دماجٌ تستغيث
لم يتزحزح يقيني يوماً أن دعوة الرفض، والمد الصفوي الذي نراه يهددنا ليلا ونهارا، إنما هي دعوة فارسية شركية ممسوخة من بقايا المجوسية واليهودية والنصرانية، وتتلبس في كل حين بالإسلام وأنها من الأمة الاسلامية، وتدعوا في كل لحظة بأهمية جمع الكلمة ولم شمل الأمة، تلك الأمة التي ما فتئت الدعوة الصفوية تنحر فيها كل ما بزغ لها نجم أو امتلكت قوة، فإذا ما استيقضنا من نومنا على غدرة من غدراتها، رفعت شعارها المعروف، بأهمية لم الشمل، وبأنها عدوة اسرائيل ! هذا الشعار الذي يرددونه ليل نهار كلما فطنا لبعض مخططاتهم، يرددونه ليتعاطف معهم الغافلون من المؤمنين، ويغضوا الطرف عن مخططاتهم وأهدافهم.
اليوم ليس هو أول حدث ولا ثانيه ولا ثالثه، نرى الفرقة الحوثية الفارسية تعيث فسادا في أرض الطهر والعز والشموخ، في بلاد اليمن، الطائفة الحوثية الغادرة، التي خدرت بعضنا حين حربها مع الجيش اليمني، ثم حربها مع الجيش السعودي، يوم كانت ترفع شعار الله والقدس وتسقط أمريكا وإسرائيل زعموا !
ياترى ماهي أمريكا وإسرائيل التي يعنونها؟ هل كان الشيخ مقبل الوادعي رحمه الله أمريكياً مثلا؟ وهل طلابه من نسل يهود؟ هل هذه إسرائيل التي يريدون القضاء عليها؟ وأي رب هو ربهم الذي رفعوا اسمه في تلك الحرب؟ أم أنها شياطينهم القابعة في طهران وقم وكربلاء؟
إنهم لا يرقبون في مؤمن إلاً ولا ذمةً، يرضوننا بأفواههم وتأبى قلوبهم، وإلا فأهل السنة المحصورين الان من هذه الزمرة الظالمة، لم يكونوا يوماً بجوار السياسة فضلا عن يخوضوا غمارها، ولم يرفعوا يوماً سلاحا أو يحدثوا حدثاً، وما عرفناهم إلا مع الكتاب والمحبرة، منكفئين على أنفسهم بعيدين عن ما يحاك في العالم من حولهم !
فما كان ذنبهم إذا؟ وما هو جرمهم؟ وهل نافسوا يوما على سلطة كان الحوثي ينافس عليها؟ كلا ولكنه الحقد الدفين، الذي أبى أن يموت من حين سقوط دولة المجوس على يومنا هذا، ما يحصل من حصار للالاف من أهل السنة ما بين شيخ وطالب علم واطفال ونساء، أمر ينبيك عن مدى الحقد الدفين الذي اُشرِبته قلوب هؤلاء المجرمين.
ترى هذا الفعل من قوم، لم يمض على أخذهم الفرصة إلا أياما معدودة، فتشعر بمدى ما يحملون في قلوبهم على أمة لا إله الا الله محمد رسول الله، حقد لا ترى له شبيها إلا في الحملات الصليبية.
هنا يستعيد شريط الذكريات، مقالات وكتابات أضاع فيها بعض قومنا اعمارهم، ليوهمونا بأن ما يجري بيننا وبين إيران وأذنابها، إنما هو شأن سياسي لا شأن له بالعقيدة من بعيد ولا قريب، في معركة التحليل السياسي والعقدي التي جرت قبل سنين، وهؤلاء الكُتاب - مع الأسف - أسهموا في تخدير الكثير من المتابعين، وإشعارهم أن القضية قضية سياسية لا عقدية، واليوم نرى الحقيقة التي حاولوا يوما ان يخفوها واجتهدوا في ذلك ظناً منهم أنهم يسيرون في الطريق الصحيح، إنه الشعور بالعظمة والفهم لدى بعضهم، ذلك الشعور الذي اورد امتنا المهالك من جراء قراءة من انسان ناقص، آخر ما يتلفت إليه الوحي الواضح، والتاريخ الذي لم يفتا يحدثنا في كل لحظة من لحظات ضعف الامة، عن حقيقة هؤلاء الروافض، وتجنيهم على الاسلام بتحريفه، وعلى المسلمين بقتلهم، وانهاك دولتهم، وموالاة عدوهم، والتاريخ موجود، ولسنا هنا في سرد حقيقتهم، فالشواهد الحاضرة تغني عن مؤلفات من كتب التاريخ.
وإن تعجب فاعجب من بعض أهل اليمن أنفسهم، من المنتمين إلى جماعة الإخوان، حينما يتعامون عن ما يعيشه إخوانهم في دماج وكأن الموضوع لا يعنيهم، وهذا ليس بمستغرب عليهم – مع تقديرنا لتضحيات جماعة الاخوان وما قدموه في سبيل – الاسلام هو الحل – ولكنهم في قضية الروافض بالذات، خذلونا كثيرا، من حين تأسيس الجماعة، على يد الشهيد حسن البنا إلى يومنا هذا، بداية بتصفيقهم لثورة الخميني، وتسميتها خلافة إسلامية، والتشنيع على من وقف ضدها، ومرورا بفترة الحرب بين الجيش السعودي والمعتدي الحوثي، حينما اصدروا بيانا يطالبون فيه الحكومة السعودية بالتوقف عن حرب الحوثيين، واليوم نراهم لا يزالون يسيرون في نفس الطريق في التعامل مع ما تتعرض له الانفس المعصومة والمكلومة في دماج نصرها الله على عبدة الطاغوت.
ويدخل في هذا ما نراه من تصرفات مخزية لقناة الجزيرة، التي لم تعطي الموضوع حقه، وهي التي تغنى بها بعض البسطاء في أشهر مضت، وعندما قيل لهم على رسلكم فهي قناة مسيسةً أيضا لم يلتفتوا واتهمونا بكل تهمة مزرية من عمالة وضعف، فما بالها اليوم تغض الطرف عن ما يحدث وتتكلم على استحياء؟ أم أن المعادلة ببساطة:- قناة الجزيرة لم تكن متحمسة مع أي ثورة او مشكلة ضد دولة فيها بعض اذيال إيران، ليس لشيء إلا لأن – الجماعة التي تُسير قناة الجزيرة – لا زالت في حالة غير واضحة مع إيران وحلفائها، والجزيرة تسير في ركبها !
وصنف آخر من الناس لم يلتفت كثيرا لاهل دماج زاعما أنهم كانوا يوما يصدرون الفتاوى بدعم الرئيس اليمني السابق ويفتون بعدم الخروج عليه، وهذا يبقى اجتهاد لا يعني باي حال من الاحوال ان ننساهم في محنتهم ولا نلتفت إليهم، بل ربما كانت فتواهم أصح وأصدق، استنادا لما يعيشونه اليوم بعد رحيل الرئيس السابق من خوف وتنكيل وذبح وحصار، ولا ناصر لهم إلا الله – ونعم بالله –
أيها العقلاء:- مالغرابة في الأمر؟ وهل جربنا من هؤلاء الشرذمة يوما من الأيام عدلا أو مودة أو رحمة؟ إنهم يتعبدون الله بدماء أهل السنة، هذا هو الموضوع باختصار بعيدا عن السفسطة والفلسفة والقراءات المتانية والحوارات الفكرية.
أيها الغيورون أدركوا إخوانكم من اهل السنة في دماج وغيرها، قبل أن تقع المذبحة ونحن في غفلة، أعطوهم من دعواتكم وصلواتكم وأموالكم وكل ما تستطيعونه، يا أهل المكانة من اهل العلم والسياسة لا تنسوا إخواننا المستضعفين المحصورين بغير ذنب فعلوه من هبة مضرية تعيد المسخ على جحره، مضى زمن الغفلة واصبح الأمر واضحا لكل غافل فضلا عن مطلع بان الدور سيصلنا إن غضضنا الطرف عن ما يحدث الآن من قومٍ دم السني عندهم اشهى من العسل.
وهم رغم ما لديهم من عدة وعتاد من أجبن الناس لو وجدوا أمامهم من يوقفهم، وكسرى هلك ولا كسرى بعده، وهذا كلام محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم وأنّى ثم أنّى له أن يُخطئ، إنما هم فقاعة فاضوا عليها قبل أن تحصل الكارثة، ويُقتل إخواننا ونحن في المشهد.
اللهم ارفع الغمة، عن أهل السنة في دماج وانصرهم على عدوهم بنصرٍ وتمكينٍ من عندك، اللهم إن فيهم من قضى وقته في قراءة كتابك وسنة نبيك، وفيهم النساء والأطفال، وهم في عزلة وضعف وفقر وظلم، فارفع عنهم برحمتك واقتل عدوهم بقوتك وعظمتك يا قوي يا عزيز،
اللهم انصر المستضعفين من المسلمين على الطواغيت الذين قتلوهم واستباحوهم في كل مكان يا قوي يا عزيز.
مختارات