" الحديقة الثامنة : حديقة الإصلاح بين الناس "
" الحديقة الثامنة: حديقة الإصلاح بين الناس "
" إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ " [الحجرات: 10].
أيها الأخ الموفق: النفوسُ الطيبة لا تألف الشقاق ولا تنسجم معه؛ بل تعده بيئة ملوثة بعيدة عن الصفاء، نافرة من النقاء، ولذلك فهي لا تستظل إلا بأفياء الطهر، ولا تأنس إلا بنسائم الأخوة، ولا ترتاح إلا بين مروج الحب وأزهار الود، ولذلك فإنك ترى أحدهم لا يقر له قرار حينما تعصف بالأحبة عواصف الشحناء، أو تهب عليهم ريح البغضاء، وسوف تراه كحمامة السلام لا تهجع إلا بعد أن تعيد إلى القلوب ألفتها، وإلى النفوس صفاءها، فيا برد فؤاد المصلح بين ذات البين، ويا لطيب خاطره الشفوق.
إن ثمرة هذه الحديقة مرضاة من الله وأجر عظيم، " لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا " [النساء: 114].
ابدأ صلحك بين أخويك بالدعاء أن يشرح الله قلبهما لهذا الخير، فإن الله يقول: " وَالصُّلْحُ خَيْرٌ ".
قرّب بين وجهات النظر، وقلل من شأن نقاط الاختلاف، وتودد لهما، وأخبر كل واحد منهما بمحبة أخيه له، وأنه لا يحمل في قلبه عداءً أو حقدًا عليه، ولو كان ذلك بالكذب، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فينمي خيرًا أو يقول خيرًا» [رواه البخاري].
وإصلاحك بين أخويك صدقة، فلا تنس أن تحتسب الأجر فيها، فهو سر التوفيق، ومفتاح الإصلاح، وسبيل القبول؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «كل يوم تطلع فيه الشمس تعدل بين الاثنين صدقة» [متفق عليه].
مختارات