ما يخص العاملات في المستشفى من أحكام الزينة واللباس والحجاب
ما يخص العاملات في المستشفى من أحكام الزينة واللباس والحجاب:
فبعض منسوبات المستشفى يضعن مساحيق التجميل، وقد يكون ذلك جهلاً منهن بهذا – أثناء العمل؛ حيث أجاب العلامة ابن باز رحمه الله، بأنه إذا كان يراهن الرجال فلا يجوز لهن ذلك، أما بين النساء فلا بأس، ويجب على المرأة أن تستر وجهها عن الرجال بالنقاب ونحوه لقوله تعالى: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} [الأحزاب: 53] وقوله تعالى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آَبَائِهِنَّ أَوْ آَبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ} [النور: 31].
والزينة تشمل الوجه والرأس واليد والقدم والصدر فكل هذا من الزينة. اهـ.
ومن الزينة المنهيٍِّ عنها التطيبُ عند الخروج حيث قال رحمه الله في هذا: (المرأة يجوز لها التطيب إذا كان خروجها إلى مجمع نسائي، ولا تمر في الطريق على الرجال، أما خروجها متطيبة في الأماكن التي فيها الرجال، فلا يجوز لقوله صلى الله عليه وسلم: «أيما امرأة أصابت بخورًا، فلا تشهدن معنا العشاء» ولأحاديث أخرى وردت في ذلك، ولأن خروجها بالطيب في طريق الرجال ومجامع الرجال كالمساجد من أسباب الفتنة بها، كما يجب عليها التستر والحذر من التبرج لقوله جلا وعلا {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} [الأحزاب: 33]، ومن التبرج إظهار المفاتن والمحاسن. اهـ.. أما ما يتعلق بلباس العاملة في المستشفى؛ فالذي ينبغي على كل مسلمة الاحتشامُ في الملبس والتستر اللائق بها والابتعاد عن كل ما يدعو إلى الافتتان بها أو إيذائها من قبل أصحاب القلوب المريضة والأهواء الجامحة، ولما سئل سماحته رحمه الله عن بعض منسوبات المستشفى من طبيبات أو ممرضات أو عاملات نظافة يلبسن لباسًا ضيقًا ويكشفن عن نحورهن وسواعدهم وسوقهن، ما حكم الشرع في ذلك؟ قال رحمه الله: الواجب على الطبيبات وغيرهن من ممرضات وعاملات أن يتقين الله تعالى، وأن يلبسن لباسًا محتشمًا لا يبين معه حجم أعضائهن أو عوراتهن، بل يكون لباسًا متوسطًا لا واسعًا ولا ضيقًا ساترًا لهن سترًا شرعيًا مانعًا من أسباب الفتنة لقوله تعالى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آَبَائِهِنَّ أَوْ آَبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ} [النور: 31]. ولقوله صلى الله عليه وسلم: «المرأة عورة» وقوله: «صنفان من أهل النار لم أرهما رجال معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا»(رواه مسلم)، وهذا وعيد عظيم؛ النساء الكاسيات العاريات هن اللاتي يلبسن كسوة لا تسترهن إما بقصرها وإما لرقتها، فهن كاسيات بالاسم عاريات في الحقيقة؛ مثل أن يكشفن رؤوسهن أو صدورهن أو سيقانهن أو غير ذلك من أبدانهن، وكل هذا نوع من العري، فالواجب على الطبيبات والممرضات وغيرهن تقوى الله في ذلك وأن يكن محتشمات متسترات بعيدات عن أسباب الفتنة والله الهادي إلى سواء السبيل. اهـ..
ومن اللباس المحرم ذلك اللباس المخصص لغرفة العمليات الذي يظهر العنق والرقبة وقليلاً من الشعر الخلفي والأذنين وجانبًا من أعلى الخدين، حيث أفتت اللجنة الدائمة بأن هذا اللباس لا يكفي ولا يجوز الاقتصار عليه إذا كان يخالط العاملات بعضُ الرجال غير المحارم، وبالله التوفيق.
ومن المخالفات المنتشرة في المستشفيات ما يتعلق بصوت المرأة؛ فصوت المرأة المجرد الذي ليس معه خضوع ليس بعورة، فكون المرأة تتحدث مع الرجل بقدر الحاجة وفي الأمور التي لا فتنة فيها وبحدود الحاجة، فلا بأس، أما إن كان مصحوبًا بضحك أو مباسطة في الكلام أو بصوت فاتن، فهذا محرم لا يجوز، لقوله تعالى: {فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا} [الأحزاب: 32].
يقول فضيلة الشيخ صالح الفوزان حفظه الله في هذه الآية: (القول المعروف ما يعرفه الناس وبقدر الحاجة، أما ما زاد عن ذلك بأن كان على طريق الضحك والمباسطة أو بصوت فاتن أو غير ذلك أو أن تكشف وجهها أمامه أو ذراعيها أو كفها، فهذه كلها محرمات ومنكرات ومن أسباب الفتنة ومن أسباب الوقوع في الفاحشة، فيجب على المرأة المسلمة التي تخاف الله عز وجل أن تتقي الله وأن لا تكلم الرجال الأجانب بكلام يطمعهم فيها ويفتن قلوبهم، وإذا كلمت الرجال فلتُكَلِّمهم الكلام المعروف الذي لا فتنة فيه ولا ريبة فيه). اهـ.
وبهذا تعلمين -أختي المسلمة- أن الصوت المجرد الذي ليس معه خضوع ليس بعورة، لأن النساء كن يكلمن النبي صلى الله عليه وسلم عن أمور دينهن وهكذا كُنّ يكلمن الصحابة في حاجتهن ولم ينكر ذلك عليهن.
وهنا أود التنبيه إلى ما يقع من ارتفاع أصوات بعض الممرضات والطبيبات ومصافحتهن للرجال؛ فبعض منسوبات المستشفى تكون أصواتهن مرتفعة عندنا يتحدثن مع بعضهن أو مع زملائهن من الرجال، والبعض منهن تصافح الرجال من أطباء وغيرهم، وفي هذا يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله: (الواجب على الأطباء والطبيبات أن يراعوا أحوال المرضى والمريضات وألا ترتفع أصواتهم عندهم، ويكون الكلام بالمعروف وأن لا تخضع مع الرجل في كلامها لما فيه من المحذور المفضي إلى الفتنة والفساد)، أما المصافحة فلا يجوز أن يصافح الرجل المرأة إلا إذا كانت من محارمه، أما إذا كانت الطبيبة أو الممرضة ليست من محارمه، فلا؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إني لا أصافح النساء»، وقالت عائشة رضي الله عنها «والله ما مست يد رسول الله صلى الله عليه وسلم يد امرأة قط، ما كان يبايعهن إلا بالكلام»؛ فالمرأة لا تصافح الرجل وهو غير محرم لها، فلا تصافح الطبيب ولا المدير ولا المريض ولا غيره ممن ليسوا محرمًا لها، بل تكلمه الكلام الطيب وتسلم عليه من غير مصافحة ولا تكشَّف، فالواجب على المرأة التستر والبعد عن أسباب الفتنة، ومن أسباب الفتنة المصافحة). انتهى كلامه رحمه الله.
ومما يذكر من الأدلة في منع مصافحة الأجنبية والنهي عنها ما ورد عن معقل بن يسار رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له» وقد ذكر الشيخ عبد الله الفوزان في كتابه (زينة المرأة) تعليقًا على هذا الحديث يقول فيه: هذا الحديث دليل على أنه لا يجوز للرجل أن يمس امرأة أجنبية، وهي شريكته في الإثم إذا كانت مطاوعة، ومس البدن أبلغ في اللذة وأقوى في إثارة الغريزة وإيقاظ الشهوة من النظر بالعين، وتحريم مس المرأة أحد التدابير الوقائية التي وضعها الإسلام للحيلولة دون وقوع الفاحشة التي تفسد الفرد والمجتمع، وتقضي على العفة والطهارة وتؤدي إلى الهلاك والدمار).
وأما ما يتعلق بكشف الوجه من قبل العاملات في المستشفى، فإنه يحرم على المرأة كشف وجهها لغير محارمها، وليس هناك ضرورة لكشف الوجه في العمل بل الواجب التستر الكامل وتحري الحشمة ومن يتق الله يجعل له مخرجًا.
والمخالفات في هذا الجانب كثيرة إلا أن كل مسلمة تغار على دينها وتعرف أحكام الشريعة ومقاصدها تتنبه لهذه المخالفات، وتتجنب الوقوع فيها كي تصون عقيدتها وحياءها وحجابها، فعنوان حياء المرأة وعفتها هو تمسكها بحجابها، فالإنسان ضعيف أمام الفتنة والشهوة ولكنه يمكنه أن يستعلي على ضعفه، وأن يكون قويًا أمام الإغراء والإغواء والفتنة، ولا يكون هذا إلا بوسيلة واحدة هي أن يعوذ بالله ويلجأ إليه ويعتصم ويلتزم بشرعه ودينه، فحظ الإنسان من السعادة الحقيقة الدائمة في الآخرة هو بمقدار تمسكه في هذه الدنيا بما جاء عن ربه وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام.
مختارات