" عواقب الشهوة "
" عواقب الشهوة "
يقول ابن القيم رحمه الله: الصبر على الشهوة أسهل من الصبر على ما توجبه الشهوة؛ فإنها إما أن توجب ألما وعقوبة، وإما أن تقطع لذة أكمل منها وإما أن تضيع وقتا إضاعته حسرة وندامة، وإما أن تثلم عرضا توفيره أنفع للعبد، وإما أن تذهب مالا بقاؤه خير له من ذهابه، وإما أن تضع قدرا وجاها قيامه خير من وضعه، وإما أن تسلب نعمة بقاؤها ألذ من قضاء الشهوة، وإما أن تطرق لوضيع إليك طريقا لم يكن يجدها قبل ذلك، وإما أن تجلب هما وغما وحزنا لا يقارب لذة الشهوة، وإما أن تُنسي علما ذكره ألذ من نيل الشهوة، وإما أن تشمت عدوا وتحزن وليا، وإما أن تقطع الطريق على نعمة مقبلة، وإما أن تحدث عيبا يبقى صفة لا تزول؛ فإن الأعمال تورث الصفات والأخلاق.(الفوائد لابن القيم ).
وهذه العواقب كلها من سلبيات الفواحش وعلى رأسها الزنا، فإنها أعظم ما يثلم الأعراض ويهلك الدين والإيمان، ولذا ورد وعيد شديد على هذه الكبيرة العظيمة التي أطبقت الشرائع السماوية والعقول والفطر النقية على تشنيعها وتحريمها لما فيها من المفاسد العظيمة والأضرار الوخيمة على الفرد والمجتمع.
فعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في خطبته في صلاة الكسوف: «يا أمة محمد، والله إنه لا أحد أغير من الله أن يزني عبده أو تزني أمته، يا أمة محمد والله لو تعلمون ما أعلم، لضحكتم قليلا، ولبكيتم كثيرا» (رواه البخاري ومسلم).
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا ظهر الزنا والربا في قرية فقد أحلوا بأنفسهم عذاب الله» (رواه الحاكم وقال: صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي).
يقول ابن القيم رحمه الله: ومفسدة الزنا مناقضة لصلاح العالم، فإن المرأة إذا زنت أدخلت العار على أهلها وزوجها وأقاربها، ونكست رؤوسهم بين الناس، وإن حملت من الزنا، فإن قتلت ولدها جمعت بين الزنا والقتل، وإن أبقته حملته على الزوج فأدخلت على أهلها وأهله أجنبيا ليس منهم، فورثهم وليس منهم، وخلا بهم، وانتسب إليهم، وليس منهم، وأما زنا الرجل فإنه يوجب اختلاط الأنساب أيضا، وإفساد المرأة المصونة وتعرضها للتلف والفساد، ففي هذه الكبيرة خراب الدنيا والدين (روض المحبين ونزهة المشتاقين لابن القيم).
مختارات