"مقـدمـة "
" مقـدمـة "
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول اللهِ وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد: فإن من أجل مقاصد الشريعة الإسلامية – حفظ عرض الإنسان – لأن حفظه هو الطريق إلى حفظ الأنساب والمجتمعات من الأمراض والأدواء ومن أجل حفظ العرض اتخذت الشريعة اتجاهين:
الأول: اتجاه علاجي عن طريق فتح أبواب التعفف والحصانة على مصراعيها وشق الطرق المعبدة الموصلة إلى ما أحله الله.(عودة الحجاب لمحمد أحمد إسماعيل المقدم)
ومن أهم الوسائل التي نهجها الإسلام للحفاظ على الأعراض: الزجر عن الوقوع في الفاحشة، والطرق الموقعة فيها، والترغيب في الاستعفاف لوجه الله تعالى.
فلقد ورد في القرآن الكريم نصوص كثيرة تأمر بالعفة وتبين فضائلها في الدنيا والآخرة، وما قصة يوسف إلا آية باهرة تدعو المؤمن الصادق إلى سلوك طريق العفاف.. وتصبره على ما يلاقيه من عنت وتعب وفتنة في هذه الحياة الدنيا.
ولقد أمر الله جل وعلا الرجال بالعفة فقال: " وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ " [النور: 33] وأمر النساء بالعفة أيضا فقال: " وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ " [النور: 60].
وأثنى الله جل وعلا على أهل العفاف بقوله: " وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا " [الفرقان: 68-70].
وقوله تعالى: " وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ " [المؤمنون: 5-7].
وأما السنة النبوية مليئة بالأحاديث التي تنص على فضيلة العفة وتزكية أهلها، فعن سهل بن سعيد الساعدي رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من يضمن لي ما بين رجليه وما بين لحييه، أضمن له الجنة» [رواه البخاري].
والعفة من أجل الأخلاق وأسماها، وأفضل الخصال وأعلاها، ثمرها باسق، وجمالها متناسق، لا يتناهى ثوابها ولا يضاهي فضلها، ففي الصحيح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله، ورجل قلبه معلق بالمساجد، ورجلان تحابا في الله اجتمعا على ذلك وتفرقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال، فقال: إني أخاف الله رب العالمين، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه» [رواه البخاري ومسلمٍ].
فالعفيف يوم القيامة في ظل الرحمن، آمن من فتن ذلك اليوم العظيم، يوم يقوم الناس لرب العالمين، لأنه خاف الله جل وعلا حينما دعاه داعي الشهوة فخشيه وعف عن الحرام، فأحسن الله إليه يوم الفزع الأكبر، قال تعالى في الحديث القدسي: «وعزتي وجلالي لا أجمع لعبدي أمنين ولا خوفين، إن هو أمنني في الدنيا أخفته يوم أجمع عبادي، وإن هو خافني في الدنيا أمنته يوم أجمع عبادي»(رواه ابن حبان في صحيحه والبيهقي في شعب الإيمان).
فطوبى لأهل العفاف !
مستوفدين على رحل كأنهم ركب يريدون أن يمضوا وينتقلوا
عفت جوارحهم عن كل فاحشة فالصدق مذهبهم والخوف والوجل
وإليك أخي الكريم المجموعة الأولى من قصص العفيفين والعفيفات تروى أخبارهم الرفيعة وأحداثهم المثيرة.
مختارات