يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
الطرائق إلى الخالق بعدد أنفاس الخلائق:
أيها الأخوة الكرام، مع درس جديد من دروس يا أيها الذين آمنوا آية اليوم:
﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ(35) ﴾
(سورة المائدة)
أحياناً يكون ملك بيده مقاليد البلاد، الثروات كلها بيده، والوظائف كلها بيده، والمشروعات كلها بيده، وهناك إنسان في أمس الحاجة إلى عمل جراحي، أو إلى وظيفة، أو إلى بيت، ليس من طريق إلى هذا البيت، لا يوجد طريق أبداً، شيء آخر إنسان متألق قليلاً ليس لك طريق إليه هاتفه مغلق، يعتذر عن أي اجتماع، يعتذر عن أي لقاء، هذا شأن البشر، فما شأن خالق البشر؟ قالوا الطرائق إلى الخالق بعدد أنفاس الخلائق، وهذا معنى هذه الآية:
﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ (35) ﴾
(سورة المائدة)
وأنت في البيت قمت فصليت إليه، شعرت براحة لا توصف، وأنت في البيت أعنت زوجتك شعرت بسعادة لا توصف، لأن الله قَبِل هذا العمل وكافأك عليه سكينة تسعد بها ولو فقدت كل شيء وتشقى بفقدها ولو ملكت كل شيء.
الوسائل التي تقرب الإنسان إلى الله عز وجل لا تعد ولا تحصى:
أيها الأخوة الوسائل إلى الله عز وجل لا تعد ولا تحصى، جاءت هنا مفردة لأنها اسم جنس، اسم الجنس لا يجمع، إذاً:
﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ (35) ﴾
(سورة المائدة)
إذا أديت العبادات التي فرضت عليك فأداء هذه العبادات وسيلة، إذا أطعمت هرة هذا العمل وسيلة، إذا سقيت كلباً، امرأة بغي سقت كلباً كاد يأكل الثرى من العطش فغفر الله لها، الطرائق إلى الخالق بعدد أنفاس الخلائق، تبدأ من البيت، وفي الطريق لو أمطت الأذى عن المسلمين في الطريق قبِل الله هذا العمل وكافأك عليه، لو ربيت أولادك، لو نصحت المسلمين، لو أديت الواجبات بالتمام والكمال وكنت أباً كاملاً، لو كنت زوجاً وفياً، لو كنت موظفاً مخلصاً، لو كنت تاجراً صدوقاً، لو كنت معلماً ناصحاً، لو كنت طبيباً مخلصاً، محامياً صادقاً، الطرائق إلى الخالق بعدد أنفاس الخلائق.
﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ (35) ﴾
(سورة المائدة)
حجم الإنسان عند ربه مرتبط بحجم عمله الصالح:
لو ذهبت لأعدد لكم أنواع الوسائل التي تقربنا إلى الله عز وجل والله لا تعد ولا تحصى يكفي هذا القول الذي قاله ابن القيم: الطرائق إلى الخالق بعدد أنفاس الخلائق.
إنسان يبني مسجداً، إنسان يهيئ لهذا المسجد الأثاث، إنسان يدعو إلى الله، إنسان ينشئ ميتماً، إنسان ينشئ معهداً شرعياً، إنسان ينشئ مستشفى، إنسان يرعى الأرامل، إنسان يهتم بالأيتام، إنسان يتكلم الصدق، إنسان ينصح، إنسان يسلك إلى الله، الطرائق إلى الخالق بعدد أنفاس الخلائق، الله عز وجل ينتظرنا:
﴿ وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ﴾
(سورة القصص)
أنا للتقريب أضرب هذا المثل كثيراً: أقل أقل رتبة في الجيش جندي غر التحق بالخدمة الإلزامية، ولا يحمل شهادة، أعلى مرتبة بعد قائد الجيش قائد فرقة ثلاثة ألوية لواء أركان حرب، في جيوش العالم هذا الجندي الغر لا يستطيع أن يقابل هذا اللواء، الطرق مسدودة، يعبر عن هذه الطرق المسدودة أنك ينبغي أن تسلك طريق التسلسل أمامه سبعة، عريف سبعتين، وثمانية، وثمانيتين، ونجمة، ونجمتين، وتاج ونجمتين، لواء، لكن يقابله بحالة واحدة إن رأى ابن هذا اللواء يسبح فكاد يغرق فألقى بنفسه وأنقذه، يقابله فوراً من دون إذن، من دون تسلسل، من دون قواعد، ويقف له، ويرحب به، ويعانقه، ويجلسه إلى جانبه، ويأتيه بالضيافة، اسمعوا الآية:
﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا (110) ﴾
(سورة الكهف)
صحبة الصالحين أحد أكبر الوسائل التي تقرب الإنسان من الله عز وجل:
والله الذي لا إله إلا هو الأعمال الصالحة المتاحة لكل واحد منا لا تعد ولا تحصى، تبدأ من بيتك، من معاملتك لزوجتك، من معاملتك لأولادك، من معاملتك لهرة في البيت أطعمتها، تكون في الطريق من غض البصر من النصح لكل مسلم، من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، تأتي إلى عملك تنصح المواطنين إذا كنت موظفاً، لا تضع العصي في العجلات من أجل أن تبتز أموالهم، تخدمهم، وتتقرب إلى الله بخدمتهم، تيسر لهم السبل، المعلم في صفه، الطبيب في عيادته، المهندس في مكتبه، التاجر في محله، المزارع في حقله، الطرائق إلى الخالق بعدد أنفاس الخلائق.
لكن بعضهم قال صحبة الصالحين أحد أكبر هذه الوسائل، الإنسان ابن بيئته، ابن محيطه، ابن مجتمعه، ابن أصدقائه، من هنا قال الله عز وجل:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾
(سورة التوبة)
كونوا معهم، قال تعالى
﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ﴾
(سورة الكهف)
الأعمال الصالحة لا تعد و لا تحصى:
مرة أمشي في طريق على الطرف الآخر مؤسسة استهلاكية، رأيت رجلاً تبدو عليه ملامح الفقر قد اشترى ثلاجة صغيرة ويبحث عن سيارة لنقلها إلى البيت، وأنا أعلم علم اليقين أن هذه الثلاجة لو وضعت بشكل أفقي في السيارة فلما وصل إلى البيت لو أدار مفتاحها لاحترق المحرك لأن الزيت يكون قد اتجه إلى مكان آخر، فانتقلت من رصيف إلى رصيف قلت له بعد أن تصل بها إلى البيت انتظر أربع ساعات ثم أدر مفتاح التشغيل فشكرني، كلفني هذا العمل أن أخطو عشر خطوات من مكان إلى آخر، والله الذي لا إله إلا هو يمكن أن تفعل كل دقيقة عملاً صالحاً إما بنصيحة، أو بتوجيه ملاحظة، أو بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أو أن تميط الأذى عن الطريق، أو أن ترشد الضال إلى هدفه، أو أن تمسح على رأس يتيم، أو أن تزور أختك في طرف المدينة، أخوتك الآخرون لا يزورونها زرتها في بيتها جبرت خاطرها، رحبت بك أمام زوجها اعتزت بهذه الزيارة، والله الذي لا إله إلا هو يمكن أن نفعل ملايين الأعمال الصالحة والله مع أصعب الظروف لو أن الدنيا كلها تحارب الدين بإمكانك أن تفعل مليون عمل إسلامي.
الله موجود ولا إله إلا الله وبالتعبير الدارج لا يوجد إلا الله، الله كبير ومعك، فلذلك
﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ (35) ﴾
(سورة المائدة)
من عمل صالحاً شعر بقرب من الله تعالى و بأن الله يحميه و يؤيده:
من هذه الوسائل صحبة الصالحين، كن مع المؤمنين، الجو إيماني، الأخوة الكرام أطهار، صادقون، يحبون الله، عندهم حياء، عندهم خجل، ترتاح معهم، تأنس بهم، تتحمس في علاقاتك معهم، تجلس معهم، تتمنى أن تكون من المتفوقين في عمل الآخرة، تجلس معهم، تتألق نفسك في معرفة الله، أولياء أمتي إذا رؤوا ذكر الله بهم.
أيها الأخوة، الحديث القدسي:
(من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب)
[البخاري عن أبي هريرة]
أنا كنت مدرساً ومدرستي في مركز المدينة، وعلى طريقي رجل علم يعطي ساعات في هذه المدرسة، زيّه إسلامي كامل جبة وعمامة، فكنت آخذه إلى المدرسة أفتح له الباب أمام الطلاب كي يعرفوا قيمته، هذا عمل، يمكن أن تعمل آلاف الأعمال كل يوم وتتألق مع الله، وتشعر بالقرب، وتشعر أن الله معك، أن الله يحبك، أن الله يوفقك، أن الله يدعمك، أن الله يحفظك، أن الله يؤيدك، أن الله يحميك:
﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ (35) ﴾
(سورة المائدة)
دخلت إلى البيت سلمت على أهل البيت، حملت أولادك واحداً واحداً، قبلتهم، عمل صالح، سلمت على زوجتك، شكرت لها نظافة البيت وإعداد الطعام وسيلة، الطرائق إلى الخالق بعدد أنفاس الخلائق، لذلك الحديث القدسي الذي أخرجه الإمام البخاري دققوا:
(من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب)
[البخاري عن أبي هريرة]
من كان في خندق يعادي الحق فهو من الطرف الآخر:
كلمة حرب استخدمت مرتين، مرة في القرآن الكريم لمن يأكل الربا:
﴿ فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ ﴾
(سورة البقرة الآية: 279)
ومرة في هذا الحديث القدسي الصحيح:
(من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب)
[البخاري عن أبي هريرة]
بالحرب، إذا كان الله عز وجل هو الذي يحاربك تصور قال تعالى:
﴿ إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا ﴾
(سورة التحريم الآية: 4)
يعني أصغيتما:
﴿ وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ(4)﴾
(سورة التحريم الآية: 4)
امرأتان شابتان من زوجات النبي عليه الصلاة والسلام أيعقل أن يقول الله لهما:
﴿ إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ(4) ﴾
(سورة التحريم الآية: 4)
ما معنى هذه الآية؟ يعني إذا كنت في خندق يعادي الحق اعلم من هو الطرف الآخر:
(من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب وما تقرب إليّ عبدي بشيء أحبّ إليّ من أداء ما افترضته عليه)
[البخاري عن أبي هريرة]
أكبر وسيلة تصل بها إلى الله عز وجل أن تؤدي العبادات:
أدِّ العبادات تكن أعبد الناس، يعني الآن أكبر وسيلة تصل بها إلى الله أن تؤدي العبادات، أن تؤدي الصلوات، أن تصوم رمضان، أن تعتمر، أن تحج البيت، وأن تؤدي زكاة مالك، الآن دققوا:
(وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل)
[البخاري عن أبي هريرة]
تارة يصلي قيام الليل، تارة يقرأ القرآن، تارة يغض بصره عن محارم الله، تارة ينصح أخوانه الصادقين، تارة يحضر درس علم، تارة يقرأ كتاباً، تارة يطعم فقيراً، تارة يرعى يتيماً، تارة يتبرع لبناء مسجد:
(وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه)
[البخاري عن أبي هريرة]
وإذا أحبك الله أنت تستغني بهذا الحب عن كل شيء:
(ابن آدم اطلبني تجدني فإذا وجدتني وجدت كل شيء، وإن فتك فاتك كل شيء وأنا أحبّ إليك من كل شيء)
[مختصر تفسير ابن كثير]
فَلَيتَكَ تَحلو و الحَياةُ مَريــرَةٌ وَلَيتَكَ تَرضى وَالأَنامُ غِضـابُ وَلَيتَ الَّذي بَيني وَبَينَكَ عامِـرٌ وَبَيني وَبَينَ العـالَمينَ خَرابُ
وليت شرابي مـن ودادك سائغ وشربي من ماء الفرات سراب
إذا صحّ منك الوصل فالكل هين وكل الـذي فوق التراب تراب
***
من أحبه الله عز وجل استغنى بحبه عن كل شيء:
(وما يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به)
[البخاري عن أبي هريرة]
لا يقبل كلاماً لا يرضي الله، لا يجلس في مجلس فيه سخط الله، لا يسمع إلا شيئاً وفق منهج الله:
(كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به)
[البخاري عن أبي هريرة]
رأى بيتاً غير معقول مئة وثمانين مليوناً يسكنه تاجر مخدرات، يحتقر هذا البيت ويحتقر صاحبه، يرى بنور الله، يدخل على إنسان موظف بسيط بيته أربعين متراً، شمالي فيه رطوبة عالية، لكن صاحب البيت إنسان مستقيم مؤمن، ماله حلال، يربي أولاده، يحترم من في هذا البيت الصغير ويحتقر من يسكن هذا البيت الكبير، يرى بنور الله، كان النبي عليه الصلاة والسلام إذا نظر إلى شيء من مباهج الدنيا يقول:
(اللّهُمّ لاَ عَيْشَ إِلاّ عَيْشَ الآخرة)
[متفق عليه عن سهل بن سعد]
الآن هناك ترف، هناك مركبات، طائرات، يجب أن تعمل جاكوزي بالطيارة 380، تعمل حمام مع جاكوزي بالطيارة، فالطيارة عبارة عن مدينة تطير في الهواء، ترف ما بعده ترف، كان النبي عليه الصلاة والسلام يقول:
(اللّهُمّ لاَ عَيْشَ إِلاّ عَيْشَ الآخرة فَاغْفِرْ لِلأَنْصَارِ وَالمُهَاجِرَةِ)
[متفق عليه عن سهل بن سعد]
من أصبح محبوباً عند الله عز وجل غدا مستجاب الدعوة:
(كنت سمعه الذي يسمع به)
[البخاري عن أبي هريرة]
لا يقبل خبراً يتناقض مع وحي الله، لا يقبل أفكار اليأس، أفكار الخنوع، أفكار الاستسلام، أفكار ما في أمل، أفكار انتهينا، أفكار الغرب أحكم السيطرة علينا أبداً:
﴿ وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴾
(سورة آل عمران)
لا يسمع إلا كلاماً يؤكد ثقته بالله ثقته بالنصر:
(كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به)
[البخاري عن أبي هريرة]
يرى بعين الله، يرى إنساناً فقيراً لكنه مستقيم يحترمه، ويبجله، ويكرمه، ويرى إنساناً بنى ثروته على أنقاض الناس، بنى عزه على ذلهم، بنى غناه على فقرهم، لا يعبأ به، من جلس إلى غني فتضعضع له ذهب ثلثا دينه:
(ويده التي يبطش بها)
[البخاري عن أبي هريرة]
هذه اليد لا تتحرك إلا وفق الحق:
(ورجله التي يمشي بها)
[البخاري عن أبي هريرة]
هاتان الرجلان إلى أين تقودان صاحبهما؟ إلى الجوامع، إلى بيوت الله، إلى طلب العلم، إلى العمل الصالح، إلى خدمة الخلق، إلى إصلاح ذات البين، إلى صلة الأرحام، إلى إطعام الفقراء، الآن بعد أن صار هذا العبد عند الله محبوباً اسمع النتائج:
(وإن سألني لأعطينه)
[البخاري عن أبي هريرة]
يغدو مستجاب الدعوة:
(ولئن استعاذني لأعيذنه، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن يكره الموت وأنا أكره مساءته)
وا كربتاه يا أبتِ، قال: لا كرب على أبيك بعد اليوم، غداً نلقى الأحبة محمداً وصحبه. إن لم يكن الموت عرس لك وجنة لك ففي الإيمان ضعف:
﴿ وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ (158) فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ (159) ﴾
(سورة آل عمران)
أداء العبادات إنفاق المال صحبة الصالحين والأعمال الصالحة وسائل للتقرب من الخالق:
والله كنت في تركيا وقرأت كتاباً عن كمال أتاتورك، يبدو أنه وضع عالماً في السجن لأنه أصدر كتاباً يحرم تقليد الكافرين في الثياب، هو ألزم الناس بالثياب العلمانية غير الإسلامية، وضع مؤلف الكتاب في السجن قصة طويلة تأثرت بها كثيراً، هذا بدأ يكتب مذكرة، هو أخذ رخصة في تأليف الكتاب قبل إصدار القرار من كمال أتاتورك، وأخذ رخصة في طبعه، وترخيص في تداوله، ليس له ذنب، يكتب هذه المذكرة يقول زميله في السجن: إنه مرة استيقظ بحالة تفوق حدّ الخيال من الفرح والسرور، تألق ما عهده منه، وأمسك بالأوراق الثمانين التي كتبها خلال شهر ومزقها، لما فعلت هذا؟ قال له رأيت النبي عليه الصلاة والسلام وقال لي أنت غداً ضيفننا ثاني يوم قتل، على الشبكية قتل أما بحسب ما رأى النبي عليه الصلاة والسلام دخل إلى جنة عرضها السماوات والأرض.
أيها الأخوة:
﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ (35) ﴾
(سورة المائدة)
إذا كنت صادقاً هل أحد يعترض عليك؟ إذا ربيت أولادك تربية إيمانية هل أحد يعترض عليك؟ إذا حجبت بناتك، إذا كنت صادقاً في بيعك وشرائك، إذا نصحت المسلمين من يعترض عليك؟ الذي يطلبه الله منك لا أحد يحاسبك عليه بل جميع الناس يمدحونك به:
﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ (35) ﴾
(سورة المائدة)
أداء العبادات وسيلة، إنفاق المال وسيلة، صحبة الصالحين وسيلة، الأعمال الصالحة وسيلة، خدمة الخلق وسيلة:
﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ (35) ﴾
(سورة المائدة)
والحمد لله رب العالمين
مختارات