" سعد بن معاذ رضي الله عنه وموقفه التاريخي يوم بدر "
" سعد بن معاذ رضي الله عنه وموقفه التاريخي يوم بدر "
ها هي اللحظة التاريخية التي أظهر فيها سعد إيمانه وعقيدته وولاءه فوقف موقفًا عظيمًا لنصرة هذا الدين. لما تحول الموقف يوم بدر من مجرد الحصول على العير إلى قتال بين المسلمين والمشركين أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يعرف رأي الصحابة قبل الدخول في تلك المعركة الحاسمة فاستشار أصحابه وقال: أشيروا علي أيها الناس فتكلم أبو بكر الصديق فقال وأحسن، ثم قام عمر بن الخطاب فقال وأحسن، وكذلك المقداد بن عمرو، وهؤلاء القادة الثلاثة الذين كانوا من المهاجرين، وهم أقلية في الجيش، فأحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعرف رأي قادة الأنصار، لأنهم كانوا يمثلون أغلبية الجيش، ولأن ثقل المعركة سيدور على كواهلهم، مع أن نصوص العقبة لم تكن تلزمهم بالقتال خارج ديارهم، فقال صلى الله عليه وسلم بعد سماع كلام هؤلاء القادة الثلاثة: «أشيروا علي أيها الناس» وإنما يريد الأنصار، وفطن إلى ذلك قائد الأنصار، وحامل لوائهم سعد بن معاذ، فقال: والله، لكأنك تريدنا يا رسول الله؟ قال: «أجل»، قال سعد: فقد آمنا بك، فصدقناك، وشهدنا أن ما جئت به هو الحق، وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة، فامض يا رسول الله لما أردت فو الذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك، ما تخلف منا رجل واحد، وما نكره أن تلقى بنا عدوًّا غدًا إنا لصبر في الحرب، صدق في اللقاء، ولعل الله يريك منا ما تقر به عينك، فسر بنا على بركة الله، وفي رواية: أن سعد بن معاذ قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: لعلك تخشى أن تكون الأنصار ترى حقًا عليها أن لا تنصرك إلا في ديارهم، وإني أقول عن الأنصار، وأجيب عنهم: فاظعن حيث شئت، وصل حبل من شئت، واقطع حبل من شئت،وخذ من أموالنا ما شئت، وأعطنا ما شئت، وما أخذت منا كان أحب إلينا مما تركت، وما أمرت فيه من أمر فأمرنا تبع لأمرك فو الله لئن سرت حتى تبلغ البرك من غمدان لنسيرن معك، ووالله لئن استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك، فسر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقول سعد، ونشطه ذلك ثم قال: «سيروا وأبشروا، فإن الله تعالى قد وعدني إحدى الطائفتين، والله لكأني الآن أنظر إلى مصارع القوم» (قال الهيثمي في المجمع (رواه الطبراني وإسناده حسن).
مختارات