" هذا جزاؤك يا فاجر ! "
" هذا جزاؤك يا فاجر ! "
يعاملها بقسوة، يصرخ في وجهها بل يسبها ويشتمها.
.
أعطاه الله قوة الجسم لكنه صرفها في الظلم والاستبداد بالرأي وإن كان على خطأ.
.
كانت أمه العجوز كثيرًا ما تتوسل إليه أن يخفف من حدته وجفوته وطغيانه.
.
الكل من حوله نفر منه.
.
حتى زوجه تركته بلا عودة بسبب قسوته وشدته.
كان يجعل أمه العجوز تخدمه وتقوم على شؤونه وهي من تحتاج إلى الرعاية والخدمة.
.
ما أكثر ما سال دمعها على خديها تدعو الله أن يصلح لها فلذة كبدها ويهدي قلبه.
.
كيف لا وهو وحيدها.
.
كانت تبرر عقوقه لها بسبب تحمله المسؤولية منذ الصغر ويسبب وفاة أبيه.
.
ولعل الله يهديه، لكن الطغيان معه تجاوز حده وبلغ ذروته.
.
دخل عليها ذات يوم والشر يتطاير من عينيه.
.
صرخ في وجهها.
.
ألم تعدي بعد الغداء؟! قامت العجوز بيدين ترتعشان وجسد واهن أثقلته السنون والأمراض والهموم.
.
لتعد الغداء لقرة عينها.
.
رأى الطعام لم يعجبه.
.
ألقاه على الأرض.
.
أخذ يتبرم ويتسخط.
.
أعلم أنك لا تصلحين لشيء.
.
لقد بليت بعجوز شمطاء لا أدري متى أتخلص منها.
.
تبكي الأم.
.
يا ولدي.
.
اتق الله.
.
ألا تخاف النار؟ ألا تخاف سخط الله وغضبه؟ ألا تعلم أن الله حرم العقوق؟ ألا تخشى أن أدعو الله عليك؟ استشاط غيظًا من كلماتها.
.
زاد جنونه.
.
أمسكها بتلابيب ثيابها.
.
رفعها إليه.
.
أخذ يهزها بقوة.
.
اسمعي أنا لا أريد نصائح لست أنا من يقال له اتق الله.
.
يلقي بها بعيدًا؛ تسقط الأم على وجهها.
.
يختلط بكاؤها بضحكاته الاستهتارية.
.
وهو يقول: ستدعو عليَّ! تظن أن الله سيستجيب لها.
.
يخرج من عندها وهو يستهزئ بها ويسخر من كلامها.
.
لقد تحجر قلبه.
الأم تذرف الدموع الحارة.
.
تبكي ليالي وأيامًا كابدت فيها المشقة والعناء.
.
بكت شبابها الذي أفنته في تربية ابن عاق مكابر.
أما هو فقد ركب سيارته.
.
كان مبتهجًا سعيدًا وهو يسمع تلك الأغنية ويرفع صوت المسجل عاليًا.
.
لقد نسي ما فعله بأمه المسكينة التي خلفها حزينة.
.
وحيدة يعتصر الألم قلبها ويحترق فؤادها كمدًا وحزنًا على تصرفاته الطائشة.
.
تتمنى لو لم تكن أنجبته لم تدع عليه بل اكتفت بقولها: حسبي الله ونعم الوكيل.
كان لديه رحلة إلى منطقة مجاورة.
.
وأثناء سيره في الطريق بسرعة جنونية.
.
إذ بجمل يظهر له في وسط الطريق.
.
يضطرب سيره.
.
يفقد توازنه.
.
يحاول تدارك الموقف.
.
ولكن لا مفر من القدر.
.
دخلت قطعة حديد من السيارة في أحشائه.
.
لم يمت بل أمهله الله وأصبح يتنقل من عملية إلى أخرى.
.
أصبح بعدها طريح الفراش لم يستطع الحراك.
.
ولا حتى الكلام.
.
بقي هكذا ليكون عظة وعبرة لكل من يعتبر (من الحياة، نوال بنت عبد الله).
مختارات