" الامتـحــان "
" الامتـحــان "
قرب موعد الامتحان فها هي على الأبواب، الكل يجتهد ويقرأ ويصور ويدون المحاضرات إلا إحدى الأخوات فلم يكن همها الامتحان فقط، وإنما همها أكبر من ذلك فهي مرتبطة بدار لتحفيظ القرآن الكريم، ولم تكن لتقطع عنه نشاطها مهما واجهتها من ظروف ابتغاء للأجر من الله تعالى..وقد كانت الأخوات في الدار قد قررن أن يتم جمع كمية من الأغذية والملابس نهاية كل شهر؛ لكي يتم توزيعها على المحتاجين والفقراء، كانت الكثيرات منهن يتسابقن إلى تقديم أفضل ما عندهن ومنهن من تأتي بكميات كبيرة ثم يتم توزيعها بكميات مناسبة؛ لكي تكفي لأكبر عدد من الأسر، وفي كل شهر تمتلئ الدار بأنواع من الأطعمة والملابس الجديدة وغيرها مما هو بحالة جيدة، فتأخذها هذه الأخت وتوصلها إلى من يحتاجها من الفقراء الذين تبدو عليهم آثار الفاقة والحاجة.. فتراهم يتسابقون لأخذها ويرددون الدعاء والشكر.. وكم كانت تشعر بالسعادة وهي ترى الابتسامة تعلوا وجوههم الشاحبة.. لكن الوقت هذه المرة كان قاسيا وغير مناسب فهو يوافق أيام الامتحانات وأكثر المواد صعبة.. وقفت مترددة بعض الشيء وخصوصا أن الوقت الذي ستقضيه في الذهاب لإيصال هذه المواد يقارب الساعتين، وهو وقت ثمين بالنسبة لها فهي لا تملك سوى ساعات محدودة خلال ذلك اليوم وهاتين الساعتين تعني لها الكثير فهي تحتاج لكل دقيقة منها.. فخطر ببالها أن تؤجل ذلك إلى نهاية الأسبوع لكنها قاومت هذه الفكرة واستعانت بالله تعالى وتوكلت عليه، وكانت واثقة من أن الله تعالى لن يضيع جهدها فهي تسعى لرضاه. و قد قدمت ما يحبه الله تعالى على ما تحبه لنفسها من جد واجتهاد لنيل الدرجة المطلوبة..فذهبت لإيصال هذه المواد إلى مستحقيها.. وبعدها عادت إلى المنزل وقد ذهبت من الوقت أكثر من ساعتين ولم يبق لها سوى بضع ساعات، فاستعانت بالله وتوكلت عليه ودعته تعالى أن ييسر عليها المذاكرة ويبارك لها في الوقت..ومن الغد بدأ الامتحان وكان قاسيا وقد استغرق أربع ساعات بسبب صعوبة الأسئلة وطولها وقد كان يوما مرهقا.. وبعد انتهاء الامتحانات وظهور النتائج علمت بأنها قد حصلت على الدرجة الكاملة، وكانت هذه النتيجة مفاجأة كبيرة لها فإنها وإن كانت تتوقع درجة مرتفعة؛ لكنها لم تكن تتوقع أن تحصل على الدرجة الكاملة وخصوصا أن عدد الطالبات اللاتي حضرن الامتحان كان كثيرا يفوق المائة، وفيهن كثير من المجدات اللاتي يفقنها في المستوى الدراسي.. ومع ذلك لم يحصلن على الدرجة الكاملة سوى اثنتين فقط؛ هي وأخرى غيرها.. سَعدت بذلك كثيرا وشعرت أن هذه نعمة من الله تعالى ومكافأة على تقديمها ما يحبه الله تعالى على ما تحبه هي.. وحمدت الله على أن حقق لها ما أرادت وتمنت وسألته تعالى أن يتقبل أعمالها ويغفر لها ذنوبهاوأن يعينها دوما على فعل الخير.
مختارات