الموعظـة الرابعـة
الموعظـة الرابعـة
قال ابن الجوزي رحمه الله حاثًّا على المسابقة إلى الطاعات: «فالسعيد من وفق لاغتنام العافية، ثم يختار تحصيل الأفضل فالأفضل في زمن الاغتنام، وليعلم أن زيارة المنازل في الجنة على قدر التزيد من الفضائل ها هنا – أي في الدنيا - والعمر قصير والفضائل كثيرة؛ فليبالغ في البدار، فيا طول راحة التعب، ويا فرحة المغمون، ويا سرور المحزون، ومتى تخايل دوام اللذة في الجنة من غير منغص ولا قاطع هان عليه كل بلاء وشدة (كتاب صيد الخاطر – لابن الجوزي -.) !!.
وقال عمر بن الخطاب رضى الله عنه: «وجدنا خير عيشنا بالصبر».
وقال رضى الله عنه: «جالسوا التوابين؛ فإنهم أرق شيء أفئدة».
وقال رضى الله عنه: «لولا ثلاث ما أحببت البقاء في الدنيا: لولا أن أضع جبهتي لله كل يوم خمس مرات، أو أجلس في مجالس مع أخوةٍ لي في الله ينتقون أطايب الكلام كما ينتقى أطايب الثمر، وأن أغزو في سبيل الله عز وجل».
وقال رضى الله عنه : «الشتاء غنيمة العابدين»(كتاب حلية الأولياء – لأبي نعيم -).
وقال الحسن البصري رحمه الله: «أيها الناس، إن الله سبحانه لم يجعل لأعمالكم أجلاً دون الموت، فعليكم بالمداومة على الطاعات؛ فإنه جل ثناؤه يقول: }وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ{ [الحجر: 99]، وإنكم أصبحتم في أجل منقوص، وعمل محصى محروس، والموت فوق رؤوسكم، والنار بين أيديكم»(كتاب الزهد – للحسن البصري -). وقد قال رحمه الله: «المؤمن يصبح حزينًا ويمسي حزينًا، ولا يسعه إلا ذلك! لأنه بين مخافتين: بين ذنب قد مضى لا يدري ما الله يصنع فيه، وبين أجل قد بقي لا يدري ما يصيبه فيه من المهالك»(كتاب الزهد – للحسن البصري -).
وقال العبد الصالح شقيق البلخي رحمه الله: «علامة التوبة: البكاء على ما سلف والخوف من الوقوع في الذنب، وهجران إخوان السوء، وملازمة الأخيار»(كتاب سير أعلام النبلاء – للذهبي -).
وكان الصحابي الجليل شداد بن أوس الأنصاري رضى الله عنه إذا أوى إلى فراشه يتقلب على الفراش، كما تتقلب الحبة في المُقلى!! لا يأتيه النوم، فكان يقول: اللهم إن خوف النار قد أذهب عني النوم!! ثم يقوم فيصلي إلى الفجر (كتاب إقامة الحجة – للكنوي -) !!
قال وهيب بن الورد: بينما امرأة في الطواف ذات يوم وهي تقول وتناجي مولاها: يا رب، ذهبت اللذات وبقيت التبعات!! يا رب: سبحانك! وعزتك إنك لأرحم الراحمين، يا رب أما لك عقوبة إلا النار؟! ثم بكت واستعبرت!! فقالت لها صاحبتها يا أخية: قد دخلت بيت ربك اليوم، فأملي خيرًا. فقالت: والله ما أرى هاتين القدمين – وأشارت إلى قدميها، أهلاً للطواف حول بيت ربي! فكيف أراهما أهلاً لأن أطأ بهما بيت ربي!! وقد علمت إلى أين مشتا؟!! ثم بكت (كتاب محاسبة النفس – لابن أبي الدنيا).
أخي: قف وقوف المنكسرين، وتبتل تبتل المعتذرين، واستشعر الخضوع، واستجلب الدموع، واحتل واحذر سهم الغضب أن يصيب المقتل، وقل: كم أذنبت ذنبًا فسترت، وكم جنيت جناية فنظرت؛ فبالحلم والكرم إلا غفرت (كتاب التبصرة – لابن الجوزي -.) !!.
مختارات