شرح دعاء "اللهم إني أعوذ بك من الجوع؛ فإنه بئس الضجيع، وأعوذ بك من الخيانة؛ فإنها بئست البطانة "
اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْجُوعِ؛ فَإِنَّهُ بِئْسَ الضَّجِيعُ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْخِيَانَةِ؛ فَإِنَّهَا بِئْسَتِ الْبِطَانَةُ)([1]).
قوله: (اللَّهم إني أعوذ بك من الجوع): فيه استعاذة من ألم الجوع، وشدة مصابرته؛ فإن الجوع يضعف القوى، ويشوش الدماغ، فيثير أفكاراً رديئة، وخيالات فاسدة، فيخل بوظائف العبادات، والمراقبات، ويثير الغضب، وسوء الخلق.
قوله: (فإنه بئس الضجيع): أي المضاجع، أي النائم معي في الفراش الواحد، فلما كان يلازم صاحبه في المضجع سُمي ضجيعاً، وقوله: (بئس) لأنه يمنع استراحة البدن، وخُصّ الضجيع بالجوع لينبه على أن المراد الجوع الذي يلازم الليل والنهار.
قوله: (وأعوذ بك من الخيانة): وهي مخالفة الحق بنقض العهد في السر، وهي تشمل الخيانة بين العبد والعبد، وتشمل الخيانة بين العبد وربه تعالى، فهي شاملة لجميع التكاليف الشرعية التي أمر اللَّه عز وجل [بها]، قال اللَّه تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ"([2]).
قوله: (فإنها بئس البطانة): هي خلاف الظهارة، واستعيرت لمن يخصه الرجل بالاطلاع على باطن أمره، فلما كانت الخيانة أمراً يبطنه الإنسان ويُسرّه، ولا يُظهره سُميت بطانة([3])
([1]) أخرجه أبو داود، كتاب الوتر، باب في الاستعاذة، برقم 1547، والنسائي، كتاب الاستعاذة، باب الاستعاذة من الجوع، برقم 5483، وفي السنن الكبرى، 4/ 452، برقم 7851، وابن ماجه، كتاب الأطعمة، باب التعوذ من الجوع، برقم 3354، وابن حبان،
3/ 304، والحاكم، 1/ 534، وأبو يعلى، 11/ 297، وعبد الرزاق، 10/ 440، وابن أبي شيبة، 10/ 187، وحسنه الألباني في صحيح أبي داود، 2/ 91، وصحيح ابن ماجه،
2/ 238، وصحيح النسائي، 3/1112.
([2]) سورة الأنفال، الآية: 27.
([3]) فيض القدير، 2/ 123، 150.
مختارات