنصر لكي يزوجه الرجل من ابنته تلك، ولكن الموت فاجأه قبل أن ينعم بها، ومات كافرا والعياذ بالله تعالى.
فانظر أخي المسلم كيف أن النظر قد يورث الشقاء والهلكة والعياذ بالله، واحذر مقت الله تعالى، فقد يمقتك وأنت تنظر للحرام وتتلذذ به، أو وأنت تستهزئ وتسخر فلا يغفر لك أبدا، وربما كتب عليك الشقاء أبدا، نسأل الله السلامة، واعلم أن العرب كانت تقول: (رب نظرة أعقبت حسرات).
مختارات