"قتلت ولـدي "
" قتلت ولـدي "
ولد «س» في أسرة مفككة، الأب لا هم له إلا كسب المال، وزيادة ثروته المالية بأي وسيلة كانت، والأم لا هم لها إلا الخروج، والسفر، والرحلات، لذلك كان الوفاق بين الزوجين شبه مستحيل مما أدى إلى الطلاق. ومن قسوة الأم خرجت من البيت دون أن تلقي ولو نظرة عطف، أو حنان على وليدها الصغير، بل خرجت وكأنها مسجونة فتحت لها أبواب السجن، ففرت هاربة تاركة وراءها أعز شيء على قلب الأم... ولكن هل مثل هذه تسمى أمًا؟! عاش «س» مع والده مرفهًا مدللاً، ولكن دون عناية، أو رعاية، أو تربية صالحة. التربية عند هذا الأب فقط ماذا تريد، وكم تريد؟ التربية عنده خذ... خذ دون حساب، ودون رقابة، ونما، وترعرع الولد على هذه التربية الخاطئة.
ولكي يظهر الوالد بمظهر الأب الغني الذي لا يبخل على ولده بشيء، أدخل ولده مدرسة أجنبية، ودرس (س) جميع المراحل التعليمية في هذه المدرسة، ولكن ماذا تعلم من هذه المدرسة؟ لقد عرف شرب الخمر، والمخدرات، والعلاقات المشبوهة مع فتيات ساقطات، وغاص في بؤرة الفساد إلى أذنيه، ولكن أين الأب؟ الأب مشغول بتجارته، وأعماله، وأمور أخرى، إنه يظن بتوفيره لولده المال، والخدم، والفيلا الفخمة، وإدخاله أحسن المدارس الأجنبية، يظن أن قد أدى ما عليه من مسؤولية تجاه ولده، ولكن أين الحب الأبوي أين الحنان؟ أين التوجيه والنصح والإرشاد؟ إن الولد لا يشعر بأي شيء من هذا، لذلك لما فقد حنان الأم، وعطف الأب، أخذ يبحث عنه في أماكن أخرى، فوجده ولكن أين وجده؟ لقد وجده عند معلمته الأجنبية، فألقى بنفسه بين أحضانها فوهبته جسدها، هذا الطفل الصغير الذي لم يتجاوز الخامسة عشرة الباحث عن الحب والحنان، وجده عند هذه الساقطة، وللأسف إنها معلمة!! فبئست المعلمة وبئس التعليم، وعاش معها، ولا أحد يسأل، أو يحاسب، أو يراقب، وفي الإجازة الصيفية قررت المعلمة الرحيل إلى موطنها بعد انتهاء عقدها مع المدرسة التي تعمل فيها، ولما علم (س) بذلك جن جنونه، إنه كان يبحث عن قلب حانٍ يحتويه، وروح محبة وصدر دافئ يضمه إليه كي يبثه همومه، فلم يجد هذا إلا عند هذه المعلمة الخبيثة التي استغلت حبه لها في إشباع رغباتها الحيوانية والمادية، فلقد كان يغدق عليها من الأموال، والهدايا الشيء الكثير، كان بالنسبة لها مصدرًا ماليًا كبيرًا.
وسافرت المعلمة وأحس أنه يعيش في عالم خالٍ من الحب والحنان، أحس بفراغ قاتل يطوق حياته من كل جانب، فقرر اللحاق بالمعلمة، فليس هناك ما يمنعه أو من يمنعه، أعطاه الأب ما يشاء من المال، وسافر إليها.
عاش معها في بلدها في بيتها الريفي مع أسرتها التي لا تعترض على هذه العلاقة الشائنة المحرمة، عاش معها وهي تغدق عليه من سحرها وجسدها، فزاد حبه لها وهو ابن السابعة عشرة، وهي في الثامنة والعشرين، وبعد انقضاء الإجازة عاد (س) بجسد محطم تاركًا قلبه ومشاعره عندها.
وبعد تخرجه من الثانوية طلب منه والده أن يختار أي جامعة يريد أن يدرس فيها؟ فاختار الولد جامعة في نفس البلد التي تسكن فيها المعلمة، فوافق الأب دون تردد أو اعتراض، وهكذا استمرت رحلة الضياع لهذا الشاب التائه المحطم ولكن من السبب؟ (جريدة الأنباء بتصرف).
إن كثيرًا من الآباء والأمهات في هذه السنوات يحرصون على توفير جميع لوازم العيش لأبنائهم إلا إنهم ينسون أو يهملون أهم شيء، يهملون أن يربوا أبناءهم التربية السليمة القائمة على الأخلاق الإسلامية الحميدة، التي تكون لهم حصنًا قويًا يعينهم على العيش في هذه الحياة دون أن ينحرفوا، إن توفير الملبس، والمأكل، وغيرها من الكماليات ليس كل شيء، بل أهم شيء هو الحب والدفء والحنان الأبوي الذي يلف الأسرة، ويقوي أركانها، ويشد من ترابطها، وينمي علاقاتها.
وهناك بعض الآباء الذين يحرصون أن يتعلم أبناؤهم في مدارس أجنبية، وهذا خطأ وقع فيه كثير من الناس، ففي هذه المدارس أخلاق، وعادات غريبة عن مجتمعنا، ويحرمها ديننا الإسلامي، فيكون الآباء بذلك قد وضعوا أبناءهم على طريق زلقة شائكة لا ينجو مما فيها إلا من تولاه الله برحمته (كما تدين تدان ص(265-267).
مختارات